بينما تتسع الحملة الدعائية التي تروج لجمال مبارك مرشحا رئاسيا، تزداد الاسئلة حول ما اذا كانت نجحت في تحقيق اهدافها، ام انها كشفت عن قدر كبير من افتقاد الثقة بالنفس، تساءلت تقارير لمراقبين ومراسلين غربيين ايضا في القاهرة مؤخرا. ولا يصدق كثيرون ان ما يسمى ب"الحملة الشعبية" لتأييد جمال مبارك يمكن ان تكون شعبية حقا، في ظل نشأة جمال في مقر الرئاسة الفخم بمنطقة مصر الجديدة، وهو المكون من اربعمائة غرفة، وكان في الماضي احد اكبر الفنادق واكثرها رفاهية في الشرق، وكان يدعى "هيلوبوليس بالاس هوتيل".
ولعل ازالة صور اللواء عمر سليمان من شوارع القاهرة خلال ساعات معدودة الاسبوع الماضي، يقدم دليلا اضافيا على ان حملة ترشيح جمال مبارك تتمتع بدعم رسمي، ان لم تكن حملة يقوم بها وكلاء عن النظام "من الباطن" لجس النبض لدى الرأي العام تجاه نجل الرئيس.
ورأى المراقبون ان اتساع الحملة مؤشر على اتساع الشكوك وصعوبة الاسئلة، بدءً من البيت الرئاسي الى القيادة العامة للقوات المسلحة، مرورا بالشارع والنقابات والاحزاب والقوى السياسية غير المسموح لها رسميا بالتواجد او العمل لكنها اصبحت فاعلا رئيسيا في الحراك السياسي الذي تشهده البلاد. فهل الرئيس راض عن الحملة التي يرى بعض انصاره انها تنقص من هيبته، ام انه مستاء منها لكن يتماشى مع ضغوط بعضها سياسي وبعضها عائلي لتمهيد الطريق الرئاسي امام جمال.
وهل المؤسسة العسكرية مستعدة لقبول جمال اذا وافق الشعب عليه في انتخابات ستثير جدلا حول مدى شرعية من يفوز بها ايا كان اسمه في حال اجريت بالمعطيات الدستورية والسياسية الحالية؟ وكيف سيكون موقف الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي من رئيس مشكوك في شرعيته؟.
الاجابة الدقيقة الوحيدة هي انه لا احد في مصر يعرف بالضبط ماذا سيحدث خلال الاسابيع والشهور الحاسمة المقبلة. وحسب تقرير لجون ليين وهو مراسل لهيئة الاذاعة البريطانية في القاهرة فان جمال 'طفل الرفاهية' الذي اخذ زوجته الى لندن لتضع مولودتها مؤخرا لا يمكن ان ينطبق على حملته الرئاسية وصف 'الشعبية'.
الا ان الدكتور محمد البرادعي نفسه ربما لا يضمن الفوز في انتخابات نزيهة وعادلة، رغم ما تحظى به لقاءاته العامة من حضور للشباب المتحمسين والمطالبين بالتغيير.
وحسب تقرير لصحيفة "دير شبيجل" الالمانية فان استجابة المعارضة لدعوة المقاطعة للانتخابات اطلقها البرادعي مؤخراً كانت قادرة على محو شرعية نظام مبارك.
الا ان الواقع السياسي فرض نفسه، واختار 'الوفد' المشاركة حتى لا يفوت فرصة شبه مضمونة لزعامة المعارضة في البرلمان الجديد على حساب تركة "الاخوان" المتمثلة في ثمانية وثمانين مقعداً، والتي تعهد صفوت الشريف الامين العام للحزب الحاكم بانها نتيجة لن تتكرر في الانتخابات المقبلة والمقررة في نهاية شهر نوفمبر المقبل.
ورأى تقرير جون ليين، ان النظام السياسي في مصر يشبه عقارات وسط القاهرة التي كانت فخمة وجميلة، لكنها اصبحت تعاني من التحلل والتدهور. واضاف انه بعد اكثر من نصف قرن على قيام الثورة اصبح النظام يتسم بالعجز عن التغيير السياسي.
ولاحظ تناقضا في حديث القائمين على حملة جمال مبارك بين شعارات "التغيير" والمؤشرات التي اصبحت لا لبس فيها على ان مصر ربما تتجه لتصبح 'مملكة' بعد قرابة ستين عاما من النظام الجمهوري.
فى الوقت المناسب! من ناحية أخرى، قالت سوزان مبارك "لا تعليق لي في هذا الشأن .. وحين يأتي الوقت المناسب سأتحدث". وذلك ردا علي سؤال حول غموض مستقبل الحكم في مصر، وما يتردد حول احتمالات خلافة جمال مبارك والده.