منذ أكثر من عام كتبت مقال بعنوان " يا مرضى مصر نرجوكم لا تتعاطوا هذا الدواء ..مشروع التأمين الصحى به سم قاتل " ، ووقتها قيل انه تم اعداد قانون التأمين الصحى الجديد لعرضه على مجلس الشعب حتى يحصل على بصمة " موافقون موافقة " وتضيع أصوات المعارضون له ومنهم نقابة الآطباء ، ولا يعرف أحد كيف يتم اعداد قانون يتعلق بالصحة دون موافقة نقابة الاطباء ، اذ يبدو ان الدولة أكتفت بحانوتية لاعداده .. والحقيقة انه تم اعداده وقت مبارك وتم رفضه فأعيد تنقيح بعض مواده. وتناولت عيوبه والتى من اهمها قصور المستشفيات الحكومية وهو ما يعرضها لافتراس القطاع الخاص ، وكذلك ضاّلة مخصصات العلاج للمريض لدرجة أن على الأسرة أن تختار أحد أفرادها للعلاج على حساب الباقين اذا صادف ان كان بعضهم فى حالة مرض او اصابة الاسرة بحريق. وذكرت نموذج واحدا لاعداد القانون ، اذ دعوت ذات مرة لندوة بجامعة القاهرة تناولت بحث تقليص تكاليف العلاج على نفقة الدولة ، ووجدت نفسى ونفر قليل منهم القيادى العمالى عبد الرحمن خير ضد أصحاب الدعوة ،.. وجرت دفة المناقشات نحو تقليص تكاليف العلاج على نفقة الدولة ، ومنها عدم صرف شرائح لحالات الكسور لمن وصل سنه الى 65 عاما حيث ان الشرائح مكلفة .. أى على المريض أن يظل يصرخ حتى يأتيه الآجل بعد سنة .. إتنين .. عشرة. وقلت وقتها اننا لا نعرف لماذا لا يتم طرح قانون يتعلق بصحة السواد الآعظم من الشعب ليكون محل نقاش مجتمعى ؟! انها حكمة الحانوتية فى اعداد القوانين الصحية. فماذا حدث خلال أكثر من عام لاعادة القانون وتنقيحه بعد احتجاج نقابة الاطباء والمنظمات المهتمة بالصحة والحق فى العلاج ؟. رصد المجلس المصرى للحق فى الدواء عيوب كثيرة تستحق ان يضرب بها المثل الشعبى " كأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت " !. فحسب بيان المركز، تتلخص السلبيات فى فتح الباب أمام الخصخصة ودخولها ما سيطيح بأى مكاسب قد تتحقق، ويحول قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل إلى قانون تجارى هادف للربح، مثل تعريف الخدمات العلاجية، وتم إلغاء عبارة "كافة أنواع العلاج الطبى" التى كانت موجودة فى صياغة سابقة، فى تلاعب ستكون له عواقبه، من احتمال عدم شمول القانون جميع الخدمات العلاجية فى المستقبل، وهو ما يعد مخالفة لنص المادة 18 من الدستور. وأضاف أنه تم تعريف الكوارث الطبيعية بأنها الظواهر الطبيعية المدمرة مثل الزلازل والحرائق والبراكين، وهى التى لن تغطيها خدمة التأمين الصحى، بينما يجب إلغاء الحرائق من الكوارث الطبيعية لأنها تحدث يوميا ويجب عدم تنكر التأمين الصحى لعلاج مصابيها، كما ينص القانون على المساهمة فى الدواء بنسبة 20% بحد أقصى 50 جنيها، وفى الأشعات 10% بحد أقصى 200 جنيه، وفى التحاليل 5% بحد أقصى 100 جنيه، بينما الأصل هو أن يكون المريض الذى يدفع اشتراكات التأمين الصحى مغطى تماما بجميع الخدمات. كما انتقد المركز المادة 4 التى تنص على إنشاء هيئة اقتصادية تسمى هيئة التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، لافتا إلى أن فلسفة هذه المادة فى عبارة أن تكون الهيئة اقتصادية تعنى بالضرورة أنها هادفة للربح، وهذا يتناقض مع حق المواطن فى الحصول على خدمة الرعاية الصحية، لذا كان يجب تعديل المادة لتشمل إنشاء هيئة "غير هادفة للربح". كما تنص المادة 111 على تقديم الخدمات العلاجية عن طريق التعاقد مع أى من مقدمى الرعاية الصحية التى تشملها هيئة المستشفيات والرعاية الصحية، أو أى جهات أخرى ترغب فى التعاقد ووفقا لمعايير الجودة، وأوضح المركز أن كلمة "الجودة" هامة فعلا، لكننا نعلم أن معظم مستشفيات الحكومة لا توجد بها معايير جودة، نظرا لعدم وجود إنفاق عليها، حيث تفتقد 60٪ من المستشفيات العامة هذه المعايير، ما يخرجها من القانون، وهنا يأتى دور القطاع الخاص الذى سينتظر فرصة المساهمة. وأكد المركز ارتفاع الإنفاق على الصحة من جيوب المواطنين حتى وصل إلى 72٪، وهو ما شكل انتهاكا واضحا وصريحا لأهم الحقوق الدستورية، وشدد على ضرورة وجود نظام تأمينى عادل، عبر المشاركة فى تحمل مخاطر العبء المرضى، وحماية حقوقهم التأمينية الاجتماعية التى كفلتها قوانين التأمينات الاجتماعية القائمة عبر أكثر من نصف قرن مضى، ورفض المساس بتلك الحقوق تحت أى دعاوى، لضمان التأكيد على مسئولية الدولة فيما يخص العمل على زيادة الإنفاق العام الصحى، بما يضمن نصيبا كاملا ومناسبا لتمويل النظام الجديد، ويضمن كفاءته واستمراريته ويخفف العبء عن المواطنين. علما بإن من أهم الأهداف المفترضه فى القانون علاج الفئات الأكثر فقرا فى تلقى خدمة تأمينية مناسبة، مثل الباعة الجائلين، والفلاحين، والمرأة المعيلة، والعمال دون عقود سنوية، والعاملين باليومية، وهى فئات تقدر بأكثر من 25 مليون مواطن ، فضلا عن أحقية الابناء حتى 18 سنة ، . حيث إن هناك إلزامًا دستوريًا بحمايتهم اجتماعيا وصحيا.