ما يجري على الساحة الداخلية الفلسطينية من اقتتال داخلي يجعل من صورة المستقبل بين الفصائل بأنه مستقبل مظلم ربما يقود إلى طلاق بائن، فالصراع الداخلي ما بين حماس وعناصرها وفتح ومؤسساتها أخذ طريقاً جديداً، خصوصاً بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لرئىس الوزراء عند عبوره من المعبر الدولي في رفح، إذ أصبحت الاتهامات علانية بين الطرفين وبعد اتهام محمد دحلان بالتخطيط والتنفيذ لهذه العملية التي نجا منها هنية وأصيب فيها آخرون، فهذا التصعيد إلى أين يقود العلاقة؟ وهل هذه المحاولة مخطط لها؟ أم أنها تصرف طائش من قبل قوى فلسطينية مدسوسة أو متعاونة مع قوى الاحتلال؟
أما صلب العلاقة بين حماس، وفتح فقد وصلت إلى طريق مسدود منذ فترة حين لم تصل تلك الأطراف إلى حد أدنى من الاتفاق حول حكومة الوحدة الوطنية، أو حكومة التكنوقراط، فقد وصلت المفاوضات بين الطرفين إلى نقطة كان من الصعب العودة عنها فنجمت عن ذلك حالة من التخندق شابتها بعض الأحداث من قبل الطرفين راح ضحيتها أبرياء منهم الأطفال الثلاثة وأحد القضاة، وبعد زيارة الرئىس بوش إلى المنطقة ومقابلته محمود عباس رئىس السلطة الوطنية تغيرت لهجة فتح في ضرورة استخدام الرئىس لصلاحياته الدستورية في حل حكومة حماس وحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات مبكرة وهذا ما تؤيده بشكل واضح الإدارة الأمريكية وكذلك إسرائىل لأن كلا الطرفين لايرغبان باستمرار حركة حماس بالحكومة ونتيجة لذلك تعالت الأصوات بضرورة التصرف وحسم الموضوع الذي طال بين الطرفين الذي الحق بالشعب الفلسطيني الكثير من الخسائر المادية والبشرية، في الأولى نتيجة للحصار الاقتصادي والمالي المفروض إسرائىلياً ودولياً وفي الثانية نتيجة لاختطاف الجندي الإسرائيلي، فالأوضاع عبر الأشهر التسعة الماضية ساءت وتدهورت فيها حياة الناس الاقتصادية والمعيشية ولعدم وجود رواتب إلا السلف المالية التي تقدم بشكل يسير، وهذا الوضع والأوضاع الدولية خصوصاً الموقف الأمريكي - الإسرائىلي دفع برئىس الوزراء للبدء في جولة عربية - إسلامية للحصول على التأييد لمواقفه وجلب الدعم المالي للحكومة حتى تقاوم الحصار المفروض، والآن وبعد عودة رئيس الوزراء ومحاولة اغتياله سوف تصعد الأمور إلى مستويات أعلى.. والشارع وأحداثه الدامية تدل بوضوح على ذلك فالعلاقة سوف تسوء لدرجة عالية ما لم تجد بعضاً من الحكماء والوسطاء لمنع إراقة الدم الفلسطيني فلابد من تحرك على الأقل عربياً لوقف هذا التصعيد الحاصل وان تفاقمت الأوضاع فما تريده إسرائىل سوف يحصل وهو الحرب الأهلية تضاف إلى تعقيدات المنطقة المزمنة، وستظهر الأيام القادمة مدى خطورة الوضع وضرورة التصرف بحكمة تجاه ما جرى ويجري.. إن من حاول اغتيال رئىس الوزراء كان هادفاً لحصول الاقتتال الداخلي وتحوله إلى حرب طائفية بين الأشقاء تأكل الأخضر واليابس وتقضي ولو مؤقتاً على مشروع الاستقلال الفلسطيني، فالهدف كان رئيس حركة حماس كطريق لحرب أهلية لايعلم إلا الله متى سوف تنتهي! وهذا ما سعت له إسرائىل منذ زمن بعيد.