لماذا الآن بدأ عمر البشير يعلو صوته بالقول "حلايب" سودانية ويطالب بتدخل سعودى لحل الأزمة ورجوعها إلى السودان؟ مما لا شك فيه أن السيسى دائر يتخبط هنا وهناك بعد أن انقلب على أول رئيس منتخب، وبعد تقاربه الشديد بالسعودية التى ساعدته فى الانقلاب وظلت تدعمه بالمال لفترات بجانب الإمارات، انقلبت عليه بعد تسريباته التى فضحته وأظهرته متسول لها طلبا فى المال وحسب، وتغيرت نظراتها بعد تولى الملك سلمان حكم المملكة، تجاه الإخوان المسلمين العدو الأول للسيسى، فاستغل الرئيس السودانى عدم وقوف السعودية معه، وتخبط السيسى داخليا وانهيار اقتصاده، وزيادة العمليات المسلحة، وفشله فى محاربة تنظيم الدولة، وبناء السد رغما عن مصر، بفتح ملف حلايب مرة آخرى والمطالبة بها. علاقة سد النهضة بحلايب وبشأن سد النهضة تداولت معلومات عن تلقى السيسى 4 مليار جنيها مقابل الصمت عن بناء السد، مما جعل السودان تنشأ تحالف جديد مع إثيوبيا ضد مصر، وبالرغم من قرب دولة الإمارات للسيسى إلا أنها تعتبره طفلا غبيا تلعب به الدول، وكانت قد أكدت أخبار عن تقديم دعم مالى من الإمارات لبناء سد النهضة، الذى يمنع الماء عن مصر ويصيبها بالشح والعطش على المدى البعيد، لصالح الكيان الصهيونى الصديق الودود للإمارات. وأدت الخرطوم أخيراً دوراً بارزاً في التقارب الأثيوبي السعودي، على الرغم من الوجود السعودي في أثيوبيا ممثلاً في استثمارات وصلت قيمتها إلى 13 مليار دولار، الأمر الذي مثّل مزيداً من التنسيق. و يعتمد البشير على الآلة الإعلامية الحكومية لترويج مقولاته، كما حدث في سبتمبر الماضي، عندما أوردت وكالة الأنباء السودانية خبراً مفاده أن قوة عسكرية سودانية عادت للمرابطة في حلايب، كما نقلت تصريحات عن مسؤولين تفيد بأن الحكومة السودانية أدرجت منطقة حلايب، بعد تحريرها من الجيش المصري.
ويعتبر التعاون الاستراتيجي بين السودان وأثيوبيا الذى تدفع مصر ثمنه، ظهرت معالمه بإعلان رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام دسالني، أمام برلمان بلاده، عزم حكومته على شراء أراضٍ سودانية لتشييد ميناء نهري خاص بها لتسهيل عملية نقل البضائع وعملية التصدير والاستيراد من وإلى أثيوبيا، لا سيما أن الأخيرة تُعدّ من الدول المعزولة التي لا تطل على أية بحار. وأثارت الخطوة مخاوف مصر التي تشهد علاقاتها مع السودان توتراً مكتوماً بعد التحسّن النسبي الذي طرأ اخيراً إثر الزيارات المتبادلة بين عمر البشير وقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، لا سيما أن هذه الخطوة قد تُنتج آثاراً سلبية حول المواقف الخاصة بتشييد سد النهضة. وتأتي تخوفات مصر وفق مراقبين، من كون الخطوة تمثّل ارتباطاً استراتيجياً بين السودان وأثيوبيا، الأمر الذي يقود الطرفين للتنسيق واتخاذ مواقف متفق عليها خصوصاً فيما يتصل بقضية السد، على الرغم من محاولات الخرطوم منذ اندلاع النزاع بين أديس اباباوالقاهرة حول السد، وإن كان موقفها المعلن تأييد السد باعتباره قد يوفر لها مكاسب تتصل بإنتاج الكهرباء. وفى زيارة قام رئيس الوزراء الأثيوبي بزيارة إلى الرياض، فإن السودان أدى دوراً كبيراً في تسهيل تلك الزيارة والتي أتت في سياق محاولات السعودية التركيز على علاقاتها مع منطقة القرن الأفريقي فيما يتصل بعلاقاتها الاستراتيجية في اليمن ومواجهة الأطماع والنفوذ الإيراني، لا سيما أن زيارة مريام تلت زيارة الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيله للمملكة. وترى مصادر مصرية أن القاهرة، وعلى الرغم من اتخاذها العديد من الخطوات الإيجابية حيال الخرطوم، مثا الإفراج عن السودانيين المحتجزين فى مصر، غير أنها لا تشعر بوحدة موقف السودان معها تجاه سدّ النهضة، مضيفةً أن هذا قد يبدو مفهوماً من الواقع العملي لأن أثر السدّ على السودان يكاد لا يذكر بالنسبة لتأثيره الكبير على حصة مصر المائية، نظراً لتعدد مصادر السودان المائية، وانخفاض عدد سكانها واختلاف بيئتها الزراعية عن مصر. وتبدي المصادر تخوفها من أن تكون السودان بصدد مساومة مصر على مثلث حلايب وشلاتين الحدودي الذي يعتبره كلا البلدين جزءاً منه، والذي أجرت فيه مصر انتخابات برلمانية أخيراً، بحيث تطلب السودان عودة سيطرتها الإدارية على المثلث مقابل تأييد موقف مصر ضدّ إثيوبيا في قضية سدّ النهضة. من جهة ثانية، أكد وزير الموارد المائية المصري الأسبق، محمد نصر علام، أن إثيوبيا تلعب بورقة "المماطلة" بشأن أزمة "سدّ النهضة"، لكسب المزيد من الوقت بغرض فرض السد أمام الرأي العام الإقليمي والدولي. ورأى أن اجتماع 7 نوفمبر المقبل في القاهرة، والذي يجمع وزراء ري مصر والسودان وإثيوبيا، ما هو إلا سلسلة "فاشلة" من اجتماعات سابقة، لكونه من دون بنود متفق عليها، وسيؤدي بمصر إلى الغرق في "وحل" سدّ النهضة إلى الأبد، محذراً من وقوع المفاوض المصري في "الفخ الإثيوبي" وجرّ مصر للمشاركة في إنشاء وإدارة السد لترسيخ أمر واقع. وقال علام إن إثيوبيا أعلنت الانتهاء من بناء أكثر من 60 في المائة من السد، ما يجعل منه أمراً واقعاً. وأكّد ضعف الموقف المصري التفاوضي، والذي فشل في الوصول إلى أي حلول خلال الاجتماعات السابقة، موضحاً أن الرسائل المتبادلة بين مصر ودولتي إثيوبيا والسودان "ضعيفة"، ولا تعبّر عن حجم الأزمة التي قد تعصف بمستقبل الأجيال القادمة، وتهدد أمنهم المائي والغذائي، إضافة إلى غياب الرؤية والتنسيق بين الوزارات المعنية بالملف، سواء الخارجية أو الري أو مؤسسة الرئاسة. " إم بي سي" المدعومة من الإمارات تثبت سودانية حلايب في حلقة من برنامج "يحدث في مصر"، الذي تقدمه قناة "إم بي سي – مصر2". جرى بث الحلقة بعنوان: "أول تحقيق تلفزيوني شامل من أقصى جنوب مصر عن أهل حلايب وحياتهم، إذ كانت حلقة أولى عن قرية شلاتين. اللافت أن ما سمته القناة "تحقيقًا شاملاً"، لم يكن أكثر من "دردشات" متفرقة مرتجلة، مدتها أقل من نصف ساعة. وأن ما سُمّيَ "أول تقرير شامل عن حلايب"، أثبت، من حيث لم يُرد معدّوه، أن حلايب سودانية مائة بالمائة.