تسود حالة من القلق المشوبة بالغضب اوساط الجالية الاسلامية في بريطانيا، بعد كشف السلطات الامنية البريطانية عن خطة ارهابية تورط فيها تسعة اشخاص، كانت تهدف الي خطف جندي بريطاني مسلم وتعذيبه ثم قطع رأسه ونشر الصور علي مواقع الانترنت. مصدر القلق هو توجيه اصابع الاتهام الي هذه الجالية مرة اخري، باعتبارها معمل تفريخ لارهابيين يريدون زعزعة الاستقرار في بريطانيا، والحاق الاذي بمواطنيها. والجالية الاسلامية محقة في غضبها، فلا تمر بضعة اشهر دون ان يتم الكشف عن خطط مماثلة، تفرد لها الصحف ونشرات الاخبار في محطات التلفزة مساحات واسعة للحديث عنها باسهاب، الامر الذي يعرض المسلمين للمزيد من المضايقات والاتهامات بالارهاب، مما يضيف متاعب جديدة اليهم الي جانب المشاكل المزمنة التي يواجهونها حاليا، وتتمثل في البطالة والسكن والطبابة، والتوقيف من قبل البوليس. السلطات الامنية اقدمت علي تصرفات اثارت الذعر في اوساط الجالية، عندما اقتحمت منازل المتهمين فجرا، وكسرت الاقفال، وروعت الاطفال واعتقلت من رأت انه متورط في المؤامرة الاخيرة. الشيء نفسه حدث اكثر من مرة في السابق وتم الحديث عن خطط ارهابية لقتل عشرات الآلاف في محطات الانفاق، وجري اعتقال خلية من الجزائريين في شمال لندن بتهمة انشاء معمل لانتاج غاز الرايسن القاتل، ليتبين بعد ذلك كذب كل هذه الادعاءات، وتبرئة جميع المعتقلين من التهم الموجهة اليهم، ولكن بعد ان جري تشويه سمعة الجالية الاسلامية والحاق تهم الارهاب بها زورا وبهتانا. لا نستطيع ان نجزم بصحة الاتهامات او عدمها الموجهة الي المعتقلين التسعة في مؤامرة خطف الجندي البريطاني المسلم المزعومة، ونفضل ان ننتظر حكم القضاء البريطاني الذي لا نشك في عدالته، ولكن من حقنا ان نطرح العديد من علامات الاستفهام حول هذه الاتهامات وتوقيتها علي ضوء تصرفات الاجهزة الامنية السابقة وثقافة توظيف الارهاب بشكل مستمر كجزء من سياسة الحكومة الحالية لاخفاء فضائحها وتبرير سياستها الخارجية الفاشلة في الشرق الاوسط. فهل من قبيل الصدفة الكشف عن هذه المؤامرة الارهابية يوم اعتقال اللورد ليفي مبعوث توني بلير رئيس الوزراء الي الشرق الاوسط، واكثر المسؤولين البريطانيين تعاطفا مع الدولة العبرية، بتهمة جمع تبرعات لحزب العمال من قبل اثرياء بريطانيين مقابل حصولهم علي لقب لورد ؟ وهل من قبيل الصدفة ايضا ان يتزامن هذا الكشف مع التحقيق مرة اخري مع السيد بلير في اطار القضية نفسها؟ نحن نطرح هذه التساؤلات استنادا الي ما تم كشفه حول استخدام مساعدي توني بلير هذا الاسلوب لاخفاء بعض الفضائح اكثر من مرة في الماضي، في اطار ما يعرف بثقافة Spin Doctor ، او كنس الاخبار السيئة تحت السجاد بطريقة ذكية وتحويل الانظار عنها باختلاق احداث اخري. فاذا كانت الاجهزة الامنية البريطانية تراقب المجموعة المستهدفة منذ ستة اشهر، وعلي اطلاع بكل تحركاتها، فلماذا اختارت هذا التوقيت بالذات لفضحها، واحداث هذه الضجة الاعلامية؟ نحن لسنا من المؤمنين او المروجين لنظرية المؤامرة، ولكن متابعتنا لسياسة هذه الحكومة واكاذيبها التي اطلقتها دائما لتضليل الرأي العام البريطاني، وابرزها اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية، وملف قدرة العراق علي تجهيزه هذه الاسلحة للاستخدام في غضون 45 دقيقة تجعلنا نشكك دائما برواياتها خاصة تلك المتعلقة بالارهاب الاسلامي. نعم هناك مجموعات متطرفة في اوساط المسلمين البريطانيين، ونعترف ان احداث السابع من تموز (يوليو) عام 2005 التي راح ضحيتها عشرات الابرياء من البريطانيين من مختلف الاديان والالوان كانت المثال الابرز علي خطر هؤلاء ونزعاتهم الدموية، ولكن لا بد من التسليم ايضا بان الحكومة البريطانية تستخدم سياسة التخويف لارهاب البريطانيين، والمسلمين منهم بالذات، لتبرير سياساتها الخارجية التي عرضت الامن البريطاني للخطر، وجاءت بالارهاب الي قلب مدينة لندن. عن القدس العربى