شرع الله تعالى الصوم على أتم ما يكون من الحكمة فأمر الصائم أن يصوم صوماً معتدلاً ، فلا يضر نفسه بالصيام ، ولا يتناول ما يضاد الصيام. وتتنوع مبطلات الصيام في نهار رمضان ما بين الأكل والشرب عمدًا، والجماع، وخروج دم الحيض أو النفاس إلى جانب التقيؤ عمدًا. بينما اختلف العلماء بشأن الحجامة وهل هي من المفطرات أم لا؟ وبغض النظر عن التفاصيل والاختلافات، المفطر عمدًا يجب عليه القضاء والكفارة. ويمتنع الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات في نهار رمضان مع أن أكثرها في الأصل من مباح التزاما بأمر الله تعالى، وشعورًا مع المحرومين الفقراء الذين يجوعون ويعطشون حتى في الأيام العادية، وتحقيقًا للتقوى التي ذكرها سبحانه وتعالى في قوله: "كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" [البقرة: 183]. ومن أتى شيئا من المفطرات قبل أن تغرب الشمس فإن صومه يعدّ باطلًا، ويترتب عليه الإثم وأحكام أخرى كالقضاء أو الكفارة، بحسب تفاصيل في الفروع يذكرها العلماء وقد يختلفون فيها. لكن الصوم لا يبطل إلا إذا تحققت في الصائم شروط ثلاثة: العلم والتذكر والقصد، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". فإذا ارتكب المسلم شيئا من المفطرات دون قصد، أو كان مكرها عليه، أو فعله ناسيا أنه صائم، فإنه يتم صومه ولا شيء عليه، فقد قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: "من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه". وكما أن دخول الطعام إلى الجوف يبطل الصوم، فإن خروجه منه عمدا -بالقيء- يبطله أيضا، وقد فرق رسول الله عليه الصلاة والسلام بين من يتقيأ متعمدا وبين من يغلبه القيء ولا يستطيع أن يمسكه، فقد قال عليه السلام: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقضِ" (ذرعه: غلبه). قضاء وكفارة ومما يمتنع عنه الصائم في نهار رمضان أيضا الجماع -أو العلاقة الجنسية- فإنه يبطل صوم الزوجين كليهما، ويجب عليهما قضاء هذا اليوم الذي أفطراه، كما تجب الكفارة بإطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين. فقد روت كتب الحديث الصحيحة أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا رسول الله، هلكت، وقعت على امرأتي وأنا صائم". فأمره عليه السلام أن يؤدي الكفارة، فيعتق رقبة (يحرر عبدا) أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا. ولما اعتذر الرجل بالفقر عن العتق والإطعام وبأنه لا يستطيع الصيام، أعطاه النبي وعاء مملوءا تمرا وأمره أن يتصدق به. فذكر الرجلُ أنه أفقر أهل المدينة، فضحك عليه الصلاة والسلام وأمره أن يطعم أهله التمر. أما الجماع في ليل رمضان فمباح، ولا شيء فيه لأن الله تعالى يقول: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ" [البقرة: 187]، فوصف الزوجين بأن أحدهما لباس للآخر. ويبطل الصومَ كذلك الاستمناء، وهو تعمد خروج المني في حال اليقظة، ومن فعله وجب عليه قضاء هذا اليوم الذي أفطره. خصوصية للمرأة وللمرأة المسلمة أحكام خاصة في الصيام، إذ لا يجوز لها أن تصوم إذا كانت حائضا أو نفساء، وروي -في حديث صحيح- عن أم المؤمنين عائشة قولها عن النساء الحوائض في عهد النبي عليه السلام، أنهن كنّ "نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة". ولذلك فإن المرأة إذا حاضت أو صارت نفساء، فإنها تفطر ما دام ينزل منها دم الحيض أو النفاس، ثم تقضي تلك الأيام في وقت لاحق. ومع حرص المسلمين على تجنب المفطرات التي نهى الله عنها في نهار رمضان، فإن العلماء اختلفوا في كون بعض الأمور من المفطرات، كسحب الدم -بالحجامة أو غيرها- والإبر المغذية وغير تلك من المسائل.