مازالت ردود الأفعال تتوالي، ردًا على قيام السلطات الفرنسية، بشكل غير رسمي، رفض توريد أى أسلحة إلى نظام العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي، بجانب تجميد عقود عسكرية آخري، تخطت مبلغ ال 3.5 مليار دولار، وذلك أثناء زيارته إلي باريس. وأظهرت صحيفة "لاتريبيون" الفرنسية، سبب ذلك إلي أن التقاير الاقتصادية التي أجرتها الحكومة الفرنسية عن مصر، تشير إلي دخول مصر نفق مظلم فى هذا الشأن، مما يجعلها متعثرة فى الدفع. وقالت الصحيفة الاثنين الماضي؛ أن قرار الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بتجميد الصفقة التي تبلغ قيمتها نحو 3.2 مليارات يورو (حوالي 65 مليار جنيه مصري)؛ تم أثناء زيارة السيسي لباريس هذا الأسبوع، مرجعة السبب إلى خوف باريس من عجز القاهرة عن الدفع إثر طلب السيسي تسهيلات بالسداد. وأكدت الصحيفة أن تجميد الصفقة التي يتم التفاوض عليها منذ عام، وتشمل اثنين من الطرادات البحرية إلى جانب طائرات رفال، لا علاقة له بما يوجه إلى نظام السيسي من اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان. وفي عام 2015، اشترت مصر 24 مقاتلة من طراز رافال الفرنسية لتحديث أسطولها الجوي، كما قامت بدعم قواتها البحرية بشراء فرقاطتين بحريتين من طراز "قويند" و"فريم"، وصواريخ جو جو من طراز "إم بي دي إيه"، في صفقات تاريخية من حيث قيمتها المادية؛ التي بلغت نحو 6.83 مليارات دولار، بضمان الحكومة الفرنسية لقروض بلغت 60 في المئة من قيمة الصفقة. وبينما تسير خطوات التفاوض حول الصفقة بين الجانبين، وضعت مؤسسات اقتصادية فرنسية معدل نمو للاقتصاد المصري الذي يعاني من العجز بشدة؛ في تصنيف متدن، على الرغم من وفاء القاهرة بالتزاماتها المالية تجاه الصفقات العسكرية السابقة. وكان ماكرون قد استقبل السيسي بحفاوة بالغة، أثناء زيارته لفرنسا التي بدأت الاثنين وانتهت الخميس، متغاضيا عن ملف مصر في حقوق الإنسان، بقوله في مؤتمر صحفي مع السيسي إنه (السيسي) "أدرى بظروف بلاده" و"لن أعطي دروسا لأحد". وفي تعليقه على الخبر، قال الإعلامي عماد البحيري عبر "فيسبوك": "غير مفهوم؛ إلغاء صفقة الرافال لعدم قدرة مصر على السداد والسيسي في فرنسا"، معتبرا ذلك "إهانة له على عكس ما ظهر من ترحيب ماكرون به بباريس". من جانبه، اعتبر الأكاديمي المصري يحيى القزاز، أن صفقة الرافال التي تم تجميدها؛ ما هي إلا رشوة من السيسي لماكرون للصمت على ملف حقوق الإنسان، قائلا عبر صفحته في "فيسبوك": "السيسي مؤسس نظرية (الرشا للصمت وغض الطرف) يشتري بها الأفراد يمنحهم امتيازات ويشتري بها الدول بشراء معدات عسكرية باهظة الثمن"، مضيفا: "إنها الرشوة المقنعة". وأشار تقرير لمعهد أبحاث استكهولم للسلام؛ لارتفاع واردات الأسلحة فى مصر بنسبة 37 في المئة في عام 2015، في حين صنف تقرير الشفافية الدولية؛ مصر بين الدول العربية الأعلى فسادا في صفقات التسلح والدفاع، في ظل ما يقال عن استفادة مسؤولي النظام من هذه الصفقات. من جانبه، قال السياسي، ياسر حسانين: "لا يخفى على أحد، وبينهم فرنسا، المأزق الذي يعيشه نظام السيسي من تدن وتدهور اقتصادي، فضلا عن حاجته لاعتماد أوراقه لفترة رئاسية مغتصبة جديدة، لا يملك أمامها إلا الوهم يسوقه إعلام مرتزق ومقهور أيضا". وأضاف: "إن صحت أنباء إلغاء صفقة شراء الرافال الثانية، فأرى أن الإدارة الفرنسية تدرك جيدا أن السيسي ونظامه فاقدان للشرعية، وأنه يستمد شرعيته من آلة البطش العسكرية، لذا فإن كثيرا من المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان وضعت باريس في حرج بسبب الصدام بين قبولها واقعا مصريا منافيا ومنتهكا لحقوق الإنسان؛ وشعارات ترفعها الدولة الفرنسية"، وفق قوله. أما الأستاذ المشارك لدى جامعة تيناغا ناسيونال بماليزيا، محمد حافظ، فقد أكد أن قرار تجميد فرنسا صفقة الرافال ليس له أي علاقة بملف حقوق الإنسان في مصر، وأوضح أن فرنسا لا يهمها غير بيع طائراتها؛ قائلا إن "مفتاح قلب فرنسا" يمر عبر طائرة الرافال. وأشار حافظ، إلى أن "تجميد باريس صفقة بيع 12 طائرة للقاهرة، وفي وقت كان السيسي فيه لا زال لم يغادر أرض فرنسا بعد، له مغزى اقتصادي ودلالة هامة، وهي أن اقتصاد مصر أصبح داخل نفق مظلم"، على حد وصفه. وأوضحأنه "مع ارتفاع الدين العام للدولة المصرية، ليقارب 78 مليار دولار أمريكي، وارتفاع قيمة الدين الوطني (داخلي وخارجي) ليفوق إجمالي الإنتاج القومي للدولة المصرية، فإن إقراض البنوك الفرنسية مليارات إضافية للسيسي لشراء طائرات رافال؛ يعني بلغة الاقتصاد أن معامل المخاطرة في هذا القرض عال جدا". وأكد حافظ أن هذا يدل بشكل غير مباشر على اقتراب الاقتصاد المصري من "حافة اللاعودة والانهيار في بئر الإفلاس"، موضحا أن "رفض الحكومة الفرنسية بيع الطائرات الرافال الخردة للسيسي بسبب التقييم العالمي للاقتصاد المصري؛ يجعل إقراض مصر أو البيع لها نوعا من المخاطرة الكبرى واحتمالية عدم السداد، وذلك بعد وصول الدين العام للدولة المصرية لأعلى من إجمالي الإنتاج القومي للبلاد خلال عام 2017"، كما قال. وأشار إلى أنه في عام 2016؛ وصل حجم الدين العام لقرابة 92.6 في المئة من إجمالي الإنتاج القومي، ومن المتوقع مع نهاية عام 2017 أن يصل إجمالي الدين العام للدولة المصرية إلى أعلى من إجمالي الإنتاج القومي بقرابة 5 إلى 7 في المئة. وأضاف حافظ أنه مع زيادة إقتراض السيسي من الخارج والداخل ب"شراهة"، ومع تناقص حجم الإنتاج القومي للدولة المصرية بسبب إغلاق آلاف الصناعات الصغيرة والمتوسطة أبوابها بسبب تعويم الجنيه نهاية العام الماضي، "فمن المنتظر أن يحمل المستقبل القريب للدولة المصرية العديد من الفاعليات الاقتصادية التي تمهد بسرعة فائقة الطريق لإفلاس الدولة المصرية"، وفق تقديره.