حذر اللواء محمد مطر، مدير أمن شمال سيناء الأسبق، من تفاقم الأحداث نتيجة المواجهات «العاتية» بين قوات الأمن والبدو فى سيناء، محملا الحكومة المسئولية الكاملة فى وضع الجهات السيادية فى موضع المواجهة مع أبناء سيناء. ولخص مطر الأزمة الحالية فى عدة نقاط أهمها: تجاهل الدولة لشيوخ قبائل سيناء فى السنوات القليلة الماضية، مما أعطى الفرصة للصهاينة للعبث بالمنطقة وإغراء العناصر الهاربة للسيطرة على المنطقة هناك، بالإضافة إلى أن غلق معبر رفح الذى يعد المنفذ الوحيد للبدو ومصدر رزقهم، ساهم فى ارتفاع حدة المواجهات. وقال مطر باعتباره مطلعا على ملف سيناء "البدو يعتبرون المنطقة الحدودية أقرب لهم من الدولة، ولذا كان من الطبيعى أن يرفضوا بناء الجدار الفاصل، ولديهم شعور بالسياسة الساعية لتقليل هيبة شيوخ القبائل فى سيناء، رغم أنهم الوحيدون القادرون على ضبط الإيقاع الأمنى فى المنطقة».
وأضاف مطر الذى عمل مديرا لأمن شمال سيناء فى الفترة من 1990 إلى 1992 «على الجهات السيادية التعامل مع شيوخ القبائل أولا للم شمل القبائل باعتبار أن كلمة شيخ القبيلة سيف مصلت وقانون لا يمكن الخروج عنه فى سيناء إلا نادرا».
وكشف مطر عن وجود «هوة كبيرة بين الدولة ممثلة فى المحافظة والجهات التنفيذية الأخرى، وبين أبناء سيناء وهو ما تسبب فى تصعيد الأحداث بصورة كبيرة من جانب البدو».
وطالب محافظ شمال سيناء ب«الاقتداء باللواء منير شاش، المحافظ السابق للإقليم الذى كان محتضنا رؤساء القبائل وعندما كان يريد إصدار قرار كان يجتمع بهم لمناقشته والاستماع لوجهة نظرهم وفى النهاية كان يتم الاستقرار على ما يتناسب مع الأمن، فالمجتمع السيناوى مجتمع قبلى يتطلب معاملة خاصة دون التفريط فى تطبيق القانون.
وتابع مطر «كان مكتبى مثل دوار العمدة، وفى الانتخابات كانت تحدث مشاجرات ومشادات كلامية بين زعماء القبائل لكن فى النهاية كان الأمن يقول كلمته بعد الاتفاق معهم»، لافتا إلى ضرورة أن تعمل الدولة على «إحياء قيمة الشيوخ لأنهم دعم للجهات الأمنية والتنفيذية».
وكشف المدير السابق لأمن شمال سيناء عن أنه على علم تام بأن تل أبيب تدعم العناصر الخارجة عن طوع شيوخ القبائل فى سيناء، حيث يتم التنسيق بين الصهاينة والخارجين على قانون القبيلة فى تهريب الأفراد وزراعة المخدرات وتهريب السلاح والوقوف فى مواجهة الدولة، مشيرا إلى أن ذلك «يرجع إلى ضعف هيبة رؤساء القبائل التى سببتها الدولة».
وقال مطر «فى المقابل نجد أن هناك قطاعا كبيرا من البدو متعاطفا مع أبناء غزة لأسباب عديدة منها القرابة والنسب ومعبر رفح الحدودى الذى يعد الرابط الأساسى بين الطرفين، ولو تم فتح المعبر ستتلاشى المواجهات تدريجيا».
وأضاف «لابد من ملاحقة المطلوبين أمنيا لكن من خلال التنسيق مع شيوخ القبائل كما كان فى السابق موضحا أن وزارة الداخلية تقوم بدور كبير لكن الأمر ليس مقتصرا عليها وحدها فهناك جهات سيادية فى المنطقة يجب أن تتدخل بشكل يحفظ للقبائل البدوية هيبتها».
وقال اللواء محمد مطر، إنه "ينبغى على الدولة الإسراع فى تنمية منطقة سيناء وإنشاء منطقة صناعية وخدمية لأبناء سيناء للحد من انحرافهم ولجوئهم لإسرائيل".
وأضاف أن استصلاح الأراضى وتوزيعها على البدو هو الوسيلة الوحيدة لمنع شباب سيناء من الانخراط فى عالم الجريمة، مشيرا إلى أن البدو يشعرون دائما بالإجحاف فى مراعاة حقوقهم ويبررون جرائمهم بعدم الحصول على حقوقهم من الدولة.
وأكد مطر أن الشباب العاطل يلجأ لزراعة المخدرات بسبب عدم وجود مورد رزق حقيقي لهم.
سبعة مطالب من جهتهم، قرر مشايخ قبيلة الترابين فى شمال سيناء عقد مؤتمراً صحفياً اليوم، لمطالبة وزارة الداخلية بتنفيذ مطالبهم السبعة، التى سبق أن قدموها عام 2007، وتشمل: الإفراج عن المعتقلين، وعلى رأسهم مسعد أبوفجر، ويحيى أبونصيرة، وعيسى المنيعى، وإبراهيم العرجانى، وأن تتولى الأجهزة السيادية الملف الأمنى لسيناء، بسبب ما سموه الانتهاكات المتكررة من الوزارة، والسماح بتملكهم الأراضى، وتنمية القرى البدوية خاصة الحدودية، وأن يكون لشباب البدو نصيب فى فرص العمل بالمصانع التى تقام فى سيناء، وإلغاء جميع الأحكام الغيابية ضدهم، ومحاكمة ضباط الشرطة المتورطين فى قتل بعضهم.
يأتى المؤتمر بعد يومين من الاجتماع الذى عقده اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، أمس الأول، مع البرلمانيين، وشيوخ القبائل، ورؤوس العائلات فى سيناء، وبحث خلاله أوضاع المنطقة، والخدمات التى تقدمها الدولة، وأزمة تفتيش المنازل، فيما سادت حالة من الهدوء قرية وادى عمرو فى وسط سيناء التى شهدت اشتباكات، الأمر الذى وصفه مصدر أمنى ب«هدنة ضمنية غير مكتوبة ولا معلنة».
وجاء إعلان البدو تنظيم هذا المؤتمر الصحفي حتى لاتخرج أى تصريحات غير مسئولة مثل التصريحات التي خرجت عن اللواء مراد موافي، محافظ شمال سيناء، والتي أغضبت جميع البدو بعد وصفهم بالخارجين عن القانون، وذلك طبقا لما ورد على لسان أحد زعماء البدو.
وكان بدو سيناء قد خرجوا بالآلاف مساء أول أمس الثلاثاء فى مسيرة سلمية منظمة جابت القرى البدوية فى وسط سيناء، وذلك تعبيرا عن استيائهم من تصريحات المحافظ وأيضا بسبب انتهاء الاجتماع الذى عقد أمس فى وزارة الداخلية بين حبيب العادلى ومشايخ القبائل فى سيناء بدون أى حلول حاسمة لمشكلات البدو، غير كلمات المجاملات بين الوزير ومن وصفوهم ب "المشايخ الحكوميين" طبقا لتصريحات زعماء بدو سيناء الملاحقين أمنيا.
وأكد سالم لافى، الهارب من السجن، أنه مستعد لتقديم نفسه للمحاكمة، إذا قدمت الوزارة ضباطها للمحاكمة بتهمة قتل 135 شخصاً، مشيراً إلى وجود حالة احتقان لدى البدو نتيجة ممارسات الوزارة، وعدم التوصل لأى نتائج مرضية فى الاجتماع، معتبراً أن الشيوخ الذين حضروا الاجتماع لا يمثلون البدو، بل موظفون معينون من الداخلية على حد وصفه.
كان الآلاف من البدو خرجوا، مساء أمس الأول، فى مسيرة سلمية بالسيارات، جابت عدة قرى بوسط وشمال سيناء، احتجاجاً على تصريحات موافى، وتعبيراً عن عدم رضاهم عن انتهاء اجتماع وزير الداخلية دون وضع حلول حاسمة لمشاكلهم. ونفى موسى الدلح، أحد المطلوبين أمنياً من وزارة الداخلية، أن تكون «لقبيلة الترابين يد فى تهديد خط الغاز الدولى».
وأضاف الدلح «هناك حالة من الاحتقان الشديد فى الأوساط البدوية نتيجة ممارسات وزارة الداخلية، وعدم التوصل لأى نتائج مرضية فى الاجتماع الذى تم بين وزير الداخلى وبعض الشيوخ الحكوميين، أمس الأول، لأن هؤلاء الشيوخ لا يمثلون البدو، لأنهم موظفون معينون من قبل وزارة الداخلية».