مازالت الرسائل والحقائق التى نكتشف معظمها من الإعلام الغربى وليس المصرى، الذى أصبح العديد منه موالى للنظام دون أى شئ آخر أو أى اعتبارات مهنية أو وطنية، وتم الكشف عن أن رسالة صحيفة "الوطن" التى تحدثت عن تحركات داخل الجيش لتنفيذ انقلاب تابع للفريق الهارب للإمارات أحمد شفيق كانت حقيقية، وهيا ما عجلت بفرض حالة الطوارئ، التى كانت جاهزة للتطبيق قبل تفجيرات كنيستى طنطاوالإسكندرية. كما لم يخلو الأمر من المقال الممنوع للكاتب جمال الجمل، الذى رفضت صحيفة "المصرى اليوم" نشره لما جاء به، حيث أنه أكد أن فرض حالة الطوارئ كانت مجهزة بسبب تحركات رجال "شفيق"، مشيرًا إلى أن ذلك ليس تكهن، لكنها معلومة من داخل رئاسة النظام، حسب قوله.
لهذا تم فرض حالة الطوارئ فى البلاد.. الانفجارات ليست السبب وقال الكاتب الصحافي، جمال الجمل، إن لديه معلومات متداولة داخل أروقة السلطة ملخصها أن فرض حالة الطوارئ كان مخطط له بالفعل، وأن الرسالة التي نشرتها صحيفة الوطن عن "انقلاب شفيق" عجلت بالأمر، على حد قوله. وكتب "الجمل" في مقاله الممنوع من النشر، بصحيفة "المصري اليوم"، تحت عنوان: "لماذ فرض السيسي الطوارئ؟!"، قائلا، إن "حالة الطوارئ في حد ذاتها ليست مخيفة، لأنها مجموعة إجراءات اضطرارية للحفاظ على البلاد من خطر محدق كالحروب (الخارجية والأهلية) والكوارث والمجاعات، لكن المخيف هو التداعيات والقيود والانتهاكات الاستبدادية التي ارتبطت بحالة الطوارئ، خاصة وأن مصر عاشت معظم تاريخها تحت القيود والتكميم والانتهاك والقبض لمجرد الاشتباه، حتى تحت مظلة القوانين العادية، فتخيلوا كيف يكون الحال في حالة الطوارئ؟!". وأضاف "الجمل"، "استمرت حالة الطوارئ في مصر حوالي نصف قرن، قبل أن يتم إلغاؤها (على الورق)، ثم عادت جزئيا في بعض المناطق لمدة محدودة، واستمرت لفترة أطول في سيناء، لأسباب تتعلق بمكافحة الإرهاب، وفجأة خرج السيسي، بعد اجتماع لمجلس الدفاع الوطني في أعقاب تفجير كنيستي طنطاوالإسكندرية، ليعلن حالة الطوارئ بالمخالفة للمنطق، والتعسف في استخدام الدستور ونص القانون". وتابع، "ومخالفة المنطق نفهمها من نص المادة الأولى الذي يشترط لإعلان الطوارئ تعرض الأمن أو النظام العام للخطر، بسبب وقوع حرب، أو تهديد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات، أو كوارث عامة، أو انتشار وباء، وهذه الشروط لا تتوافر في تفجير الكنيستين، إلا إذا كان السيسي لديه معلومات بما هو أخطر، وتعمد كعادته إخفاءها عن الشعب!". "أما التعسف في التعامل مع الدستور والقانون فيبدو واضحا من تصريحات السيسي، التي أعلن فيها عن مجموعة من الإجراءات قال بالحرف "تم اتخاذها"، وهي "زلة لسان تعبر عن ثقته في الحصول على الموافقة، بلا رأي ولا نقاش من مؤسسات الدولة"، بحسب الكاتب. واستطرد: "لدي معلومات متداولة داخل أروقة السلطة ملخصها أن هذه الإجراءات، كان مخططا لها بالفعل، وأن موعدها الطبيعي ما بين الأسبوع الأخير من يونيو والأسبوع الأول من يوليو المقبلين، ولم يكن هناك تصور واضح عن كيفية تمريرها، وعندما وقع التفجير الأول لكنيسة طنطا صباح الأحد لم يكن هناك اتجاه للتسرع في فرض إجراءات التشدد في التأمين، وبالتالي في فرض الطوارئ، لكن بعد تفجير الإسكندرية (الأقل في عدد الضحايا) ظهر الاتجاه الذي جعل يوليو يأتي في أبريل، أما لماذا؟.. فهذه قصة متشعبة، يمكن الاقتراب منها من خلال التحليل وربط الوقائع، نظرا لغياب المعلومات القاطعة والمكتملة، فهناك أسباب مباشرة وظاهرة، في مقدمتها إحساس السلطة الحاكمة بخطورة الإقدام على استهداف شخص البابا، بكل ما يحمله ذلك من تداعيات معنوية وإحراج دولي، وبكل ما يشير إليه من تغيير في إستراتيجية داعش وجماعات العنف في نقل ضرباتها إلى العمق المصري لتخفيف الضغط عليها في سيناء، والرد على اغتيال قيادات بارزة لهذه التنظيمات في عمليات ناجحة، وهناك أيضا أسباب غير مباشرة وخفية، منها السعي لتسهيل مجموعة من الالتزامات التي تعهد بها السيسي ونظامه لأطراف خارجية، ويصعب تمريرها في الأجواء العادية، ومنها أيضا تصاعد التوترات وخلافات الرأي داخل المنظومة، فهناك تقارير عن غضب مكتوم بدأ يظهر، وهناك معلومات عن عمليات جراحية محدودة للتنظيف والتطهير داخل بعض المؤسسات، وهناك مشكلات أعلنت عن نفسها بصور مختلفة منها خبر (انقلاب شفيق) الذي تم بثه عن طريق صحيفة الوطن". وكانت صحيفة "الوطن" ، بعثت برسالة إلى المشتركين في خدمة الرسائل النصية، الثلاثاء قبل الماضي، حول وجود تحركات عسكرية في الجيش المصري لحساب المرشح الرئاسي السابق "أحمد شفيق"، قبل أن تعاود الصحيفة نشر بيان، قالت فيه، "إن خدمتها للرسائل النصية تعرضت لمحاولة اختراق من مجهولين".
المتاجرة ب"الإرهاب" لاستبعاد البديل
وفى السياق ذاته وتكملة لما سبق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، خلال تعليقها على حقيقة الإرادة السياسية للنظام لمحاربة الإرهاب في أعقاب التفجيرات التي استهدفت عددًا من الكنائس مؤخرًا، وراح ضحيتها العشرات، أن هذه الهجمات أظهرت فشل عبدالفتاح السيسي، وأن قدراته ليست موجهة للحرب على الإرهاب، بقدر ما هي موجهة إلى أعداء آخرين من التيارات الإسلامية الوسطية المعارضة لانقلابه، والنشطاء العلمانيين، والصحفيين، والبرلمانيين المستقلين، ورجال الأعمال والأكاديميين المُعارضين، ومنظمات حقوق الإنسان. وقالت الصحيفة في مقال رأي نشر بها للباحث بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، اليوم الخميس، إن إعلان السيسي حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، والتي أعلنها من قبل في محافظة شمال سيناء منذ أكتوبر عام 2014، تكشف التدهور في الأوضاع الأمنية، وفشل مثل هذه السياسات التي يتخذها السيسي، موضحا أن قانون الطوارئ لن يحقق الكثير، بخلاف توفير الغطاء القانوني للممارسات الوحشية التي باشرها النظام بالفعل في الأعوام القليلة الماضية، والاختراقات الفاضحة للدستور المصري. وأشار "حسن" إلى مشاهد تهجير الموطنين من سيناء، وإنشاء "الدولة الإسلامية" نقاط تفتيشٍ تجبر الموظفات الإناث على الالتزام بالزي الشرعي الإسلامي، وعن جلد الشباب في الساحات العامة؛ لأنهم ارتكبوا "جريمة" بيع السجائر، وانحدار الوضع، حتى ان مركز التحرير لدراسات الشرق الأوسط كشفت أن عدد الهجمات في شمال سيناء قفز من 143 في عام 2014 إلى 681 في عام 2016. ونوه إلى أنه وبعد فترةٍ قصيرة من تولي السيسي مقاليد السلطة بانقلاب يوليو 2013، طالب المصريين بالنزول إلى الشوارع من أجل منحه تفويضًا بمحاربة الإرهاب، على الرغم من أن الهجمات الإرهابية كانت محدودة في ذلك الوقت، وأغلبها ضد أهداف عسكرية في سيناء بالقرب من الحدود مع غزة، غير أن السيسي استغل ذلك الدعم الشعبي في تحقيق أجندته الحقيقية، والتحرك ضد النشطاء العلمانيين الشباب، والمحتجين الإسلاميين المسالمين، ومنظمات حقوق الإنسان، حسب قوله. وقال: إنه حتى أثناء التهجير القسري للمجتمع المسيحي من سيناء، لم يكن الإرهاب أولوية عند السيسي، أو مُناصريه، وكان تركيز برلمان السيسي الصوريّ على إقصاء الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، أنور السادات، كما أشار إلى الإجراءات الأمنية الصارمة في سيناء –التي تتضمّن الاختفاءات القسرية والإعدامات خارج إطار القانون– في دفع أعضاء المجتمع البدوي إلى أحضان الدولة الإسلامية، إذ جابت الجماعة أنحاء العريش توزّع منشوراتٍ تعِد بالانتقام. واعتبر مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مقاله بالإشارة إلى أن سجون مصر، التي ملأها السيسي بأي معارضٍ لحكمه، صارت أرضًا خصبة لتجنيد الجهاديين، ونقل عن مسئول رفيع بالاتحاد الأوروبي مؤخرًا إن حكومة السيسي اعترضت على تعيين ملحقٍ لشؤون مكافحة الإرهاب ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر، خوفًا من مؤامرة غربية حسب ما يفترض. واختتم مقاله في "نيويورك تايمز" قائلا:" يبدو أن الدعم الدولي الوحيد الذي يرغب فيه السيسي هو اعتبار الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، رغم غياب الأدلة وإجماع الخبراء الدوليين والمصريين على تفنيد الأمر، مؤكدا أن أولوية السيسي الأولى هي استبعاد كل بديلٍ محتملٍ لسُلطته الفاشلة، حتى والجماعات الجهادية تعيث فسادًا في أنحاء مصر.