اللغة العربية أول لغة في البشرية وهي في اللوح المحفوظ مكة العاصمة الروحية للمسلمين حتى يوم الدين الكتابة نشأت في مصر وبلاد الرافدين
(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..) سنعود فيما بعد لتوضيح معنى الدور القيادي لمصر، ولكن دعونا نستكمل الآن أركان النظرية. وما هي الحكمة الالهية في وضع هذا المستطيل (الشرق الأوسط) في بؤرة مجريات الصراع العالمي بين الأديان والحضارات والقوميات؟ كما ذكرنا لم يكن من قبيل السهو والخطأ (حاشا لله) ألا يذكر القرآن مكانا أو اسما لنبي خارج المستطيل، ومن الخطأ أن يتصور أحد أن هذا بسبب ان التاريخ كان هكذا وأن هذه المنطقة كانت فعلاً مهد الحضارات. ولكن القرآن ليس كتاب تاريخ، ولابد أن هذا التركيز يؤشر ويشير للمستقبل وهناك دلائل واضحة وصريحة في القرآن الكريم على هذا، أما الدلالة العظمى فكانت في بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من هذا المكان القفر الذي يبدو أنه موجود خارج الحضارات وخارج التاريخ وهذه من معجزات بعثة سيدنا محمد أي خروجها وانبعاثها من هذا المكان في قلب الصحراء، الدلالة العظمى في ان بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة، وهكذا سينقطع وحي السماء، وسينتهي هذا المسلسل الجميل من إرسال الرسل والأنبياء لإرشاد البشر بين فترة وأخرى. وسيأتي معه بالطبعة النهائية للكتب السماوية (القرآن الكريم) الذي يهيمن على ما سبقه من كتب، بل من حكمة الله أن هذه الكتب بعضها اندثر تماماً وما تبقى منها محرف باعتراف أصحاب هذه الديانات. المهم أن الله سبحانه وتعالى أرسل هذا الدستور المشفوع بسنة محمد صلى الله عليه وسلم ليكون دستور البشر لقرون لا نعرف عددها حتى يوم القيامة. إذن هذا "الدليل النهائي" نزل في مكةوالمدينة وتم حفظه وتجميعه مع الشروحات العملية للسنة النبوية وسيرتها العطرة. ثم تم نسخه يدوياً وتوزيعه على الأمصار في عهد عثمان رضي الله عنه، ثم التحق نشر القرآن والأحاديث وما نتج عنهما من فقه واسع متجدد في شتى مناحي الحياة بكل وسائل الطباعة الحديثة. ولكن الدفعة الأولى خرجت من هنا من صدور رجال لا مثيل لهم ثم أضيفت بؤر أخرى لمكةوالمدينة، في البصرة والكوفة وبغداد ودمشق والقاهرة في المستطيل الشرق أوسطي. ولكن ليس معنى الوصول للمطبعة أن مركز الاشعاع الأول فقد أهميته. فقد ظل مثلاً عمل أهل المدينة أحد مصادر الفقه. لا يزال هنا مركز بلاد الناطقين بالضاد والمتعمقين والفاهمين أكثر لأسرار اللغة العربية وهي لغة القرآن. ويقول الشيخ محمد الغزالي: { لقد كان للعرب فضل أنهم حملوا الاسلام إلى العالم وبلغوه بشجاعة وبسالة فائقتين. ويجب ان نثني على العرب لأنهم صانوا بدقة وبلغوا بأمانة وقدموا أرواحهم فدى لما يعتقدون}. ولكنهم عندما قصروا {فلم ينهضوا بنشر اللغة ولم يبذلوا جهداً يذكر في شرح قواعدها وآدابها للآخرين اضطر الأعاجم إلى النهوض بهذا العبء، فكانوا علماء النحو والصرف والبلاغة بفنونها الثلاثة: المعاني والبيان والبديع}. {مشكلات في طريق الحياة الاسلامية- نهضة مصر- الطبعة السادسة- 2004} ولنذكر سيبويه الأعجمي الذي اصبح علماً على النحو واللغة العربية. فالمسألة اذن ليست طائفية أو عرقية، والعروبة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هي اللسان). وحتى هؤلاء لابد أن يأتوا إلى هنا (المستطيل) ويستخرجون من خزان المعلومات والمعرفة. أي ستظل منطقة العروبة الشرق أوسطية هي مركز الاشعاع. كما أن العرب إذا تخاذلوا في مرحلة يعودون للصحوة من جديد في مجال اللغة وغيرها. ويلجأ المفسرون للقرآن للأشعار الجاهلية لمعرفة أسرار اللغة العربية واستخداماتها ليحلوا بعض الاشكاليات اللغوية في تفسير القرآن الكريم. ولكن فضل اللغة العربية على العرب انها جعلتهم جميعاً مرشحين للتحول إلى دعاة لنشر الدين خلال الجهاد لنشر الاسلام، فهم يحفظون القرآن الكريم وهذا يفتح عليهم بابا واسعاً للتعليم الديني، وكانت كتاتيب تحفيظ القرآن أو حلقات القرآن نظاماً شاملاً لكل النشئ والشباب. وكان هذا في المرحلة الأولى من النظام التعليمي، ويأتي بعد ذلك دور المساجد وحلقات الفقهاء حتى تأسيس المدارس والجامعات الاسلامية، ومهما تقلبت الأمور سيظل الخزان العربي هو مادة استراتيجية وعمق استراتيجي للاسلام (قال عمر بن الخطاب.. ان العرب هم مادة الاسلام) العربي يستطيع أن يفتح القرآن وكتب التفسير والأحاديث وكل كتب الفقه ويقرأ وفقا لاستطاعته. أما المواطن الأعجمي الذي لم يتقن اللغة العربية فسيظل هناك حاجز بينه وبين التعمق في الدين إلا عبر رجل الدين الأعجمي مثله أو من خلال الكتب المترجمة والتي لا يمكن أن تغطي كل الانتاج الصادر باللغة العربية. ومعظم الجمهور لا يقرأ الكتب، أما المواطن العربي فهو يسمع ويقرأ القرآن ويتفاعل معه بسهولة. إذن جاءت الرسالة الخاتمة باللغة العربية وانطلقت من مكةوالمدينة وهذا يعني أن المستقبل للغة العربية لأن المستقبل للاسلام (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أي ليعليه لا ليلغي باقي الأديان. وعندما نزل القرآن الكريم لم يكن يتحدث العربية إلا أهل الجزيرة وأطراف من الشام والعراق. والان فإن اللغة العربية يتحدث بها مئات الملايين وهي لغة معترف بها من الأممالمتحدة وفقا لعدد المتحدثين بها. ثم نشير إلى الزاوية الأهم فإن هذه الرسالة الخاتمة هي أول وآخر رسالة موجهة للعالمين. فقد كانت الرسل والأنبياء تأتي لأقوام محددة بينما جاء القرآن الكريم حديثا للبشرية جمعاء، لطالما استخدم القرآن تعبير (يا أيها الناس) وهذا ما أكده الرسول صلى الله عليه وسلم أنه الرسول الوحيد الذي أرسله الله للناس كافة. وهذا يعني أيضا أن مركز الاشعاع الروحي، الكعبة- مكة- المدينة (قبر رسول الله ومدينته) ورموز أخرى كثيرة. ورغم الأخطاء المروعة التي ارتكبها الأمويون ومن بعدهم الوهابيون (في العهد السعودي) من هدم كثير من الرموز التي كانت الأمة ستتعلم منها، كحجرات الرسول عليه الصلاة والسلام كي يرى المسلمون تقشفه وزهده، وبيت السيدة خديجة في مكة. رغم هذا الهدم المغلوط فإنهم لم يتمكنوا من هدم غار حراء أو غار ثور أو مكان موقعة بدر ولم يتمكنوا من هدم جبل أحد!! وهي الآن مزارات للمسلمين وتظل مناسك الحج والعمرة هي الأهم للمسلمين، فهي من أركان العقيدة، وهي أحب عمل لكل مسلم وهي الغسيل الروحي الحقيقي، وهي الفرصة العظمى للعودة كما ولدتك أمك مبرءاً من الذنوب. حول الكعبة الآن تجمع مليوني لا ينقطع طول العام حتى لقد أصبح لمس الحجر الأسود صعبا للغاية حتى في العمرات في أوقات غير الحج، فهناك على الأقل عشرات أو مئات الآلاف تحيط بالكعبة دائما. بل كما ذكرنا ففي كل نقطة على الكرة الأرضية يتحلق المسلمون حول الكعبة من على البعد في اتجاه القبلة 5 مرات يوميا. إذن ستظل مكة هي القطب المغناطيسي لجموع المسلمين أبد الدهر. وستظل دراسة السيرة النبوية التي جرت في هذه البقاع وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم جزءاً لا يتجزأ من العقيدة والايمان. بل كثير من آيات القرآن الكريم تدور في نفس المواقع والأماكن مما يزيد تعلق قلوب المؤمنين بها. ونعود إلى اللغة العربية فقد ذكرت منذ قليل كلمة تبدو عجيبة (ان المستقبل للغة العربية) في وقت تعاني اللغة العربية من اعتداءات سافرة من أهلها الذين أصيبوا بالتبعية، ففضلوا عليها استخدام اللغات الأجنبية، وأهملوا تعليمها حتى لم يعد هناك مسئول كبير أو سياسي كبير يجيد الحديث الصحيح باللغة العربية (كان الملك الحسن ملك المغرب الراحل ربما آخر المتحدثين باللغة العربية الصحيحة وقد كان من تربية أبيه الوطني العظيم محمد الخامس) والاعلام يقود الجهل باللغة العربية (ربما حالتنا في مصر هي الأسوأ) والانترنت والفيس بوك يبدو أنه يخوض معركته النهائية للقضاء على اللغة العربية. وأنا أقول أن هذه أمراض طارئة عارضة وستتجاوزها الأمة بعد حين، فالمستقبل للاسلام وهو الذي سيعيد للعربية وضعها ومجدها من جديد. المستقبل للاسلام رغم أخطاء وخطايا الحركة الاسلامية، فمن ناحية لا يوجد دين يمكن أن ينافس الاسلام في اتساقه وصفاء التوحيد وشمولية نظرته الاقتصادية- الاجتماعية- الأخلاقية. والحركات الاسلامية التي لا تنجح في تمثل هذا الدين وتحسن التعبير عنه كما هو الحال في مصر ومعظم بلاد العرب فستأتي حركات جديدة ترفع راية الاسلام وتجيد عرضه- دون تبذل ومساومات رخيصة- وتجيد الدفاع عنه بشرف وأمانة وليس تعصباً لأي تنظيم أو جماعة. ثقتي وايماني بالله تجعلني أثق تماماً في أن المستقبل سيظل للاسلام رغم الانعطافات السيئة الراهنة. ومن ناحية أخرى فإن المستقبل للاسلام- عقلانيا- لأن كل النظريات التي قد نافسته في القرنين الأخيرين وعلى رأسها الرأسمالية والشيوعية قد تهاوت من عل إلى سفوح الجبال، ولا تبدو أي نظريات بديلة حتى اللحظة تظهر في الأفق يمكن أن تمثل منافساً أو بديلاً، لقد حاولوا تقديم طبعات أكثر تطورا للرأسمالية فتحدثوا عن "النظام العالمي الجديد" ثم "العولمة" ومرة يتحدثون عن عصر التكنولوجيا، والعصر الرقمي والالكتروني، وكل هذه فقاقيع في مجال تقديم نظريات جديدة، ولكنها طبعا تقدم جديداً في مجال التقدم المادي ولابد أن نستفيد منها وندرس كل جديد عندهم. وفي النهاية فانني أتحدث عن عقيدتي "المستقبل للاسلام"، لذا فإن الصحوة الاسلامية المتجددة ستعيد للغة العربية مكانتها وستعود لتصبح من جديد اللغة الأولى ولكن هذا مرهون بدخولنا عصر العلم والابتكار والتكنولوجيا وهذا لا يحدث حتى الآن إلا في (ماليزيا- ايران- تركيا) وفي مراحله الأولى ومن الطريف انها كلها بلاد غير عربية! لقد أصابني الدوار (لا أستطيع أن أخفي) وأنا أقرأ بحثاً علمياً غربياً موثقاً يؤكد أن اللغة العربية (التي سماها اللغة العربية القديمة) هي أقدم لغة في العالم وأنها كانت طبعا في الشرق الأوسط. وان كل ما نسمع عنه من لغات قديمة كالكنعانية والكلدانية والآشورية والعبرية هي تفرعات وتحويرات وتحريفات عنها بين شعوب المنطقة. ثم ان الراحل الكبير الطاهر مكي كانت له دراسة في هذا الموضوع وان اللغة العربية هي اللغة الأولى للبشرية!! وهذا يفسر أن كلمات كثيرة متشابهة بين كل لغات العالم القديمة والحديثة!! ويقول علماء اللغة المتخصصون ان اللغة العربية هي الأكثر ثراء في العالم من حيث توافر المترادفات بل وكثرة الكلمات التي تعبر عن تلاوين شتى واختلافات طفيفة في الأحوال والأشكال، ويقول هؤلاء العلماء ان اللغة اللاتينية لها 700 جذر لغوي وأن اللغة الأنجلو سكسونية لها 2000 جذر أما اللغة العربية فلها 26 ألف جذر. وتقول أبحاث غربية أيضا (راجع كتاب لماذا تفشل الأمم؟ المشار إليه سابقا) أن الكتابة نشأت في العالم في مصر وبلاد الرافدين في وقت واحد وبصورة مستقلة في 3500 ق.م ومن الطبيعي أن تنشأ الكتابة في مجتمعات مستقرة، بينما كانت سائر المجتمعات تعيش على الصيد والقنص وجمع الثمار من الغابات وتميل إلى الترحال والتنقل، وعدم تأسيس مجتمعات مستقرة أو مدن. إذن هكذا ستكتمل الدائرة تبدأ الحياة هنا وتنتهي هنا، تبدأ اللغة العربية هنا وتعود لتسود العالم من جديد. دون أن يعني هذا إلغاء أو السعي لإلغاء اللغات لأن تعدد الألسن من آيات الله (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) وأكرر من جديد لن تعود اللغة العربية إلى مكانتها قبل أن نعود إلى مكانتنا في العلم والبحث والتكنولوجيا. القرآن والعربية: القرآن نزل باللغة العربية وهذا ما نعلمه جميعا، ولكن لابد من التذكرة أن القرآن مجد هذه اللغة واحتفل بها في عدد من الآيات وهي على وجه الحصر كالتالي: (1) وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) النحل (2) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) الشعراء (3) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف (4) وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا. الرعد (37) (5) وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ. طه (113) (6) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ - الزمر(8) (7) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ - فصلت (3) (8) وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا –الشورى (7) (9) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) الزخرف (10) وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا – الأحقاف (12) *************** ركز المفسرون القدامى وتبعهم المعاصرون على أن القرآن الكريم نزل عربيا بليغاً كحجة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مجتمع يجيد ويتقن اللغة العربية والبلاغة. ولا يوجد اعتراض ولكن لا شك أنه كان سببا عرضياً أو جزئياً أو في الطريق، ولكن هذا الكتاب الخالد ما كان لينزل بهذا الشكل وهذه اللغة مراعاة لبضع ألوف من كفار مكة والعرب، بل انظر إلى هذه المعلومة الواردة في التفاسير القديمة والحديثة. ففي الآية الثانية من سورة يوسف: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تقول عدة تفاسير ان الانزال أي تعبير أنزلناه، وبالحق أنزلناه وبالحق نزل (الاسراء) هو انزال من اللوح المحفوظ وهذا ما يوضحه في سورة الزخرف من 1-4 في الآية الثانية يقسم الله بالقرآن الكريم، وبعد ما جاء في الآية التالية (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) جاء في الآية الرابعة (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي أن هذا القرآن ثابت في اللوح المحفوظ عندنا، لرفيع القدر ومحكم النظم في أعلى طبقات البلاغة، وهكذا نرى أن القرآن الكريم محفوظ في اللوح المحفوظ منذ الأزل ولا تتعلق لغته أو بلاغته لمجرد سبب جزئي وإن أفاد في هذا الطريق ولا يتعارض معه. هذه هي مكانة اللغة العربية فهي في اللوح المحفوظ التي لن يتمكن أحد من القضاء عليها وإذا تخلى المسلمين أو بعضهم أو اعتمدوا على حفظ الله للقرآن واللغة العربية، فسيستبدل قوماً غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم. والاستبدال لا يعني بالضرورة إزاحة أمة بالكامل وإحلال أمة أخرى غيرها وهذا وارد وحدث في التاريخ مراراً، ولكن الاستبدال قد يكون جزئيا داخل نفس المجتمع حيث يهب جماعة أو جماعات أو مؤسسة أو مؤسسات لنصرة الدين واللغة. ************** في نهاية الأمر ستظل بؤرة العرب هي مركز العالم، وبعض الاسلاميين لا يحبون كلمة العرب ولا العربية رغم أن هذا واقع قرآني. إن تحويل القومية العربية إلى نظرية تعلو القرآن مرفوض ونحسب انه انتهى في واقعنا. والآن فإن الحقيقة أن المستطيل القرآني أو الشرق الأوسط وفقاً للتحديد القرآني ( والغرب يأخذ بهذا التحديد الجغرافي تقريبا) كله في منطقة عربية. ولذلك سيظل العرب العمود الفقري للحركة الاسلامية العالمية دون استعلاء أو عنصرية، مع التركيز دائما أن العروبة هي اللسان. وان القيادة يمكن أن تكون من أي مكان في العالم ولكن يجب أن تأتي إلى هنا إلى مركز العمليات، إلى مركز الكرة الأرضية. إذن النقطة الأولى في محاولة استكشاف الحكمة الالهية في التركيز على بؤرة الشرق الأوسط في القرآن الكريم هو الدور التاريخي المتواصل لهذا الموقع حتى يوم الدين، لأن هذا الموقع كان نبعاً للاسلام وحتى الرسالات السابقة، ولكن يهمنا الاسلام الآن لأنه هو الخاتم. وبالتالي فإن اللغة العربية ستكون لغة هذه الحركة العالمية العظمى المستمرة أبداً. فمن الطبيعي أن يقسم الله سبحانه وتعالى بالقرآن ويؤكد مراراً انه قرآن عربي.
لمطالعة الأجزاء السابقة اضغط علي الرابط التالي:-
المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1) دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2) آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟ مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن