في خطوة مباغتة أربكت قيادات الحزب الحاكم وأدهشت الشارع السياسي أعلن امس القطب البارز حمدي الطحان القيادي في الحزب "الوطنى" ورئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب اعتزال العمل السياسي نهائياً، والتي وصفها مراقبون بانها "صفعة للحزب الحاكم" في مصر. فقد قضى 30 سنة من العمل كنائب في مجلس الشعب على مدى 7 دورات متتالية منذ دخوله المجلس في دورة 1979 في الانتخابات التكميلية التي أجريت في 1981، وحتى دورة 2005 ،التي انتهت مؤخراً قال حمدي الطحان نائب دائرة كوم حمادة بالبحيرة ورئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس الشعب ان اعتزاله العمل البرلماني والسياسي جاء بعد أن استقر في يقينه أن الخطر يحدق بمصر من كل جانب وأن مجلس الشعب غير قادر على مقاومة الفساد والمفسدين.
وأشار الطحان في لقاء مع برنامج 90 دقيقة الذي يذاع على قناة "المحور" أنه إذا اكتملت أسباب وقوع الحدث فلا بد أن يقع الحدث مرجعاً اقدامه على اتخاذ هذه الخطوة إلى عدة أسباب بعضها شخصي يتعلق بتقدمه في السن والقدرة على التحمل وأخرى متعلقة بالحالة العامة التي عليها البلد.
وكشف الطحان النقاب عن ان الفساد أصبح هو العملة الرائجة وأن البرلمان برأيه غير قادر على محاسبة الوزراء أو المسؤولين رغم توافر الأدلة الدامغة التي تدين البعض منهم.
وأشار الطحان لأنه يؤمن أن القضية في مصر حالياً ليست قضية نظام أو حكومة بقدر ما هي قضية أفراد وأن الأفراد أو الحكومات لا تستطيع أن تجعل الشعوب تتقدم إلا بقدرة الشعوب على فرض هذا التقدم على الحكومات.
قال الطحان "ظللت أنا وآخرون نقدم الاستجوابات تلو الاستجوابات التي تدين المسئولين بالأدلة الدامغة غير أن أحداً لم يلاحق بل كان هناك اطمئنان كبير يهيمن بأنه في مأمن من الملاحقة".
وقال رئيس لجنة النقل والمواصلات الذي كان له دور بارز في فضح مالك العبارة السلام التي غرقت وعلى متنها الف وأربعمائة من فقراء مصر وهرب إلى لندن إنه لا سبيل إلى الإصلاح إلا من خلال مجلس شعب قوي ينتخب انتخابا حرا وقادر على تأدية دوره التشريعي والرقابي في محاسبة الحكومة معتبراً البرلمان في وضعه الحالي لا يصلح للقيام بأي دور.
قال ما يكشف النقاب عن عدم وجود نية للإستمرار في التزوير ان نظام التصويت على القرارات في البرلمان يتم بعشوائية حتى آلة التصويت الإلكتروني التي تم تركيبها رفض المجلس الإعتداد بها بل تم رفعها بدون أسباب.
وأوضح حمدي الطحان إلى ان الدور الرقابي لمجلس الشعب غائب تماماً حتى في القضايا الكبرى التي يتابعها باهتمام الرأي العام وقد أغرى ذلك المتجاوزين بأن يتمادوا في غيهم لأنهم على يقين بأن هناك مظلة تحميهم وكل ذلك أسفر عن مزيد من الانهيار في سلطة وشرعية الدولة وباتت مصر على موعد مع الأقدار الكبيرة بعد أن تآكلت سلطة الدولة وشعور الناس بأن هناك قانونا للخاصة وآخر للعامة وأن هذه المسائل لا تحل إلا من خلال الرقابة الحقيقية من المجلس على الحكومة.
وأضاف الطحان أن الحكومة هي المُشرع الحقيقي وأن دور النواب يقتصر على تعديل مادة أو إعادة صياغة أو إضافة بنود، وأن النواب والأحزاب يحتاجون أن يعملوا بشكل مؤسسي.
وتحدث عن الغش الذي حدث في الثانوية العامة وصدور أحكام قضائية على المسئولين عن التسريب، وتساءل عن عدم محاسبة وزير التربية والتعليم عن المسؤولية السياسية، وتساءل أيضا عن متى يتم محاسبة رئيس الحي ونائب المحافظ والمحافظ ووزير الإسكان أصحاب المسئولية السياسية عن كارثة الدويقة؟.
وعلق على قرار إقالة وزير النقل السابق محمد لطفي منصور وأنه قرار رئاسي يختلف عن المسئولية السياسية التي يجب تناولها في مجلس الشعب، كما انتقد قضية تسييس العلاج على نفقة الدولة وأوضح أن القضية وراءها أطراف وهذه الأطراف هي الحكومة متمثلة في وزارة الصحة، وكان على الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة إبلاغ النائب العام بمجرد تأكده من اكتمال أركان جريمة العلاج ثم يبحث المجلس الأمر ومحاسبة المسئولين عن القضية.
ونفى الطحان مقرر لجنة تقصي الحقائق في كارثة عبارة السلام 98 "عبارة الموت"، أن يكون للتقرير الذي لم تأخذ الدولة بتوصياته أي علاقة بقراره اعتزال الحياة السياسية. وأكد أن التغيير قادم لا محالة "لأننا في أزمة حقيقية وأننا لسنا في حاجة إلى زعماء سياسيين لكننا في حاجة إلى حكماء ليدرسوا لنا كيف نخرج من أزمتنا وعلينا أن نتبع النتائج التي يتوصلون إليها".
واختتم رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب حديثه ببعض أبيات شعرية لأبي القاسم الشابي: وبقيت وحدي في الطريق الجهم أدأب في المسير، وأدوس أشواك الحياة بقلبي الدامي الكسير، وأرى الأباطيل الكثيرة والمآثم والشرور، ومذلة الحق الضعيف وعزة الذل القدير، وأرى ابن آدم سائرا في رحلة العمر القصير، ما بين أعباء الحياة وتحت تأنيب الضمير. في المقابل أثنى العديد من قيادات المعارضة على قرار الطحان اعتزال العمل السياسي معتبرين تلك الخطوة تأخرت كثيراً.
ودعا قيادات في المعارضة الطحان العمل تحت راية محمد البرادعي من أجل التعجيل بوضع نهاية للحقبة التي تعيشها البلاد والتي أحاطت مصر بتقلبات غير مسبوقة وقال عبد الله السناوي رئيس تحرير جريدة "العربي الناصري" إن "العمل السياسي إذا كان حرفة فمن الممكن لصاحب أن يعتزل أما إذا كان مبدأ وفكرة فينبغي لصاحبه أن يستأنف المشوار من أجل خدمة وطنه لذا فالمطلوب ان يستمر الطحان في فضح الفساد والفاسدين ويدعم الراغبين في التغيير والطامحين".
وقال جورج إسحق المنسق الأسبق لحركة كفاية إن "الطحان مشهود له بالكفاءة ووجوده بين أقطاب النظام كان يمثل إهانة لتاريخه السياسي مثنياً على دوره الريادي في كشف رموز الفساد في بيان تقصي الحقائق بالنسبة لقطار الصعيد المحترق والعبارة السلام 98".
وحيا النائب الدكتور حمدي حسن من نواب الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الطحان بسبب قراره مشيراً إلى أنه "كان من القلائل المحترمين في الحزب الحاكم وان اعتزاله العمل السياسي يعد خسارة فادحة للنظام".