يواصل قائد النظام العسكري عبدالفتاح السيسي في خطابة العاطفي المصطنع التي يستدرج به اتباعه والغير مدركين بمستجدات الجانب السياسي والاقتصادي في البلاد، حيث أنه تم رصد عدد مرات بكاء السيسي خلال لقاءاته، والتي بلغت الخمس مرات هذا العام ، مما يُثبت أن ذلك الديكتاتور العاطفي أخذ من البكاء وسيلة لإستعطاف بعض المصريين، رغم القتل والاعتقال والتصفية الجسدية والقتل البطئ بالإهمال الطبي على يد نظامه . وكانت أخر مشاهد بكاء السيسي، الخميس الماضي ، أثناء كلمة لفتاة إيزيدية تدعى "لمياء حجي بشار" في منتدى شباب العالم لذي استضافته مدينة شرم الشيخ، والتي روت تفاصيل الاعتداء عليها من جانب مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعد أن تم أسرها وبيعها في سوق للعبيد في سوريا. وبكى السيسي أيضًا في اكتربو الماضي ، وأثناء افتتاح مركز للمؤتمرات بالقاهرة، خلال سماعه حديث زوجة أحد ضحايا القوات المسلحة الذي قتل في سيناء عن تضحيات زوجها. وفي مارس بكى السيسي ، أثناء لقاءه والدة أحد ضحايا الجيش أثناء تكريم الأمهات المثاليات في الاحتفال بيوم المرأة المصرية. وفي فبراير بكى السيسي خلال ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، عندما ألقت والدة أحد ضحايا الجيش الذي لقي مصرعه في شمال سيناء كلمة و بكت على فقدان نجلها، فبكى السيسي تعاطفا معها. وفي شهر يناير الماضي ، بكى السيسي خلال كلمته أثناء افتتاح توسعات جديدة بشركة النصر للكيماويات الوسيطة، عندما هتف أحد الحضور "بنحبك يا ريس" فتظاهر السيسي بأنه لم يتمالك نفسه من التأثر بهذا الهتاف وبكى أمام الكاميرا. ودائمًا ما يبكي السيسي، خلال لقاءات عدة على ضحايا كوارث مؤيديه، متجاهلًا القتلى والمصابين والمعتقلين والمختفين قسريًا على يد نظامه وأذرعة الأمنية، ولم يبكي السيسي على أكثر من 2000 متظاهر تم قتلهم في 14 اغسطس 2013 ، أثناء فض أمن الانقلاب العسكري لاعتصام رابعة العدوية ، في أكبر مجزرة ضد المدنيين في تاريخ مصر الحديث. وخلال سنتين من بعد الفض لم يوقف نظام السيسي عمليات القتل وفض التظاهرات الغاضبة على قتل الآلاف في اعتصام رابعة، فقتل المئات في تظاهرات "رمسيس 1 /2 /3" وتظاهرات الدقي في ذكرى اكتوبر الاولى من بعد فض الاعتصام، ومئات التظاهرات في مصر وعدة محافظات التي وقع فيها المئات من القتلى والمئات من المصابين . أين بكاء السيسي على قتلى الإهمال الطبي في المعتقلات !
وفي سياسة جديدة لقمع وقتل المعارضين لنظام عبدالفتاح السيسي، انتهجت قوات الأمن "الإهمال الطبي" لقتل المئات من المعتقلين، في خطوة لإسكات صوت الحق الصادع داخل المعتقلا، حيث أن منظمة حقوقية كشفت في سبتمبر الماضي أن 617 مصريًا قتلوا داخل السجون والمعتقلات بسبب سياسة الإهمال الطبي . وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن هناك 617 محتجزًا قتلوا داخل المعتقلات منهم 513 شخصا لقوا حتفهم نتيجة الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز، وانهيار منظومة القضاء، التي لم تقم بالإفراج صحيا عن أي معتقل كان يمكن علاجه لو نقل إلى مشفى مجهز لتلقي العلاج اللازم. وألقت المنظمة الضوء على واقعة وفاة المرشد العام السابق للإخوان المسلمين، محمد مهدي عاكف، الذي وافقته المنية الجمعة داخل محبسه، بعد معاناة لسنوات من "الإهمال الطبي داخل السجون المصرية على الرغم من كبر سنه، يكشف عن توحش النظام المصري، وتعمده قتل معارضيه، باحتجازهم في ظروف غير آدمية؛ لإشاعة الخوف في المجتمع المصري، وكسر إرادة المعارضين". وقالت إن "ما يقوم به النظام المصري منذ الثالث من يوليو 2013 من هجوم واسع النطاق على المعارضين، أيا كانت انتماءاتهم، مستخدما أساليب مختلفة، منها القتل، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والإهمال الطبي، يعدّ جريمة ضد الإنسانية، وفق ما نصت عليه المادة السابعة من اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية". ونوهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إلى خطورة بيئة السجون المصرية على الأصحاء منهم والمرضى، حيث تتعمد السلطات المصرية عدم توفير العلاج للأمراض البسيطة التي تتفاقم لتصبح خطيرة تهدد حياة المعتقل. من أين الطريق لبكاء السيسي عن التصفية الجسدية للمعتقلين
وفي تطور لسياسات قمع المعارضين للنظام العسكري ، انتهجت الأجهزة الأمنية سياسة"التصفية الجسدية" في الكثير من حالات اعتقال المواطنين حيث أن مؤخرًا وثقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان 157 حالة تصفية جسدية لمواطنين خارج إطار القانون، خلال الفترة من يوليو 2013 وحتى يوليو 2017، بينما وثق مركز "دفتر أحوال" البحثي المستقل في مجال العلوم الاجتماعية، 21 واقعة تصفية جسدية من قبل قوات الأمن ، أسفرت عن مقتل 45 شخصاً، وفقا لرصد شمل كافة المحافظات عدا محافظتي شمال وجنوب سيناء. وتُعد سياسة التصفية الجسدية، ظاهرة جديدة لأدوات قمع أجهزة الأمن للمعارضين، تنامت منذ يوليو 2013 إذ تمت عملية التصفية في كافة الحالات الموثقة من قبل المنظمة العربية باستخدام الرصاص الحي عدا 4 حالات فقط “سقطت من مكان مرتفع أثناء محاولتهم الهروب. سجل عدد من منظمات المجتمع المدني في مصر عشرات الحالات من التصفية الجسدية خلال العام الماضي. وقالت هذه المنظمات إن معظم المستهدفين كانوا من الاسلاميين ، وبثت " بي بي سي" تقريرا لها، في 19 فبراير 2016، يعرض لحالات تصفية جسدية سجلتها منظمات المجتمع المدني. واعتبرت منظمة هيومان رايتس مونيتور التصفية الجسدية انتهاكًا واضحًا لجميع القوانين والدساتير ومعاهدات حقوق الإنسان التي تنص جميعها على حماية الأرواح والحفاظ على الحق في الحياة. وقالت المنظمة في تقرير لها إن السلطات المصرية تخالف أبسط حقوق المواطنين كما تنص المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الحق في الحياة وأنه حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا، وكذلك نص المادة 9 التي تؤكد على أن لكل فرد حق الأمان على شخصه وحياته، تلك الجريمة يجب محاسبة كافة المتورطين فيها لانها تعد من جرائم القتل العمد خارج إطار القانون. وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن مئات المصريين المُلاحقين على خلفية معارضة السلطات معرضون لخطر القتل بالتصفية الجسدية في أي وقت دون أي فرصة للتمتع بحقوقهم الأساسية وفي مقدمتها الحق في الحياة.
أين المعتقلين من بكاء السيسي ؟ وفي تقارير حقوقية, أكدت ازدياد اعداد السجون عمومًا في عهد عبدالفتاح السيسي، كما يرصد زيادة عدد المعتقلين السياسيين ليبلغ 60 ألفا، مقابل 46 ألف سجين جنائي. ويربط التقرير بين إنشاء سجون جديدة ورفع طاقتها الاستيعابية لتّتسع للآلاف عوضاً عن المئات في كل سجن، وبين تزايد أعداد المحبوسين احتياطيًا وطول فترة احتجازهم، والتي بلغت ثلاث سنوات في بعض القضايا مثل "فض اعتصام رابعة العدوية". تلفت "الشبكة العربية" إلى أن عدد السجون قبل ثورة يناير 2011، بلغ 43 سجنًا رئيسيًا، بالإضافة إلى 122 سجنًا مركزيًا، و320 قسم ومركز شرطة، كانت تستخدم كأماكن للاحتجاز أيضًا بقرار من وزير الداخلية. ومنذ ثورة يناير، ازداد عدد السجون في مصر بواقع 19 سجناً جديداً صدرت قرارات بإنشائها وافتتح بعضها بالفعل؛ منها 16 سجنا جديدا تقرّر إنشائها خلال الفترة بين منتصف 2013 و2016 من إجمالي السجون الجديدة. بينما أكد تقرير منظمة العفو الدولية في 3 يوليو 2014، إنه خلال عام تم اعتقال نحو 40 ألف شخص، حسب أرقام غير رسمية، أو 16 ألف شخص، حسب الأرقام الرسمية. وبحسب تقرير أعدته مجموعة "ويكي ثورة" البحثية شهدت الفترة من 3 يوليو 2013 إلى 15 مايو2014 اعتقال 41,164 شخصاً .