القصة الكاملة| ماذا حدث في عيادة قنا وسبب رفض الكشف الطبي على الحالة؟    ماكرون يدعو إلى حشد الجهود لإنقاذ المحيطات    أسعار مواد البناء والحديد اليوم الاثنين 9 يونيو 2025    الصين تحذر مواطنيها في لوس أنجلوس وتدعو لتوخي الحذر وسط اضطرابات على خلفية الهجرة    «الدولية للطاقة الذرية»: ندعم مفاوضات طهران وواشنطن للتوصل لاتفاق مقبول للطرفين    13 شهيدا في قصف إسرائيلي على خان يونس بغزة    العاهل الأردني: حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة    والد إيلون ماسك: ابني أخطأ بتحديه العلني ل ترامب    الشناوي: مباراة إنتر ميامي تحظى باهتمام عالمي.. ونسعى للظهور بشكل قوي    إقبال كثيف على مراكز الشباب بكفر الشيخ في رابع أيام عيد الأضحى    «اللعبة ب10 جنيهات».. زحام شديد على الملاهي في العيد| فيديو    وزارة الحج السعودية تكرم مكتب شؤون حجاج مصر لدوره البارز في التواصل مع ضيوف الرحمن    وزارة الداخلية تحتفل مع كبار السن بعيد الأضحى وتقدم الهدايا لهم    شهيد الشهامة.. جهاز العاشر يقيم عزاء للسائق خالد عبد العال الأربعاء المقبل    إصابة عامل بحروق نتيجة صعق كهربائي بمزرعة في الدقهلية    حفيد عادل إمام يحتفل بعروسته فريدة أشرف قبل زفافهما المنتظر    9 ملايين جنيه لفيلم "ريستات" في ثالث أيام عيد الأضحى    دعاء النجاح في الامتحانات.. تعرف عليه    لتقليل مخاطر الكوليسترول في الدم.. 7 نصائح لتناول اللحوم الحمراء في عيد الأضحى    وكيل صحة القليوبية يتفقد المركز الطبي العام ببنها في آخر أيام عيد الأضحى    «إيه المستوى ده؟!».. خالد الغندور ساخرًا من لاعبي الأهلي بعد لقاء باتشوكا    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    قانون مجلس النواب، تعرف على خريطة دوائر الفردي وأوراق الترشح في القاهرة والجيزة    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    مدينة إسنا تزيل 5 حالات تعدٍ خلال إجازة العيد ورفع 290 طن قمامة.. صور    التضامن عودة أولي رحلات حج الجمعيات الأهلية من جدة 10 يونيو.. ومن المدينة المنورة 14 يونيو    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    أحمد سعد لجمهور حفله في الساحل الشمالي: «أنا لسه راجع من الحج وتايب»    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    الصحة تفحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة "العناية بصحة الأم والجنين"    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    9 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    القناة الناقلة لمباراة كرواتيا وجمهورية التشيك في تصفيات كأس العالم أوروبا    كيف ظهر أحمد زيزو في أول مباراة له مع الأهلي؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متهم فوق القانون.. متهم تحت القانون!
نشر في الشعب يوم 13 - 08 - 2017

في آخر يوليه 2017 قضت محكمة جنح باب شرقي بالإسكندرية، برئاسة المستشار محمود إسماعيل حجازي، بمعاقبة الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية السابق، بالحبس لمدة 3 سنوات ونصف سنة، بتهمة إهدار المال العام. كما عاقبت آخرين بعقوبات متفاوتة في القضية نفسها.
كان عدد من الموظفين بمكتبة اسكندرية، قد تقدموا ببلاغ ضد الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة، يفيد قيامه بتعيين مستشارين بمرتبات كبيرة تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات في الشهر، بالاشتراك مع رئيس القطاع المالي والاداري السابق، مع عدم حاجة العمل مما تسبب في اهدار اموال المكتبة. بالإضافة الي تغيير السيارات الخاصة بالمكتبة في فترات قصيرة جدًا، مع الحرص على شراء سيارات "فارهة" حديثة الموديل يصل سعر الواحدة منها إلى مليون جنيه، والتعاقد على إنشاء كافتيريات، ومطاعم بمساحة المكتبة بالأمر المباشر لكل من مدير الشئون الإدارية ومدير الحسابات، وتنظيم سفريات خاصة بالخطوط الجوية الأوروبية على حساب مكتبة الاسكندرية، مما أدى إلى إهدار أموال قدرت ب 20 مليون جنيه.
وقد استأنف سراج الدين، الحكم الصادر ضده لجلسة 19 سبتمبر 2017، وفي أول تصريح له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعد الحكم القضائي، قال: «صدر حكم قضائي أولي من محكمة الجنح الجزئية بالإسكندرية ضدي وزملائي في مكتبة الإسكندرية، وطبقًا للأعراف والقوانين فإنه لا يجوز التعليق على أحكام القضاء، لكنني أثق في عدالة القضاء المصري، لذا فإنه تم استئناف الحكم».
وأوضح أنه لولاه لما حصلت مكتبة الإسكندرية على اعتراف دولي، مع احترام كل القوانين المحلية والدولية...وتابع: «لقد قدمت لمكتبة الإسكندرية الكثير، وتبرعت للمكتبة بما يزيد على ثلاثة ملايين جنيه من مالي الخاص، وقدمت لها من مكتبتي الخاصة ومكتبة والدتي نوادر الكتب لكي تخدم الباحثين المصريين... وفي النهاية نترك الحكم للتاريخ، والشهادة لمن عاصروا هذه التجربة».
إسماعيل سراج الدين من مواليد الجيزة عام 1944، وأدار مكتبة الإسكندرية الحديثة منذ افتتاحها في أكتوبر 2002 حتى مايو 2017، وقبل عمله بالمكتبة كان يعمل نائبا لرئيس البنك الدولي، وحصل على 22 دكتوراه فخرية في مختلف التخصصات ومنها الآداب والزراعة، مع أنه متخصص في الهندسة المعمارية.
قضية سراج الدين مثل غيرها من القضايا. يستطيع البريء أن يحصل على البراءة بعد أن ينقض الحكم في الدرجة الثانية أو الثالثة من التقاضي. ولكن المجتمع فوجئ بحملة ضارية ضد الحكم تستنكره وتسقط أسبابه وتطعن في طبيعته، لدرجة أن كاتبا اسمه محمد سلماوي كتب أن الأحكام القضائية لا قدسية لها، وأنها يجب أن تناقش، وتنتقد، من أجل المتهم البريء في نظره، ونظر أمثاله.
توالت المقالات العاصفة التي تستنكر وتهاجم الحكم القضائي، وتتطوع بتبرئة المتهم، وتتهم ضمنا المحكمة والقضاة والنيابة بالتحيز.. ثم كانت السابقة الأكبر وهي صدور بيان تضامني مع المتهم من ثلاثمائة شخصية أغلبهم ينتمي إلى الدولة الانقلابية العميقة، المعادية للعدل والحق والحرية والديمقراطية والمساواة.
البيان التضامني المذكور يبدأ بالتعبير عن احترامه للحكم القضائي، ولكنه ينقض هذا الاحترام، حين يضع إسماعيل سراج الدين في صورة ملاك سماوي لا يعرف الخطأ ولا الخطيئة، ويتغزل في صفاته ومناقبه، ويغدق عليه كثيرا من صفات الورع والزهد والتبرع بالملايين للمكتبة مالم يفعله أحد في مصر، كل ذلك لإثبات أن صدور حكم الحبس ضد الرجل قد هالهم، وأنهم يسجلون بكل قوة ثقتهم في المتهم، وتقديرهم وامتنانهم لما قدمه من خدمات للوطن.. بل يذهبون إلى الرد على الحكم القضائي إذ يسجلون ما صرح به سراج الدين من أن ميزانيات المكتبة، المراجعة والمعتمدة، تثبت أنه كان شديد التدقيق في كل ما يتعلق بأموالها. حيث تصل تبرعاته العينية القيمة، من نوادر الكتب والتحف، وتنازلاته عن مكافآت مستحقة، إلى ملايين الجنيهات، وينقلون المسألة من الحرص على صورة مصر أمام العالم والتأكيد على أنها ترعى أهل العلم والثقافة، إلى الدفاع عن مبدأ عام يقضى بحماية وتقدير من يتقدم للاضطلاع بمسئولية مدنية، أي عدم محاكمته ووضعه فوق القانون!.
السادة الثلاثمائة الذين وقعوا البيان التضامني بهدف الضغط على القضاء، لم يخجلوا من أنفسهم وهم يرون دماء الأبرياء تجري أنهارا منذ مذبحة الحرس والمنصة ورابعة والنهضة حتى اليوم، وفقدان ألاف الشباب والشيوخ والأطفال والنساء أرواحهم الطاهرة، وكنت أتمني من أصحاب البيان أن يتألموا من أجل الشرفاء النبلاء الذين تجاوزوا أكثر من ستين ألفا وراء القضبان منذ سنوات بتهم ملفقة، وبعضهم بلا تهمة، وكثير منهم يأكله السرطان، والأمراض المزمنة، وفيهم من هو صاحب فضل ويمثل فخرا لمصر بل للأمة الإسلامية بل للإنسانية، لكن الألم لا يكون إلا من أجل إسماعيل سراج الدين وأمثاله، وهو صاحب الأفضال على من وقعوا البيان أو على الأقل ينحاز إليهم بفكره الذي يرضي الغرب الصليبي، وأولاد العم الصهاينة.
إن أغلبية من وقعوا البيان للأسف، في حالة خصومة دائمة مع الإسلام. ويفهمون الإسلام فهما أميركيا، أي الإسلام المنفصل عن الحياة والنظام. ولذا كان أنين الألوف في سجون الانقلاب العسكري الفاشي الذي يخدمونه لا يصل إلى آذانهم المرهفة. ولكن الثلاثمائة لا يطالبون في هذا المقام بالحرص على صورة مصر، أو حماية الشرفاء من البطش والانتقام والعذاب!.
الأخ سلماوي، أحد الذين نزعوا القدسية عن أحكام القضاء ذهب شاهدا في قضية كاتب البورنو بأخبار الأدب، وقام بحملة لإطلاق سراحه من أجل حقه في التعبير. في المحكمة طلبوا منه أن يقرأ بعض الفقرات بصوت مسموع، ولكن وجهه تلون وتحول، ولم يستطع أن يقرأ جملة واحدة لفحش المكتوب. والمعنى أن من يتصدرون المشهد الثقافي والفكري والسياسي يؤمنون أنهم فوق القانون مهما فعلوا، وغيرهم من المسلمين تحت القانون. أن تكون مسلما يجب أن تذهب إلى الجحيم، لأنه لا قيمة لك ولا كرامة ولا حقوق، ولا حرية. أما إذا كنت من المستنيرين (أي خصوم الإسلام)، وحبذا لوكنت من بقايا التنظيم الطليعي ونفايات الشيوعيين واليساريين، وبقايا الناصريين، ورجال كل العصور، فأهلا بك في جنة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي، مغفورا ذنبك، مسددا دينك، محمولا على كفوف الراحة والتدليل! هل يجدي أن نذكركم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها:"
" أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ، تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا" ( رقم الحديث:3202 )
اليوم يحاكم الأبرياء، أما المتهمون فهناك من أجلهم وجهة نظر أخرى!.
الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.