أدان تقرير حقوقى صادر من الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية مخالفة اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الداخلية المنوط بها الإشراف على مرحلة فتح باب الترشيح للإعلان عن أسماء المرشحين فى الدوائر الانتخابية فى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار، وفقا لأحكام المادة التاسعة من القانون 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، وذلك نتيجة لأحكام محاكم القضاء الإدارى فى المحافظات المختلفة بإدراج مرشحين رفضت وزارة الداخلية تسلم أوراق ترشيحهم أو امتنعت عن إدراج أسمائهم فى الكشوف النهائية. وفى الشأن ذاته، نظرت محكمة القضاء الإدارى اليوم دعوى قضائية تطالب بعزل رئيس اللجنة العليا للانتخابات بسبب قرابته للرئيس مبارك. كما رصد التقرير الذى أصدرته الجمعية أمس، "تحايل" مديريات الأمن التابعة لوزارة الداخلية على تنفيذ أحكام محاكم القضاء الإدارى بإدراج أسماء مرشحين فى الكشوف النهائية باستشكال وزارة الداخلية أمام محاكم غير مختصة لوقف تنفيذ أحكام القضاء الإدارى، التى تكتسب حجيتها ويلزم تنفيذها بمسودة أحكامها ولا يوقف تنفيذها بالطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن أبرز المحافظات، التى امتنعت عن تنفيذ الأحكام 6 أكتوبر والإسكندرية والدقهلية والمنوفية والمنيا وكفر الشيخ.
وقال التقرير "تضاربت قرارات اللجنة العليا للانتخابات حول تنفيذ أحكام القضاء الإدارى، حيث أعلنت فى البدء تنفيذها جميع الأحكام القضائية الواردة إليها والخاصة بإدراج أسماء المرشحين فى الكشوف النهائية، ثم أعلنت فى الصحف الصادرة بتاريخ 20/11/2010 عن قرارها بإدراج الحاصلين على أحكام تنفذ فورا، شرط عدم وجود موانع قانونية تحول دون ذلك، ويمثل أبرز مانع قانونى، حسب تصريحات اللجنة، الاستشكالات وأن أى حكم تم الاستشكال ضده لن يتم تنفيذه".
وتابع "بالإضافة إلى مخالفة غالبية المرشحين المنتمين للحزب الوطنى الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين والمستقلين وأحزاب المعارضة قرارات وضوابط اللجنة العليا من تجاوز سقف الإنفاق المالى، واستخدام الشعارات الدينية، واستخدام دور العبادة فى الدعاية، واستخدام الأموال العامة وأموال شركات القطاع العام والجمعيات الأهلية فى الدعاية"، ولفت إلى أن ذلك يظهر بوضوح فى عدم وجود آليات للجنة العليا تمكنها من تنفيذ قراراتها ومحاسبة المخالفين لتلك القرارات، ويتضح أن اللجان التى شكلتها اللجنة العليا وفقا للقرار 56 لسنة 2010 لمتابعة قراراتها لا وجود لها ولا تستطيع تنفيذ أى قرارات.
وقال التقرير "انتقلت سلطات اللجنة العليا للانتخابات فى تنظيم أمور الدعاية للأجهزة الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية، التى منعت المسيرات الانتخابية واستخدمت القوة المفرطة فى فض التظاهرات ومنعت القوى السياسية المعارضة من استخدام شعاراتها وعقد مؤتمراتها وتعليق لافتاتها، خاصة مرشحى جماعة الإخوان المسلمين فى الوقت، الذى سمحت فيه لمرشحى الحزب الحاكم بممارسة جميع أعمال الدعاية".
ورصد التقرير غياب البرامج الانتخابية، التى تحمل مشروعا إصلاحيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فى دعاية المرشحين والاكتفاء بالذبائح وتوزيع اللحوم على الفقراء من المواطنين، واستخدام شعارات جوفاء مثل (النائب المتواجد، ونائب الخدمات، وابن البلد وانتخب أخاكم، ابن الدائرة)، مما يكشف عن مأزق الحياة السياسية المصرية.
وفى شأن متصل، نظرت اليوم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية دعوى قضائية أقامها أحمد صالح عثمان، المرشح المستقل بدائرة سيدى جابر، يطالب فيها بعزل المستشار السيد عبدالعزيز عمر من رئاسة اللجنة العليا للانتخابات، وتعيين أحد قضاة مجلس الدولة بدلا منه، نظرا لوجود مانع أدبى يتمثل فى صلة القرابة التى تربطه بالرئيس مبارك، بصفته رئيس الحزب الوطنى، أحد الأحزاب التى تتنافس على الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشعب.
وقال عثمان فى الدعوى "إن من شأن القرابة التى تجمع رئيس اللجنة والرئيس مبارك، أن تقف حجر عثرة دون سريان العملية الانتخابية بالشكل القانونى وطالبت الدعوى بوقف الانتخابات، لوجود شبه عدم دستورية الإجراءات التى تمت على أساسها، ومنها أن المدة المحددة بين فتح باب الترشيح وإغلاقه التى نصت المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية بأنها (45 يوماً)، قلصتها اللجنة إلى 25 يوما".
بحث إعلان برلمان مواز من ناحية أخرى، كشف عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة "كفاية"، أن الحركة تجري اتصالات مكثفة مع الأحزاب والقوى السياسية للإعداد لمظاهرة كبرى في 12 ديسمبر القادم، تحت شعار "باطل"، للمطالبة بإعادة الانتخابات بكافة أنواعها من محليات وشورى وشعب، مع ضرورة إجرائها وفقا لإشراف قضائي كامل، لضمان عدم تعرضها للتزوير الذي اتهم النظام والحزب الحاكم بالتورط فيه.
وصرح قنديل أن "كفاية" ستطرح على قوى وحركات المعارضة عدم الاكتفاء بالرفض السلبي لتزوير الانتخابات، وستعرض عليها عدة تحركات، منها الإعلان عن برلمان مواز، وأن تحذو حذو الأمم المتحضرة من أجل فضح التزوير الذي يمثل انتهاكا لإرادة الشعب المصري.
وكشف عن انخراط "كفاية" في حوار مكثف مع كافة القوى السياسية، ومن بينها أحزاب "العمل" و"الجبهة الديمقراطية" و"الغد" و"الاشتراكيين الثوريين" و"الكرامة" وجماعة "الإخوان المسلمين" و"الجمعية الوطنية للتغيير"، للبحث في السيناريوهات التي يجب اتخاذها لمواجهة تزوير الانتخابات، باعتبار أن مسألة مقاطعة الانتخابات مسألة منتهية بعد انتهاء الانتخابات وأنه يجب البحث عن سيناريو لمجابهة فساد وتزوير النظام والتعامل معه باعتباره فاقدا للشرعية، على حد قوله.
وأشار المنسق العام لحركة "كفاية" إلى أن الحركة ستعرض على هذه الأحزاب والقوى مسارين للتصدي لتزوير الانتخابات: الأول سياسي يتمثل في ضرورة الإسراع بإعادة الانتخابات المزورة، والثاني شعبي عبر المظاهرات وحشد الرأي العام لرفض تزوير الانتخابات.
انتخابات مطبوخة وأجهزة أمن قمعية يأتى هذا، فيما أبدت دينا جرجس، الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمديرة التنفيذية لمنظّمة "أصوات من أجل مصر ديمقراطية"، تشكيكها في نزاهة الانتخابات البرلمانية المصرية قبل أيام من توجه الناخبين إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وقال إنها انتخابات "بدون رقابة ولا تعبر عن رأي الناس ولا اختياراتهم الحقيقية".
واعتبرت أنه من الضروري وجود إشراف محلي ومراقبين دوليين والسماح للقضاة بأن يكون لهم دور حقيقي وليس تمثيليًا في تلك الانتخابات، وأن يكون للجنة العليا للانتخابات دور مستقل والتحقيق في الظروف التي ستجرى فيها من أجل ديمقراطية حقيقية وليست شكلية وحتى تكسب ثقة الناس واحترام العالم لها.
وانتقدت في تصريحات لبرنامج "60 دقيقة" على فضائية "المحور" خلال مناقشة بعنوان "مصر: انتخابات من دون رقابة" الإصلاح الدستوري في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، وقالت إنه لم يسهم في توسيع التعددية، بل أدى إلى توطيد سلطة النظام ولم تكن هناك أي إصلاحات ديمقراطية في الداخل أو الخارج.
وأكدت عدم جدوى المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي "يتم طبخها مسبقًا لتتناسب مع أجندة الحزب الوطني"، على حد تعبيرها.
وقالت إنها تعد تقارير عن العملية الانتخابية برمتها في مصر أولاً بأول ومن خلال رؤيتها رأت أن الوضع الدستوري الحالي في مصر يضمن بشكل قوي عملية انتخابية متصدعة، لوجود قانون الطوارئ "الوحشي" وأجهزة أمن "فسدت سمعتها في انتخابات سابقة"، معتبرة أن القضاء الذي استبعد من الإشراف الكلي على الانتخابات وحده ليس كافيًا لضمان نزاهة الانتخابات، وأنه لابد من وجود رقابة دولية كما يحدث في كل دول العالم المتقدم.
غير أن تلك الانتقادات والمطالب أثارت حفيظة مجدي الدقاق، القيادي بالحزب "الوطني"، والذي رد في مداخلة هاتفية، قائلاً إن اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات تتألف من 6 قضاء و6 أعضاء من القضاة السابقين غير المنتمين حزبيًا، ورأى أن هذا يعطي اللجنة "استقلالية كاملة"، وأن هذا يشكل "ضمانة حقيقية لنزاهة الانتخابات وهناك آليات تساهم في مرور الانتخابات بلا تزوير".
وبرر الدقاق حملات الاعتقال التي طالت أكثر من ألف من أعضاء ومؤيدي مرشحي "الإخوان المسلمين" منذ إعلانهم المشاركة في الانتخابات المقررة في 28 نوفمبر الجاري، بقوله: "الإخوان يتحدون القانون والدستور بشعارهم الديني "الإسلام هو الحل" وعليهم إما أن ينخرطوا في العملية السياسية بشكل ديمقراطي وبشكل مدني، وإما أن يذهبوا للدعوة الدينية وهذا حقهم".
في المقابل، اتهم محمد سعد الكتاتني زعيم الكتلة البرلمانية ل "الإخوان المسلمين" بمجلس الشعب الحزب "الوطني" بأنه "يخدع الناس بشعارات جوفاء" وقال إن ما وصفه ب "سيناريو التزوير أصبح واضحًا للجميع".
ورأى أن التضييق الأمني ضد "الإخوان" يكشف عن خوف الحزب من شعبية الجماعة، وتنسف أي وعود حكومية تتحدث عن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة وشفافة، مشيرًا إلى أن "الوطني" اختيارات مرشحيه "الهزيلة والضعيفة"- على حد وصفه- بحملة اعتقالات ومنع وكبت للرأي والحريات.
واعتبر أن الهدف من "الإجراءات البوليسية" هو إجهاض الحملة الانتخابية لمرشحي "الإخوان وإرهاب المواطنين في الوقت الذي يتمتع فيه مرشحو "الوطني" بحرية كاملة ويستخدمون المنشآت الحكومية ودور العبادة ويضيق على الإخوان في جولات انتخابية عديدة بل ويتم اعتقالهم في كل مكان".
وختم الكتاتني مناشدًا المسئولين في مصر أن تكون الانتخابات المرتقبة بالفعل حرة ونزيهة وليس بالقول والشعارات، داعيًا منظمات المجتمع المدني الدولية لمراقبة الانتخابات المصرية حتى تكون شفافة ونزيهة وكي تطمئن الناس إليها.
أحزاب ورقية قالت مجلة أمريكية بارزة أن جماعة الإخوان المسلمين المعارضة ستواجه صعوبة بالغة في إعادة سيناريو الإنتخابات البرلمانية الماضية حين حصلت على خمس مقاعد البرلمان، حيث أن الحزب الوطني الحاكم قد جعل الأمور أكثر صعوبة أمام الإخوان من خلال سحب بعض الإصلاحات التي قدمت في عام 2005، حيث لم يعد للقضاء المستقل إشراف على الإنتخابات، كما قامت الحكومة بشن حملة قمع ضد وسائل الإعلام لتسكت الأصوات المنتقدة لها.
و إستعرضت مجلة التايم الأمريكية المخاوف المحيطة بجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن محاولة الإخوان المستميته للبقاء تطرح تساؤلاً حول ما قد يحدث إذا سُمح لها بالتنافس في ظل نظام ديموقراطي حر.
و نقلت المجلة عن اللواء فؤاد علام -رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق- تشبيهه لجماعة الإخوان المسلمين بالحركة الشيوعية الدولية و لكن بشكل أكثر تنظيماً و أكثر إندماجاً في المجتمع، على حد قوله. و أضاف قائلاً أنه إذا وصل الإخوان المسلمون للسلطة فإن مصر ستتراجع 100 عام للخلف، حيث ستجبر النساء على البقاء في المنازل و ستتغير معاهدة السلام مع إسرائيل 100%.
و قالت المجلة أن النظام في مصر يعتبر الجماعة تهديداً و لكنها مفيده في نفس الوقت، مشيرة إلى أن نظام الرئيس مبارك ليس وحده من يستخدم الإخوان المسلمين ك"بعبع"، فكافة الحكومات العربية تنظر للجماعة بدرجات متفاوته من الشك، كما أن الحكومات الغربية غير متأكدة من كيفية رؤيتها للجماعة، حيث تقول ميشيل دن، الباحثة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن جماعة الإخوان المسلمين تخلت عن العنف منذ 40 عاماً و أنه لا توجد أسباب لوصفها بأنها منظمة إرهابية، إلا أنها تدعم حماس بقوة مادياً و سياسياً، على حد قولها.
و اعتبرت المجلة أن جماعة الإخوان المسلمين لا تشكل أي تهديد من الناحية العددية، كما أنه في حالة إجراء إنتخابات نزيهة فإن فرصة الجماعة في الفوز ستكون ضئيلة حيث أن 3% فقط من المصريين قاموا بالتصويت للجماعة في عام 2005، و بعضهم قاموا بمنح أصواتهم للجماعة إحتجاجاً على الحكومة و ليس إيماناً منهم بقضية الإخوان.
و ترى المجلة أن الجاذبية التي تتمتع بها الجماعة على الرغم من ضعف تأثيرها، ترجع إلى حقيقة أن مصر تضم أقل من 20 جماعة معارضة قانونية معظمها ينظر لها بإعتبارها دمي يتحكم بها النظام و تتواجد على الورق أكثر من تواجدها في الشارع المصري، مشيرة إلى أن هذه الإختيارات المحدودة تخدم النظام بشكل جيد حيث أنها تمكنه من سحق الجماعات القليلة التي تتمكن من الإخلال بهذا التوازن بسرعة.
و أكدت على أن الأحزاب الأخرى لا يزال أمامها الكثير قبل ان تتمكن من منافسة جماعة الإخوان المسلمين، حيث أن الجماعة قد قامت ببناء قاعدة شعبية على مر العقود مستخدمة بذلك الجامعات و الجمعيات الخيرية و شبكات من الأسر للتجنيد، و اعتبرت المجلة أن الأعمال الخيرية للإخوان كانت ذات فعالية كبيرة في كسب إعجاب الشارع المصري.
و قالت المجلة أن الأحزاب الأخري بدأت في اتباع إستراتيجية الإخوان في كسب الولاء، في إشارة إلى جهود السيد البدوي رئيس حزب الوفد لإحياء الحزب من خلال تمويل الأعمال الخيرية لتوفير الخدمات الطبية و مشاريع التنمية المجتمعية تحت اسم الوفد.
و اختتمت المجلة قائلة أن الدعم الأمريكي للديموقراطية في المنطقة تراجع بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية عام 2005 و فوز حماس في الإنتخابات الفلسطينية عام 2006. مشيرة إلى أن إدارة الرئيس أوباما بدلاً من أن تضغط بقوة من أجل الحريات الديموقراطية، فإنها أكثر إهتماماً بتعزيز العلاقات مع نظام الرئيس مبارك، حيث تركز على الدور المصري في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين، إلا أن المعارضة تقول بأن دعم الولاياتالمتحدة لنظام مبارك يلحق ضرراً كبيراً بالجماعات العلمانية المعتدلة و التي ترغب واشنطن في وصولها إلى السلطة.