منذ اندلاع ثورات الربيع العربي وانتفاضة الشعب السوري، أي منذ ما يقرب من الستة أعوام وأتون الصراع في سوريا محتدم بين النظام الحاكم والجماعات غير الحكومية المسلحة – والمدعوم أكثرها من بعض دول الإقليم – من ناحية ، وبين الجماعات المسلحة الغير حكومية وبعضها البعض من ناحية أخرى ، وما زالت دماء الشعب السوري تتدفق فيقتل أكثر من 250 ألف ويصاب ويجرح ويعوق أكثر من ضعف هذا الرقم ، كما لا زالت موجات نزوح وهجرة السوريين تتزايد حتى وصلت الى أكثر من 12 مليون سوري منهم حوالي 5 مليون لاجئ خارج بلادهم في دول أخرى، إضافة إلى حوالي 7 مليون مشردين من ديارهم إلى مناطق أخرى داخل سوريا أكثر أمناً. وإذا نظرنا إلى خريطة الصراع الدائر على أرض سوريا الحبيبة نجد أن هناك ما يزيد عن 8 قوى مسلحة فاعلة في هذا الصراع من بينها (قوات النظام السوري الحاكم، تنظيم الدولة، جبهة النصرة، الجيش الحر، عناصر حزب الله، أحرار الشام، جيش الإسلام، ووحدات حماية الشعب الكردية)، أما القوى الدولية الفاعلة فهناك أكثر من 80 دولة بعضها يشارك بجيوشه مباشرة والبعض الآخر يشارك بعض أفراد جيوشه متطوعين في التنظيمات الغير حكومية المسلحة، وعلى رأس القوى الدولية الرئيسية المشاركة بجيوشها والتي تعتبر المحرك الرئيسي للصراع تأتي في المقدمة أمريكا وروسيا ويليهم فرنسا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى القوى الإقليمية المتورطة في الصراع كإيران وتركيا والسعودية وقطر والإمارات والأردن وغيرها من الدول الداعمة لقوات النظام السوري الحاكم أو للجماعات المسلحة. وإذا رجعنا إلى مخطط المستشرق الصهيوني برنارد لويس (مستشرق بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية) لتقسيم الدول العربية والإسلامية، نجد أن ما يحدث في سوريا الغرض منه هو تفكيكها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة في إطار خطة أكبر يهدف الحلف الصهيوني الأمريكي وأعوانه في المنطقة إلى تنفيذها وتحقيقها لتفتيت أمتنا العربية والإسلامية وتجزئتها وتحويلها إلي دويلات ضعيفة متناحرة يكون فيه الكيان الصهيوني هو الأقوى والسيد المطاع، وما حدث من تقسيم فعلي للعراق نفذه الاحتلال الأمريكي على الأرض بمعاونة حلفاؤها الإقليميين يؤكد ما نقول، ولم تكتفي أمريكا بذلك بل حرصت على حمايته بصياغته في الدستور العراقي. ويؤكد ما سبق أن الكيان الصهيوني لا يتدخل مباشرة فيما يدور على حدوده وتصل بعض شظاياه إليها إذ أنهم ينتظرون إلى أن يتخلص العرب والمسلمون من بعضهم البعض وتستنزف قوتهم وجيوشهم، لتقع الثمار ناضجة في حجرهم، وثمرتهم الأولى التي يستهدفونها هي سوريا المقسمة والعراق المقسم، أما مصر والسعودية – الجائزة الكبرى - فستقولان حينئذ لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض. إن حزب الاستقلال وهو يرى ما يحدث في سوريا فإنه يحذر من نتائجه المتمثلة في خطر تقسيم الدول العربية وإضعاف قوى المقاومة فيها والتي قد تنحاز إلى طرف دون طرف في الصراع الدائر مما يضعف من مقاومتنا للمخطط الأمريكي الصهيوني بما يصب في النهاية في صالح الكيان الصهيوني. إن حزب الاستقلال يوجه نداءه إلى جميع القوى الإقليمية المتورطة في الصراع الدائر في سوريا (السعودية وايران وتركيا وقطر وحزب الله والإمارات) أن ترفع أيديها عن سوريا ولاتتدخل في الخلاف بين الشعب السوري ونظامه وفصائله المختلفة كما نطالب بخروج جميع المسلحين من الجنسيات الأخرى الغير سورية من سوريا لأن كل هذا زاد القضية تعقيدا، وندعوها لأن ترفع الدعم عن الأطراف السورية المتصارعة ، وأن تدفع هذه الأطراف إلى وضع السلاح سواء كان جيش النظام أو الجماعات المسلحة غير الحكومية، وأن تجلس هذه الأطراف لمائدة المفاوضات وحدهم داخل سوريا وليس خارجها وأن يعودوا إلى الشعب السوري فيما يختلفون فيه ولا يستطيعون حسمه، وذلك حتى نبطل المخططات الخارجية التي تحاك ضد الشعب السوري الشقيق وضد منطقتنا وشعوبها وثرواتها.. كما يناشد الحزب شعوب أمتنا بممارسة كافة الضغوط وفضح القوى الدولية (وتحديدا أمريكا وروسيا وفرنسا وحلفائهم وعملائهم ) لترفع يدها عن سوريا فقد باتت لعبتهم مكشوفة وستعي الشعوب العربية قريبا أن طريقها الوحيد للبناء والحرية والكرامة هو في التحرر من السيطرة الأمريكية والغربية البغيضة وأن تتخذ قرارها بنفسها دون أي تدخل خارجي إقليمي أو دولي. والله أكبر ويحيا الشعب والله أكبر وتحيا سوريا حزب الاستقلال