نقل الرئيس السوداني عمر البشير لوزرائه في اجتماعهم امس تأكيدات القادة والرؤساء الأفارقة دعمهم لوحدة واستقرار السودان، وأشار إلى أنّ الرؤساء الذين التقاهم على هامش القمة الطارئة للإيقاد بشأن الصومال حَذّروا من تجزئة السودان، وقالوا إنها ستقود لتجزئة أقطار أفريقية أخرى، وأعربوا عن أملهم في أن يقود الاستفتاء لاستقرار وحدة السودان الطوعية، وأكّدوا دعمهم الكامل لكل ما يقود للوحدة، بجانب العمل لتحقيق السلام والأمن في دارفور. الى ذلك اتفق الجانبان السوداني والصيني عَلى تنفيذ مشروعات الربط الخدمية بين الشمال والجنوب بإضافة اتفاقيات جديدة في مجالي الزراعة والمعادن، للمساعدة في تنفيذ اتفاقية السلام لجعل الوحدة خياراً جاذباً للجنوبيين، من خلال التنمية في الإقليم.
ووصف د. مصطفى عثمان إسماعيل، أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني للصحَافيين بمطارالخرطوم أمس عقب عودته من الصين، الزيارة بالناجحة، مُشيراً إلى أن المسؤولين في الصين استجابوا للمقترحات كافّة التي قدمها الوفد السوداني في المجالات الاقتصادية والسياسية، والمشروعات التي تدفع بقضايا التنمية والاستثمار في السودان والجنوب بصفة خاصّة، وأكّد د. مصطفى، ثبات موقف الحكومة الصينية والشركات لمواصلة عملها في مجال النفط، وتطوير المصافي التي تعمل بالسودان، بزيادة مُعدّلات عملها في المرحلة المقبلة، بجانب تأهيل وتطوير المشروعات في مجالات النفط والتعدين والزراعة.
وقال د. مصطفى إنّ الوفد برئاسة د. نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني، إلتقى بالعديد من الشركات العاملة في مجالات النفط والزراعة والمعادن، وزاد: طلبنا من الصين تقديم المساعدات المطلوبة في تنفيذ اتفاقية السلام، وقال انّ المهندس مكاوي عوض مكاوي رئيس هيئة السكة الحديد، اتفق مع الجهات ذات الصلة على أن تقوم الصين في الإسْهام في تطوير السكة الحديد بالسودان.
على صعيد متصل أكد د. عبد الرحمن الخليفة نقيب المحامين السودانيين، القيادي بحزب المؤتمر الوطني، أنّ الانفصال غير وارد في خيارات حزبه، استناداً الى اتفاقية السلام الشامل، التي نصت على ضرورة تغليب خيار الوحدة، لكنه عاد وأشار إلى عكوف لجان الشراكة حالياً على وضع ترتيبات ما بعد الاستفتاء.
وأوضح الخليفة في الندوة السياسية التي نظمتها أمانة الشؤون السياسية والتعبئة بحزب المؤتمر الوطني - قطاع ولاية الخرطوم حول (الوحدة والانفصال ... بين الرؤى الاستراتيجية والمواقف المرحلية) بقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات أمس، أوضح أنّ الحركة لم تحسم خياراتها بعد تجاه قضية الوحدة، وقال: (الحركة ليست على قلب رجل واحد وعقلاؤها الداعمون لخط الوحدة لا يزالون في حالة صمت).
وأضاف أن أمر الوحدة جماعي ويهم كل الأطراف، واستهجن محاولة إلقاء جاذبية الوحدة على عاتق الوطني لوحده، ووصف ذلك بالاستهلاك السياسي.
ودعا الخليفة، الحركة الشعبية لفتح المجال أمام المواطن الجنوبي ليقول رأيه حول مصيره بحرية تامة وعدم تكرار تجربة الانتخابات الأخيرة في الإقليم، التي نعتها بغير المضيئة.
وحذر الخليفة من مغبة الانفصال على الإقليم والمنطقة. وقال ان مُروّجيه منساقون وراء أهدافهم الشخصية وغير معنيين بتبعاته، لكون أسرهم مستقرة خارج البلاد في أغنى الدول الغربية.
من جهته، دمغ محمد المعتصم حاكم، القيادي بالحركة الشعبية قطاع الشمال، المؤتمر الوطني بتهمة دفع الجنوبيين نحو الانفصال عبر تبني سياسات إقصائية وخاطئة، وقال: (الجنوب ماشي في اتجاه الانفصال نتيجة سياسات وممارسات الوطني الخاطئة).
وعن الأموال التي ضخت أخيراً لأجل تنمية وإعمار الجنوب، أوضح حاكم بأن الوطني يعمل على استرجاعها من خلال إسناد مشروعات التنمية لشركات ورجالات أعمال من الشمال في الوقت الذي يعج فيه الجنوب بالخبرات.
مظاهرة في الجنوب لاعلان الانفصال وفى سياق متصل، تظاهر العشرات من المؤيدين لاستقلال جنوب السودان الجمعة في شوارع جوبا، كبرى مدن الجنوب السوداني، قبل ستة اشهر من الاستفتاء، الذي سيقرر فيه سكان جنوب السودان الانفصال او البقاء ضمن السودان.
وتحدى المتظاهرون المطر وساروا في وسط جوبا، وهم ينشدون اغاني تدعو لاستقلال جنوب السودان، المنطقة الشاسعة المتخلفة اقتصاديا، ولكن الغنية بالموارد الطبيعية، التي يفترض ان يقرر سكانها في يناير المقبل البقاء ضمن السودان او الانفصال عنه.
وقال دانييل دينق، الطالب المشارك في التجمع، "نريد التأكد من انه لن يتم تأجيل التصويت، وان يتم القيام بما لا يزال يتعين فعله بشكل جيد".
والكثير من المشاركين في المظاهرة هم من اعضاء مجموعة "الشباب من اجل الانفصال"، ارتدوا قمصانا تحمل شعارات تؤيد الانفصال فورا.
ولا يزال جنوب السودان يضمد جروح اكثر من عقدين من الحرب الاهلية الدامية مع الشمال، التي خلفت مليون قتيل وانتهت في 2005، بتوقيع اتفاق سلام شامل بين حركة التمرد الجنوبية والحكومة السودانية. ونص اتفاق السلام على تنظيم استفتاء لتقرير مصير الجنوب بحلول 9 يناير 2011.
وايد النواب السودانيون في الآونة الاخيرة تشكيل لجنة وطنية للاستفتاء، غير انه لا يزال عليها القيام بالكثير لضمان تنظيم الاستفتاء في الفترة المقررة.
وقال ايوت دينق، الذي ساعد في تنظيم تجمع للنساء يدعم التصويت السلمي، "علينا ان نتأكد من ان الاستفتاء سينظم في التاريخ المحدد. يجب ان ينظم الاستفتاء السلمي الذي سيحتفي به سكان جنوب السودان".
وخلال الفترة التي تسبق الاستفتاء يتعين التفاوض على مسائل محورية بين الشمال ذي الغالبية المسلمة والجنوب ذي الغالبية المسيحية، مثل تقسيم الثروة النفطية والقضايا ذات العلاقة بالمواطنة.