كشف الباحث فى الشأن القومى العربى، محمد عصمت سيف الدولة، عن حقيقة ما يحدث فى سيناء، أو الأسباب التى أدت إلى الأوضاع المآساوية التى نشهدها هناك حاليًا، وأكد أن كل شئ يحدث هناك وراءه اتفاقية العار (كامب ديفيد)، مشيرًا إلى أن أى حديث حول القضاء على "الإرهاب" بسيناء أو تنميتها دون تحريرها من قيود المعاهدة المشئومة حديث ليس له أى قيمة. وأوضح "سيف الدولة" أن بنود اتفاقية العار، والتى وصفها ب"المجحفة"، عملت على تجريد البلاد من السيادة الكاملة على سيناء، بجانب أنها أضعفت قبضة الدولة وشرعيتها على شبة الجزيرة، مما ترتب عليه فتح الأبواب على مصراعيها، لكل أنواع الاختراق والتجسس والإرهاب والتهريب،إلخ. وأضاف سيف الدولة، فى تصريحات نشرها موقع "مصر العربية": أن كل ذلك أدى إلى ظهور انتماءات وشرعيات بديلة للدولة، بشكل لم نراه من قبل فى أى بقعة آخرى من مصر.
واستدل "سيف الدولة" فى حديثه، عن أن الانفلات الأمنى الذى ضرب البلاد عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، واشتد بعد الانقلاب العسكرى، لم يحدث فى أى مكان سوى فى سيناء، مضيفًا إلى أن ذلك بسبب قيود كامب ديفيد العسكرية والأمنية.
وردًا على من يدافعون عن إتفاقية السلام، وقول البعض أنه لا ضرورة لإلغائها أو تعديلها، وأن البديل هو تنمية سيناء، قال سيف الدولة إن الحقيقة التي يعلمها من يرددون هذه العبارات، لكنهم يخشون مصارحة الرأي العام بها، هو استحالة التنمية فى غياب سيادة الدولة الكاملة وحمايتها، بمعنى استحالة التنمية فى ظل قيود كامب ديفيد الحالية.
وتساءل سيف الدولة: كيف تبنى مصانع ومزارع ومناجم ومدن وتعمرها بالناس وأنت عاجز عن حمايتها وحمايتهم؟ واستشهد بما جرى في مدن القناة، حين قامت الدولة بتهجير أهاليها بعد 1967، حتى لا يكونوا رهينة تحت القصف الإسرائيلي المستمر، فى ظل غياب دفاع جوى فعال.
أكاذيب توطين الاستيطان فى سيناء وقال الباحث في الشأن القومي إن من أكثر الأكاذيب انتشارا ما يتردد في فضاء وسائل الإعلام حول أن الفلسطينيين يطمعون فى استيطان سيناء، مضيفا: "هذه واحدة من أكثر الأكاذيب انتشارا وترويجا فى الفترة الأخيرة، بهدف تبرير الانحياز المصري الرسمي لإسرائيل في حصارها واعتداءاتها على الفلسطينيين في غزة، وأيضًا لتبرير التنسيق والتقارب المصري الإسرائيلي غير المسبوق فى مواجهة ما يعتبرونه العدو المشترك المتمثل فى المقاومة الفلسطينية التي يرونها إرهابا".
وأشار إلى أن استيطان الفلسطينيينلسيناء مشروع صهيوني رفضته كل الأطراف المصرية والفلسطينية بدون استثناء، وقال:"الذين يرفضون التنازل عن أراضي فلسطين التاريخية التي تعود لعام 1948 ويرفضون الاعتراف بشرعية إسرائيل ويقاتلونها ويقدمون شهداء بالآلاف دفاعا عن أراضيهم ومواقفهم، لا يمكن أن يستبدلوا أوطانهم بأي أراض أخرى فى مصر أو في غيرها".
وتابع أن بعض القائمين على وسائل الإعلام يحاولون إقناع الشعب بأن الإدارة المصرية الحالية قد تمكنت من التحرر من القيود العسكرية المذكورة في اتفاقية كامب ديفيد، بدليل وجود قوات مصرية إضافية الآن فى سيناء تكافح الإرهاب، وهو كلام عار من الصحة تماما، فهم يعلمون جيدا أن نشر أي قوات مصرية إضافية فى سيناء يتطلب استئذان إسرائيل وموافقتها على أعداد القوات وتسليحها وأماكن انتشارها وطبيعة مهماتها وموعد انسحابها.
وكان عبد الفتاح السيسي قد أكد في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمر أديب أن "القوات المسلحة تحاول مكافحة الإرهاب دون أن يحدث أي ضرر للمواطنين الأبرياء الذين يعيشون في سيناء ورفح"، مشيرًا إلى أن "مصر لديها 41 كتيبة في سيناء، يعني حوالي 25 ألف جندي، ويا ترى حجم التحديات التي تواجهنا هناك إيه، وإحنا وجهنا حجم ضخم جدًا من الموارد عشان المعركة دي ضد الإرهاب".
ومضى سيف الدولة قائلا: أن كل الموافقات الإسرائيلية تخص وتتعلق بالقوات المصرية على الحدود المصرية الغزاوية التي لا تتعدى 14 كيلومتر، وليس بباقي الحدود المصرية الفلسطينية (الاسرائيلية) البالغة أكثر من 200 كيلومتر.
حماية للكيان الصهيونى وأكد سيف الدولة أن تدمير الإنفاق بالتزامن مع إغلاق معبر رفح فى نفس الوقت، ليس حماية للأمن القومي المصرى، بقدر ما هو حماية لأمن اسرائيل، مؤكدا أن هذا النهج التزام باتفاقية "فيلادلفيا" الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 2005، من أجل حصار غزة ومراقبتها.
وأشار إلى أن إخلاء الحدود المصرية من السكان، وإنشاء منطقة أمنية عازلة، هو مطلب إسرائيلي قديم رفضه الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي وصفه الإسرائيليون بكنزهم الاستراتيجي، مضيفا، أن هذا الإجراء (تهجير مواطني سيناء) خطير، ويهدد أمن مصر واستقلال سيناء، فى مواجهة عدو توسعي دأب على امتداد قرن من الزمان، على اغتصاب واستيطان أي أراضى عربية خالية.
الجماعات المسلحة بسيناء ذات ارتباط وثيق بالكيان الصهيونى وحول الحركات المسلحة في سيناء قال: "الجماعات الإرهابية التي تدعي كذبا وتضليلا أنها تنطلق من مرجعيات دينية لتحرير القدس، نكاد نقطع بصلتها الوثيقة بإسرائيل، مباشرة أو اختراقا.
وأوضح أن ما يكشفها أنها توجه سلاحها إلى الداخل المصري وليس إلى إسرائيل التي لا تبعد عنها سوى أمتار قليلة، مدللا على قوله بأن من يملك القيام بعمليات بهذا الحجم من الكفاءة والقوة، يستطيع أن يفعلها مع قوات الاحتلال الصهيونية، فماذا يعيقهم أو يحول دون فعلهم؟" وتابع، أن من يتذرع بأن الجيش هو الذى بدأ بالإرهاب، وأنهم يقاتلونه ردًا وانتقامًا من أعمال القتل العشوائي الذى قام به ضد الأبرياء من أهل سيناء، نرد عليه بان أول عملية إرهابية تمت في أغسطس 2012 قبل أي عمليات للقوات المسلحة هناك، مضيفا أنه إذا كانت داعش والقاعدة من صناعة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية، فإن أنصار بيت المقدس وولاية سيناء من صناعة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بامتياز. تهجير الأقباط من سيناء
وفيما يخص ترك عشرات الأسر القبطية منازلهم بمدينة العريش ونزوحهم خوفا من الجماعات المسلحة إلى الإسماعيلية، قال: "القتل واحد، والقاتل مجرم والمقتول ضحية. وإذا كان لأي منا رأي آخر فالعيب فيه، فليس هناك فرق بين قتل المسيحيين فى العريش وفي الكنيسة البطرسية وفى ماسبيرو وفى كنيسة القديسين، و بين قتل الجنود أو المدنيين الأبرياء فى سيناء، وبين قتل الثوار فى يناير، و بين قتل الإخوان في رابعة، و بين قتل الشباب فى محمد محمود، و بين قتل النائب العام و قائد الفرقة التاسعة، و بين قتل المشجعين فى استاد بورسعيد وفى استاد الدفاع الجوى، و بين قتل المحتجزين في أقسام الشرطة".
وأضاف أن أول خطوات مواجهة الإرهاب والإرهابيين هي تجريم كل أنواع القتل ومحاكمة كل القتلة بدون تفرقة أو تمييز أو عنصرية أو طائفية على أساس الدين أو الانتماء الفكري والسياسي أو الوظيفة العامة. ابحثوا عن الكيان الصهيونى فى كل شئ واختتم سيف الدولة حديثه موجها مجموعة من الأسئلة للنظام والرأي العام المصري قائلا : ما هي الجهات الحقيقية التي تقف وراء العمليات الارهابية؟ وما هو دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فيها، خاصة أن سواحل سيناء على خليج العقبة مفتوحة لأي سائح إسرائيلي لمدة أسبوعين بدون تأشيرة عبر منفذ طابا، ناهيك عن كون الحدود الطويلة المشتركة محرومة، بموجب المعاهدة، من وجود وحماية قوات حرس الحدود المصرى، إلا بما تأذن وتجود به إسرائيل؟
وواصل تساؤلاته قائلا: ما هي طبيعة وتفاصيل ونتائج وآثار العمليات العسكرية فى سيناء؟ وما هو حجم وعدد وأسماء القتلى من الإرهابيين أو من الضحايا المدنيين الأبرياء من الأهالي؟ وملابسات ووقائع مقتل كل منهم بالتفصيل؟ وما حقيقة ما يشاع من أن هدم المنازل وسقوط الأبرياء، أنشأ حالة تعاطف من الأهالي مع الإرهابيين، مما قد يسفر عن خلق حاضنة شعبية لهم؟ وما هو السر وراء تغير وانقلاب موقف "السيسى" 180 درجة فيما يتعلق بإجراءات إخلاء المنطقة الحدودية وهدم .منازلها وتهجير أهاليها، وهى الإجراءات التي سبق وحذر هو نفسه منها ومن آثارها المدمرة؟