تنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تنشر دليلًا إرشاديًا لتنسيق القبول بالجامعات الحكومية والمعاهد في "سؤال وجواب"    تنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تنشر انفوجرافات حول تنسيق القبول بالجامعات الحكومية والمعاهد في "سؤال وجواب"    د. يسري جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة ومكانتها في البيت والمجتمع    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    جامعة بنها: طفرة غير مسبوقة في الأنشطة الطلابية خلال 2024 - 2025    هولندا تقدم تمويلات تنموية لمصر بقيمة تتجاوز 407 مليون يورو    "الإصلاح الزراعي" تواصل دعم المنتفعين وإزالة التعديات وتحصيل المستحقات    «اقتصادية قناة السويس» تبحث تخصيص مساحة جديدة لمجموعة «تيدا» الصينية    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    ماذا ورد في البيان السوري الفرنسي الأمريكي بشأن السويداء وقوات سوريا الديمقراطية؟    مصر ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حرائق الغابات تحاصر ساحل البحر المتوسط في تركيا والحكومة تعلن منطقتي كوارث    فيريرا يُلقي محاضرة فنية على لاعبي الزمالك قبل ودية وادي دجلة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    32 ألف شخص شاهدوا الشاطر في دور العرض أمس.. و6 ل سيكو سيكو    عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات تراثك ميراثك    ب"فستان قصير"..أحدث ظهور ل نرمين الفقي بمنزلها والجمهور يغازلها (صور)    هل يقبل عمل قاطع الرحم؟ د. يسري جبر يجيب    مشروبات الصيف المنعشة.. بين المذاق الساحر والفوائد الصحية    وكيلة "الصحة" توجه بتوسيع خدمات الكُلى بمستشفى الحميات بالإسماعيلية    وزير الاستثمار يلتقي مسئولي 4 شركات يابانية لاستعراض خططها الاستثمارية في مصر    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    زيلينسكي: دفاعاتنا تصد الهجوم الروسي خلال الصيف    «حماة الوطن» يحشد الآلاف في سوهاج لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    قصور الثقافة تختتم ملتقى فنون البادية التاسع بشمال سيناء    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    بيراميدز يتجه إلى إسطنبول لمواجهة قاسم باشا    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم في الطريق الزراعي بالشرقية    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    غدا، قطع الكهرباء عن 9 مناطق فى قنا    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة مدن الشمال التونسي تعود بالاحتجاجات فى الشارع من جديد
نشر في الشعب يوم 21 - 01 - 2016

تعيش المناطق المحرومة في الشمال والوسط والجنوب الغربي لتونس حالة احتقان ومعاناة، بعودة الغضب الشعبي إلى الشارع التونسي، والذي بدأت معالمه في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة القصرين وسط غرب تونس، في الأيام الأخيرة، بسبب الوضع الاجتماعي المتردي الذي دفع بعدد من الشباب اليائس للاحتجاج بطريقة أدت إلى موت أحدهم، قبل أن يعود الهدوء النسبي إلى القصرين، أمس الأربعاء.
وووفقا لتقرير "العربي الجديد" عرفت الاحتجاجات التي شهدتها القصرين ومدن قريبة منهاً، تصاعداً مفاجئاً، عكس حالة الاحتقان الاجتماعي التي تعيشها المناطق المحرومة، وأعادت إلى الأذهان مشاهد أواخر العام 2010 عندما اندلعت الثورة التونسية ووصلت ذروتها في هذه المناطق. وقامت الاحتجاجات بعد أن لقي شاب عاطل عن العمل حتفه، إثر سعيه للاحتجاج على إقصائه من قائمة الموعودين بوظيفة مثل زملائه الحاصلين على شهادات. فقام الشاب بالصعود إلى عمود كهربائي، فاحترق كما احترق محمد البوعزيزي، بعد خمس سنوات من الثورة التي لا تبدو أنها غيّرت شيئاً في وضع تلك المنطقة.
وتبعت ذلك احتجاجات على الرغم من إقالة نائب المحافظ المسؤول عن الملف، فحاول شابان الاحتجاج بطريقة مماثلة، وسقط أحدهما من أعلى جدار ليُنقل مصاباً إلى المستشفى. وسرعان ما عمّ غضب الشباب والأهالي أرجاء مدينة القصرين، ودخلوا في مواجهة مع الأمن. وأعلن المدير العام للصحة في القصرين عبدالغني الشعباني أنه تم تسجيل 20 إصابة في صفوف المواطنين وصفها بالطفيفة، أغلبها حالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، إضافة إلى 3 إصابات بجروح في صفوف الأمنيين والعسكريين، جراء المواجهات في ولاية القصرين التي استمرت لثلاثة أيام. وقال الشعباني، لوكالة الأنباء التونسية، إن المصابين ومن بينهم الشابان اللذان حاولا الانتحار الثلاثاء، تلقوا الإسعافات وغادر عدد منهم المستشفى.
وفي الأثناء، احتج مواطنون أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة تونس، دعماً لأهالي القصرين، ورفعوا شعارات ضد الحكومة. غير أن الاحتجاجات امتدت إلى مدن أخرى، فقد حصلت مواجهات بين القوات الأمنية ومحتجين في مدينتي تالة وفريانة من محافظة القصرين، تماماً كما حصل أيام اندلاع الثورة وإن بترتيب مغاير بين المدن.
وغير بعيد عن القصرين، شهد الإضراب عن الطعام الذي ينفذه معتصمو التربية في قفصة من حاملي الشهادات الجامعية منذ 16 يوماً، تطوراً مهماً أمس، إذ التحق أولياء المضربين لمساندة أبنائهم المطالبين بتوفير فرص عمل، وخرجوا معهم في مسيرة احتجاجية باتجاه مقر المحافظة. وقالت تقارير إعلامية إنه تم تسجيل تدهور مستمر في الحالة الصحية للمضربين عن الطعام، ونُقل بعضهم إلى المستشفى لإسعافهم. وحاول المحافظ إقناعهم بالتراجع عن الإضراب المتواصل منذ أكثر من أسبوعين، على الرغم من اعتصاماتهم المتكررة منذ حوالى سنتين.
وبالتوازي قام شباب في مدينة المكناسي وبوزيّان في محافظة سيدي بوزيد، مساء أول من أمس الثلاثاء، بقطع الطريق عبر إشعال الإطارات المطاطية للمطالبة بالتنمية وتوفير فرص العمل.
هكذا يبدو المشهد العام في هذه المدن التي بدأت تفقد صبرها، بعد انتظار دام خمس سنوات، وعلى الرغم من أنه مشهد اعتاد عليه التونسيون، خصوصاً من قِبل الشباب العاطل عن العمل، إلا أن الأمر يبدو مغايراً هذه المرة، إذ تتزايد خطورته وتنبئ بتطورات أكبر إذا لم تفلح الحكومة سريعاً في إيصال رسائل إيجابية حقيقية إلى هذه المدن اليائسة.
يُذكر أن القصرين وحدها يوجد فيها 28 ألف عاطل عن العمل، من بينهم 9 آلاف شاب يحملون شهادة عليا، وفق تأكيد النائب في البرلمان عن المنطقة وليد البناني، الذي عقد مع زملائه ممثلي المنطقة في مجلس النواب جلسة طارئة مع رئيس المجلس محمد الناصر، تمّ خلالها الاتفاق على زيارة وفد من النواب السبت المقبل إلى القصرين، للاجتماع بالأهالي وتحديد المشاكل والبحث عن حلول لها. ويبدو أن اجتماعاً ثانياً سيُعقد مع رئيس الحكومة الحبيب الصيد، لبحث توفير فرص عمل بشكل سريع.
وأعلن الناصر كذلك عن استدعاء الصيد لجلسة عامة مخصّصة للنظر في برنامج الحكومة بخصوص معالجة البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا. غير أن هذه القرارات تبدو غريبة في صياغتها والإعلان عنها، فمشاكل القصرين، والمناطق المماثلة، معروفة للجميع، وهي التي كانت وراء اندلاع الثورة، وبحثتها الحكومات المتعاقبة منذ خمس سنوات، وحذّرت أطراف كثيرة من عودتها، ونبّهت إلى أن صبر الناس هناك لن يكون أبدياً وسينفذ.
ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في تغيير الأوضاع ولو نسبياً، وإن كانت تلك الحكومات مؤقتة واستثنائية ولا تملك القدرة على وضع برامج استراتيجية بإمكانها تغيير الوضع جذرياً، وفق قولها، لكن الحكومة الحالية دائمة، وبدأت عملها منذ أكثر من عام، ولكنها فشلت أيضاً كسابقاتها في تحويل اليأس إلى أمل، وصياغة خطاب مشجع وبرامج قادرة على تغيير جزء من الحياة الصعبة هناك، خصوصاً في هذه الفترة من العام، حيث تشتد البرودة إلى درجة لا تطاق، وتتزايد معاناة الأهالي بعد قطع الطرقات جراء الأمطار والثلوج.
وعلى الرغم من أن هذه المناطق هي خط الدفاع الأول أمام الخطر الإرهابي المتنامي في جبل الشعانبي، إلا أنها لم تحظَ بأي لفتة حقيقية لتغيير أوضاعها، وبقيت مفتقدة لأبسط مقوّمات العيش البسيط. غير أن هذه المناطق بقيت صامدة منذ عقود، ولكن يبدو أن أهلها بدأوا يفقدون الصبر من الممارسة السياسية التي تصرّ على إرسال رسائل سلبية متتالية إلى التونسيين وتفقدهم الثقة في الطبقة السياسية عموماً والحكومة خصوصاً. فمع الخلافات التي تسيطر على المشهد في حزب "نداء تونس"، الذي وعد الناس بحل مشاكلهم ووصل إلى الحكم نتيجة لذلك، تتضاءل آمال التونسيين بحل مشاكلهم ويعود الواقع اليومي ليفرض نفسه، وهو ما ينذر بعودة الغضب إلى الشارع، الذي تبرز مخاوف من أن يكون أكبر مما شهدته أيام الثورة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.