يلفّ الغموض مصير الملحق العسكري الصهيونى بباريس ديفيد داهان الذي فقد أثره منذ 23 -1-2007 ، وسط تعتيم اعلامي صهيونى على الموضوع والاكتفاء بتلميح مصادر بالكيان إلى فرضية انتحاره لخلافاته مع زوجته. الخارجية الفرنسية قالت في تصريح لوكالات الأنباء أنه "صعب أن يقال أنه قتل أو اختطف أو أي شئ آخر لأنه لا يوجد دليل على ذلك". وتعتبر حادثة اختفاء ديفيد داهان الثانية من نوعها التي يتعرض لها ديبلوماسي صهيونى في فرنسا منذ عام 1983 عندما قتل السكرتير الثاني في السفارة الاسرائيلية آنذاك. وقد تناقضت الأنباء بين من يؤكد احتراق سيارة ديفيد داهان ونفي لذلك.
وكانت صحيفة "معاريف" قد تحدثت يوم 23-1-2007 عن اختفاء داهان، وادعت أنه كان يعاني من إحباط بعدما طلبت منه زوجته الطلاق، وقد ترك رسالة على طاولة في شقته التي قامت الشرطة الفرنسية بتفتيشها. واضافت الصحيفة: إن هذا المسؤول إختفى من منزله الواقع قرب السفارة الصهيونية ليلة الاثنين 22-1-2007، فيما اطلقت الشرطة الفرنسية بمساعدة مسؤولين من أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية حملة بحث عنه. وقد أعلنت الشرطة الفرنسية انها عثرت الاربعاء 24 في مدينة وران ، على سيارة ديفيد داهان .وقال المصدر: إن الوحدة الجنائية في الشرطة القضائية توجهت الى الحي الذي عثر فيه على السيارة خالية، وتم تسليمها الى أعضاء سفارة الكيان ، موضحا: إن السيارة لا تحمل أي آثار إعتداء. ولم ينشر الاعلام الصهيونى حول هذه القضية أي خبر باستثناء الخبر الذي نشرته "معاريف"، وكذلك فعل الاعلام الفرنسي.
وقال إريك رولو، رئيس تحرير صحيفة لوموند سابقاً، إنه " لشئ عجيب أن الخبر لم ينشر في الصحافة الفرنسية"، مضيفا " يقال أنه انتحر لأسباب شخصية ولا أستبعد أن يكون ما جرى قتلا سياسيا ولكن لا دليل على هذا". وذكّر أنه " لم تحصل أبدا أي حادثة من هذا النوع في فرنسا منذ اغتيال الديبلوماسي عام 1983".
تحليل المركز الأوروبى لكن المركز الأوروبي للاستخبارات والأمن، أضاف تحليلا خاصا ومهما بعد نشره خبر اختفاء داهان. وقال على موقعه باللغة الفرنسية :"يعد التعاون العسكري الفرنسي الاسرائيلي، بصرف النظر عن الاختلاف السياسي الذي يظهر من فترة لأخرى بين البلدين، في مستوى رفيع وهناك دائرة خاصة في وزارة الدفاع الفرنسية مهمتها فقط التعاون العسكري مع اسرائيل. وأما الجانب الاسرائيلي فيعتبر التعاون العسكري مع فرنسا من الاهداف الاستراتيجية لهم إلى حد أن الاسرائيليين صنفوا قضية اختفاء ديفيد داهان من اسرار الأمن القومي (أسرار دفاعية) ويمارسون التعتميم الاعلامي حول هذا الملف".
ويثير هذا التحليل تساؤلات عن ما ذكرته صحيفة "معاريف" أن اختفاء دهان يتعلق بخلافات مع زوجته، فيما يذكر المركز الأوروبي كما يتضح من الفقرة المترجمة أعلاه أن الكيان يعتبر قضية داهان من أسرار الأمن القومي؟
د. عماد جاد، رئيس تحرير مجلة " مختارات إسرائيلية" المصرية، في حديث ل"لعربية" قال أنه تابع ما نشر إزاء قضية اختفاء داهان، ووجد آراء مختلفة في نشرات غير رسمية تصدر فى الكيان.
وقال : "هناك جانبان، جانب يدفع بوجود أسباب شخصية وراء اختفائه وهو طلاقه من زوجته، وجانب يتخوف حتى لو كان الأمر شخصيا حيث أنه كانت بحوزته معلومات حساسة للغاية وبالتالي الخوف من وقوع هذه المعلومات بيد آخرين لأنه ليس مجرد ضابط عسكري في باريس فهو مسؤول عن قطاع واسع في أوروبا أي حلف شمال الأطلسي ويترأس مجموعة تقود عمليات في عدة دول عربية ". وأضاف " حتى لو كان سبب الاختفاء شخصيا يبقى هناك لغز حول ما كان لديه من معلومات". وقال "في الصحف الاسرائيلية لا ينشر أي شئ يتعلق بالجيش الاسرائيلي إلا بعد إذن من وزارة الدفاع". وذكّر د. جاد بالعلاقات العسكرية الجيدة بين اسرائيل وفرنسا، مشيرا إلى أن "اول مفاعل نووي صهيونى (ديمونة) هو فرنسي حيث قدمت الخبرة والمعدات ومن هذه اللحظة مهما توتر الجو السياسي يبقى ذلك منفصل عن التعاون العسكري الذي يتقدم نحو الافضل بشكل دائما". وعلّق على مهمة الملحق العسكري: "الملحق العسكري يقيم لمتابعة العلاقات العسكرية ولكن مع أشخاص آخرين وتحت مسميات ديبلوماسية يتابع النشاط الاستخباري بالدول الصديقة أو العدوة ، وقد قرأت أن داهان مسؤول على الاشراف على بعض العناصر الاستخباراتية الموجدة في القارة الأوربية".
وذكر اعلاميون في فرنسا "للعربية" ، وقد رفضوا نشر أسمائهم، أن سيارة داهان التي عثرت عليها الشرطة الفرنسية "كانت محترقة". وداهان، كما يذكر هؤلاء الاعلاميون، من أصول مغربية وولد في الدارالبيضاء عام1954 ، وزوجته اسرائيلية، واعتمد عام 2002 في السفارة الاسرائيلية على أساس أنه وزير مكلف بالشؤون الصناعية . إلا أن الخارجية الفرنسية نفت أن تكون سيارة داهان "محترقة". وقالت نائبة المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: السيارة لم تكن محترقة ولا توجد أي مشكلة فيها أبدا.
وأضافت المتحدثة الفرنسية، التي اشترطت عدم نشر اسمها، في اتصال مع العربية.نت " ما نعرفه أن الداخلية تعمل في القضية ، و البوليس الفرنسي وجد السيارة شمال باريس لكن ليس هناك تفاصيل أخرى. ولم يعثر حتى اليوم على ديفيد داهان. وأضافت: يقال هنا ويفكر الناس أنه انتحر وليس هناك أي دليل، وصعب أن نقول أنه قتل أو اختطف أو أي شئ آخر لأنه لا يوجد دليل مؤكد.وأشارت إلى " الداخلية الفرنسية تتعاون مع زملائها الاسرائيليين في هذه القضية". يذكر أن الحكومة الفرنسية اعتقلت عام 1983 اللبناني جورج ابراهيم عبد الله على خلفية اتهامه باغتيال ياكوف بارسيمنتوف، السكريتير الثاني للسفارة الاسرائيلية في فرنسا، في 3 نيسان 1982، ولا يزال معتقلا بفرنسا يقضي حكما بالسجن المؤبد. ويذكر أن مسؤول عسكري صهيونى اختطف عام 2000 وهو العقيد الحنان تننباوم الذي اختطفه " حزب الله " في العام 2000 واقتاده إلى بيروت قبل أن يطلق سراحه بعد ثلاث سنوات في عملية تبادل للأسرى.