تشهد أسعار جميع السلع في مصر ، أرتفاعًا كبيرًا ، فمنذ ما يقرب من شهرين وخاصة بعد قرار محافظ البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في شهر نوفمبر الماضي ، وبالتزامن مع قيام وزارة البترول بتحريك أسعار الوقود ، كل هذه الأجراءات أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار جميع السلع سواء الغذائية أو الاستهلاكية أو الكهربائية وغيرها من السلع الأخري. واقع الأمر ، أن تعويم الجنيه كان سببًا فى العديد من الأزمات نظرًا لاعتماد مصر على استيراد أكثر من 80% من المنتجات والمواد الخام ، ترتب على ذلك ارتفاع العديد من السلع ، من بينها اللحوم ، حيث واصلت ارتفاعها حتى سجلت بورصة أسعارها بين 120 و140 جنيهًا سعر كيلو البتلو في الأقاليم و150 و180 في الأحياء الراقية بالقاهرة والإسكندرية ، لكن الأغرب أن ثلث الشعب قاطع شراء اللحوم. على الجانب الآخر ، رصد تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ، ديسمبر الماضي ، أن نسبة الفقر فى مصر ارتفعت إلى 27.8% خلال عام 2016، وأن نسبة الفقر المدقع وصلت إلى 5.3% من السكان نتيجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية، إضافة إلى أن مبلغ 322 جنيهًا للفرد شهريًا هو متوسط قيمة خط الفقر المدقع بينما لو وصل الفرد لدخل 482 جنيهًا شهريًا هو خط الفقر، إضافة إلى أن 56.7% من سكان المحافظات القبلية لا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية وقد وصلت النسبة إلى 19.7% فى المحافظات البحرية. وتسبب ارتفاع أسعار اللحوم إلى عزوف فئات كثيرة من المواطنين عن شراءها ؛ ما أدى إلى إحداث ركود تام في محلات الجزارة بسبب غلاء الأسعار بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع التكاليف الخاصة بتربية المواشي وارتفاع أسعار العلف . ارتفاع رهيب فى الأسعار كشف هيثم عبد الباسط ، نائب رئيس شعبة القصابين في الغرفة التجارية بالقاهرة، عن ارتفاع أسعار اللحوم بشكل كبير خلال الفترة الماضية، جراء استمرار أزمة الدولار.
وقال عبد الباسط، في تصريحات صحفية، إن أسعار اللحوم شهدت بعض الارتفاعات خلال الفترة الأخيرة، ووصل سعر كيلو البتلو إلي 180 جنيهًا، فيما وصل سعر كيلو الكندوز والريش إلى 130 جنيهًا، وسعر كيلو الضاني إلى 120 جنيهًا، ووصل سعر كيلو اللحم الجملي إلى 90 جنيهًا ، وسعر كيلو الكبدة البلدي يصل إلي 130 جنية للكيلو. وأضاف عبد الباسط أن الاسعار تشهد ارتفاعات متكررة منذ شهر أغسطس الماضي؛ بسبب الارتفاع المتكرر في أسعار الأعلاف جراء تحرك سعر الدولار. أحد الجزارين قال فى حديث ل"الشعب" ، أن هناك عزوف كبير عن شراء اللحوم ، كما أن هناك حالة ركود كبيرة فى السوق على الرغم من أعياد الأقباط التى عادة ما تحدث رواجًا ، مشيرًا إلى أن الجزارين ليس لهم أى دخل في الارتفاع الجنوني في الأسعار ، مؤكدًا انه رب أسرة ولدية منزل وأطفال ويعانى مثلما يعانى طبقات الشعب المتوسطة. النظام يهدم الثورة الحيوانية كشف الدكتور تامر سمير ، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين السابق ، أن مصر لديها ثلاث مشكلات ، وهى أن الدولة تسعى لهدم الثروة الحيوانية وذلك عن طريق السماح باستيراد اللحوم المجمدة والحية بصورة كبيرة وهذا أدى الى أن المربي اضطر إلى بيع مواشيه وبعضهم رفض الذبح واستمر فى تربيتها للحصول على لبنها لأنه لو ذبحها سيخسر، مضيفًا أن المشكلة الثانية تتمثل فى غلو أسعار خامات العلف أدى لارتفاع تكلفة التربية، اضافة إلى ارتفاع سعر العمالة طبقًا لغلاء الأسعار. أضاف سمير، أن من بين الأسباب عدم تطبيق الإشراف البيطري على المزارع وهو أخطر شيء لان ذلك أدى الى انتشار الأوبئة في المزارع وبالتالي قلتها، اضافة الى لجوء بعض الجزارين إلى ذبح الإناث وذبح لحوم البتلو وهذه كارثة كبرى ، هذا بالإضافة إلى ذبح اللحوم اللبانى الأقل من 90 كيلو لبيعها بسعر عالٍ، اضف الى ذلك عم تعيين اطباء بيطريين والنتيجة عدم وجود حملات تحصين على المزارع لحمايتها من الأمراض، وأضف إلى ذلك ايضا عدم توافر الدواجن أدى لارتفاع اسعار اللحوم. وطرح سمير، عددًا من الحلول منها إعادة مشروع البتلو مرة اخرى وهو عبارة عن أن أي فلاح يريد بيع البتلو صغير تقوم الحكومة بشرائه منه وتعطيه العجل ليربيه مرة اخرى بمقابل مادى يصرف له من بنك التنمية ، اضافة إلى تعيين أطباء بيطريين لتحصين الحيوانات والكشف عليهم ، اضافة إلى توفير اعلاف رخيصة الثمن وذلك عن طريق استصلاح أرضى صحراوية ، فلو زرعنا ذرة سنوفر علف رخيص ، مع زيادة البحث العلمى فى مجال التحصينات واللقاحات ومجال الرعاية التناسلية غير الموجودة فى مصر نهائيًا لوجود نسبة عالية من البقر فى مصر تصاب بما يسمى التفويت أو الشيوع الكاذب فتأكل أكثر مما تعطى إنتاجًا ، اضافة إلى توفير بدائل البان رخيصة الثمن حتى يوفر البان فى السوق ويجعل العجل الصغير لا يشرب لبن كثيرًا وينموا بسرعة ويدخل فى مرحلة التسمين مبكرًا. وتابع عضو المجلس السباق لنقابة الأطباء البيطريين ، أنه من بين الحلول رفع قيمة التعويضات على المواشي المفقودة لأن أغلب المذبوحات خارج المجازر قد تكون مريضة مع ضرورة عمل توعية لصغار المربين بأهمية استعمال السيلاج كبدائل للأعلاف وهو عبارة عن ذرة مفرومة بعد تخميرها كبديل للنبات الأخضر والمركزات فلو توافرت بصورة عالية ستقلل اسعار اللحوم. التعويم عامل رئيسي ورأى الدكتور حسين خلف الله، مدير مديرية الطب البيطرى السابق بالقاهرة، أن مشكلة ارتفاع اسعار اللحوم فى مصر سواء الداجنة أو الحيواني هى الأعلاف، مضيفًا أننا ليس لدينا انتاج اعلاف فى مصر فكل الاعلاف نستوردها من الخارج بعكس دول مثل البرازيل واستراليا والهند لديهم مراعى خضراء ترعى بها الحيوانات لكننا فى مصر المراعى الطبيعية قليلة لأننا نستغل المساحات فى زراعة القمح والخضراذوات الاخرى. أضاف خلف الله، أن مصر مستورد كبير للأعلاف، اضافة إلى أننا لم نحافظ على الثروة الحيوانية، حيث نقوم بذبح اناث الأبقار والجاموس والبتلو وارجع ذلك لعدم وعى بعض الأفراد والقانون يمنع ذبحها نهائيًا وايضًا الصغيرة، مضيفًا أن استهلاك اللحوم فى مصر مرتبط بالعرض والطلب والعرض لدينا اقل من المطلوب ولذلك تلجأ مصر لاستيراد اللحوم من الخارج اما مذبوحة أو حية، اضافة إلى أن الثروة الداجنة بها خلل كبير لأننا نستورد الكتكوت حتى اليوم وايضا نستورد الأعلاف والمضادات الحيوية واضافات الأعلاف وغيرها ولا توجد لدينا صناعة دواجن فى مصر. ولفت مدير عام الطب البيطري السابق بالقاهرة إلى أننا غير قادرين حتى الآن على انتاج كتكوت مصرى وهذه كارثة، والسبب غياب التعاون بين المستثمرين والجامعات ومعاهد الأبحاث، إضافة الى أننا نعيش على 8 % من مساحة ارض مصر ولا يوجد اى تعمير او استصلاح للصحارى بزراعتها مراعى أو اعلاف وذلك لتغذية الحيوانات، مؤكدًا أننا لو وفرنا العلف لم يلجأ المربى لذبح الإناث والبتلو وستنخفض أسعار اللحوم بالتأكيد. من ناحيته ، قال محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إن هناك بالفعل محلات تبيع اللحوم بأسعار من 120 و130 جنيهًا، فكل أسعار السلع زادت ما عدا اللحمة وتعتبر هذه الزيادة بها قليلة، مؤكدًا أن سبب ارتفاع أسعارها هو ارتفاع أسعار الأعلاف وارتفاع سعر الدولار، هذا بالإضافة إلى أننا دولة ليس لديها تنمية ولا إنتاج واعتمادنا الكلى على المستورد سواء مجمد أو الحى من الحيوانات أو الأعلاف. وأضاف شرف، أن الحل في هذه المشكلة هو إنشاء مصانع للعلف فى مصر وتنمية الثورة الحيوانية والإقلال من الاستيراد حتى لا نظل طوال حياتنا فى احتياج، لأن المستورد حلول مؤقتة لتوفير الأعلاف أو اللحوم وعند انتهائها سنلجأ للاستيراد مرة أخرى.