قام مجدى أحمد حسين الأمين العام المساعد لحزب العمل الأسبوع الماضى بزيارة لقرية المريس بالأقصر لتفقد أحوال القرية المهددة بالإزالة التامة، والتعرف على حقيقة المشكلة عن قرب ومن خلال سماع رؤية الأهالى أنفسهم، ورافق مجدى حسين فى زيارته خلف الله تمساح أمين الحزب بقنا، وجمال الحواكمى عضو الأمانة العامة للحزب بالمحافظة وعبد الرؤوف مرسى أمين حزب العمل بأرمنت. وتتعرض قرية المريس التى تبعد 15 كيلو متر عن مدينة الأقصر السياحية لخطر الإزالة الكاملة من الوجود، وتهجير أهاليها إلى الصحراء.. ففى اطار تحويل الأقصر إلى مدينة تاريخية شبه مغلقة، وفى اطار لجنة لتطوير الأقصر فى هذا الاتجاه حتى عام 2030 بميزانية قدرها 20 مليار جنيه، وهى لجنة تكاد تخلو من المصريين، فى هذا الاطار رأى هؤلاء المطورون أن الصعايدة قذى فى عيون السياح، وان اللمسة الحضارية المطلوبة لجذب الأجانب تتطلب إزالة الصعايدة من الأقصر والإلقاء بهم فى الصحراء. هم يريدون أن يحولوا الأقصر إلى مدينة تبيض بيض ذهب ولكن لكبار المستثمرين الأجانب والمصريين، دون أن يشارك الصعايدة من أهل الأقصر فى هذا الذهب. المشروع الذى ترعاه سوزان مبارك- كما ترعى نصف مصر على أساس أن النصف الآخر لزوجها وابنها- يستهدف هدم معظم المبانى بالأقصر بحيث لا يبقى فيها إلا المعابد الفرعونية، وأماكن الترفيه والملاهى (معابد العصر الحديث) وأن يتم نزح أهالى الأقصر بعيداً عن عيون السياح حتى لا تؤذيهم. وربما تحويل الأقصر إلى مدينة أثرية بشكل كامل فكرة تستحق النظر والدراسة. ولكن الأساليب الوحشية و اللآدمية فى تحقيق هذ المشروع هى المرفوضة، حتى لا يتحول كل مشروع جديد فى الصعيد إلى مزيد من التنكيل بأهالى الصعيد، بدلاً من نجدتهم ونصرتهم لمواجهة أحوالهم المتردية، ومستوى الفقر الذى يتجاوز مستويات أهالينا فى الأراضى المحتلة الفلسطينية. والمريس جزء من هذا المشروع الاستيطانى الذى يستهدف محو الشجر والبشر والحجر، على أساس أن السائح أولاً، وتحت شعار "نموت نموت وتحيا السياحة" "نموت نموت.. وتدخل أموال السياحة فى جيوب الأثرياء والشركات الأجنبية". فالسياحة دين الحاكم، الذى يحنو على السياح ويقبل أطفالهم. بينما يقسو على أهل بلده إلى حتى الموت. بدأوا بالحديث عن إزالة 500 فدان من أجود الأراضى الزراعية التى تزرع قصب السكر، وانتهوا بالحديث عن تهجير القرية كلها إلى جوف الصحراء والاشارة إلى تهجير أهل القرية. ويقول سكان القرية إن أهل النوبة هجروا من أجل مشروع قومى كبير (السد العالى) بينما نحن نهجر من أجل تحويل قريتنا إلى كبارييه كبير!! فى ظل هذه الأجواء جاءت زيارة مجدى حسين الأمين العام للقرية وكان اللقاء الذى حضره عمدة القرية فى دوار كبير، حدث اللقاء فى مكان من المفترض إذا تم تنفيذ هذا المشروع المشئوم أن يغرق فى المياه التى ستبتلع المساجد والنادى ومئات البيوت وأجود الأراضى الزراعية.. من أجل تحويل أرض القرية إلى بحيرة، تتحول إلى مرفأ لفنادق عائمة، حيث الرقص والشرب والليالى الحمراء. ويقولون إنها ستوفر فرص عمل للقرية، التلوث الأخلاقى السياحى كان فى المدينة والآن يريدون أن ينقلوه إلى القرية، فيخرج حمدان فى الصباح يجد مادلين بالبكينى، وتخرج بهانة فتجد الخواجة يأخذ حمام شمس شبه عارى. والحقيقة فإن ذلك لن يحدث لأن القرية ستزال بالكامل، وسيقذف بها فى الصحراء، فهل سيزرعون القصب فى الجبل، أم سترعى الجواميس فى الرمال؟! ولكن حكومتنا لا تعرف الحرف الانتاجية ولا تحترمها، وهاهو وزير الزراعة بأوامر عليا طبعاً وقع على وثيقة نزع ملكية 500 فدان وتجريفها بالمريس كمرحلة أولى. قال مجدى حسين بعد أن استمع لأهالى القرية: كنت أسمع أن الأرض هى العرض، والآن فان حكومتنا تساومكم حول العرض، ويقولون سيدفعون لكم أموالاً، وهى أموال نجسة، ولكن بالله عليكم أى أموال تعوض نزعكم من بيوتكم وأرضكم، ونخيلكم، وأبقاركم.. هؤلاء حكام لا يعرفون معنى الحضارة ولا معنى الوطن. إن الاخراج من الديار هو أسوأ عقوبة يمكن أن يتعرض لها الانسان بعد الموت. فى مؤتمر الحزب الحاكم فى الصيف قبل الماضى، قدمت ورقة تقول إن مصر فقدت مليون و700 ألف فدان من أراضيها الزراعية. خلال 20 سنة. كان هذا فى ظل الادعاء بتحريم التجريف. والآن وفى ظل سياسة الدولة المعلنة بتجريف الأرض الزراعية فإننا سنفقد ما تبقى من الأراضى الزراعية بالوادى والدلتا (حوالى 4 مليون فدان) خلال سنوات قليلة. وكشف مجدى حسين لأهالى القرية معلومات خطيرة حول أهمية قصب السكر الذى تكرهه حكومتنا، فأبادته مرة بحثاً عن الإرهابيين، وتبيده الآن لإقامة منتجعات سياحية. وكأن الصحراء العريضة القريبة ضاقت بهم. كشف مجدى حسين أن قصب السكر لا يقل فى أهميته عن الذهب الأسود (البترول)، فالإيثانول المستخرج من قصب السكر يوفر طاقة تزيد ثمانى مرات عن الطاقة الموجودة فى الوقود الأحفورى (البترول). وفى البرازيل الدولة الرائدة فى هذا المجال يوجد بها 34 ألف محطة وقود توفر الإيثانول الأرخص من البنزين العادى، بل إن 70% من السيارات الحديثة التى تباع الآن فى البرازيل تدار بالإيثانول. وقارن الأمين العام لحزب العمل بين التعويضات البائسة، ومسألة المعاش المبكر التى قضت على القطاع العام والصناعة وطبقة العمال، فهم الآن يلوحون بمبالغ تافهة (70 ألف مثلاً) وهو رقم كبير بالنسبة للفلاح فيقبل بالتعويض، ويطرد إلى الصحراء حيث يعيش فى جحر بلا عمل ولا عائد ولا انتاج. وفى النهاية وعد مجدى حسين بتبنى قضية المريس (كما تبنى قضية فلسطين!) بما نملكه من سلاح الكلمة من خلال الاعلام، والأخوة فى مجلس الشعب. وطالب الأهالى بالصمود والدفاع عن العرض. وليكن واضحاً لديكم إن ما تتعرض له المريس هو صورة مصغرة ولكنها مجسدة لكل ما تتعرض له مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.