مع قرب قيام شرطة اسكتلنديارد في أنجليرا بإعادة التحقيق في قضية وفاة رجل الأعمال المصري أشرف مروان في لندن قبل ثلاثة سنوات، نفت صحيفة "هآرتس" الصهيونية أن يكون اغتيال مروان قد تم علي يد عملاء الموساد الصيهيوني، بينما رجحت أن تكون المخابرات المصرية وراء الحادث بهدف الانتقام من مروان علي خيانة وطنه بعد أن تم كشف النقاب في الدولة الصهيونية عن أنه كان عميلا للموساد، على حد زعم الصحيفة. وأبرزت الصحيفة الصهيونية أن أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس أنور السادات كان قد ذهب إلي السفارة الصهيونية في لندن فى العام 1969، وعبر عن رغبته في العمل جاسوسا للموساد الصهيوني، ورفض الموساد عرضه في البداية، إلا أنه عاد وقرر الاستفادة منه.
وزعمت الصحيفة أن مروان قد قدم لتل أبيب كما كبيرا من المعلومات القيمة التي ثبتت صحتها مرارا وتكرارا، ومن بينها أن مروان كان قد أبلغ الدولة الصهيونية عن القرار الاستراتيجي الذي أتخذه الرئيس السادات في أكتوبر عام 1972، بخوض الحرب ضد الصهاينة كاشفا عن تفاصيل الخطة المصرية، كما طمئن مخاوف المخابرات الصهيونية في مايو 1973، من أن المصريين يستعدون فقط للدخول في مناورات مع الجيش الصهيوني وليس للحرب، وهذه المعلومة كانت قيمة للغاية لأنها وفرت للصهاينة الكثير من المال، إذ منعتها من القيام باستدعاء طارئ لقوات الاحتياطي، وبعد ذلك بخمسة أشهر، حذر أشرف مروان المخابرات الصهيونية من أن الجيش المصري سيشن حربا ضدها يوم 6 أكتوبر، إلا أن تل أبيب لم تبالي بتحذيره، لأنها خافت أن يتسبب قيامها بشن ضربة وقائية من اتهامها ببدء الأعمال الحربية.
وتابعت الصحيفة أن أشرف مروان قرر بعد سنوات قليلة من الحرب الانتقال إلي لندن واستغلال مبلغ المليون دولار التي تقاضاها من الموساد مقابل المعلومات التي قدمها إليها ليصبح رجل أعمال ناجحا علي المستوي الدولي.
وأوضحت الصحيفة أن إيلي زعيرا، الذي كان أحد قادة الجيش الصهيوني قبل وأثناء حرب 1973، قد حاول تبرير الهزيمة الصهيونة وفشل الجيش الصهيوني أمام لجنة التحقيق فى العام 1974، برئاسة رئيس المحكمة العليا شمعون أجرانات من خلال ألقاء المسئولية علي عاتق الموساد واتهام أشرف مروان بأنه كان عميلا مزدوجا وغذي الموساد بمعلومات كاذبة ومضللة عطلت الاستعدادات للحرب.
إلا أن الموساد اتهم زعيرا بالكذب وكشف عن الملفات السرية أمام المحكمة المختصة بهذه القضية ليبرىء ساحته من الهزيمة، وفي نهاية مارس 2007، كتب القاضي أور أنه كان على قناعة بأن أشرف مروان لم يكن عميلا مزدوجا، واتهم زعيرا بالكذب، وفي الوقت نفسه، جاء في قرار التحكيم، الذي نشر في يونيو 2007، ذكر أشرف مروان بالاسم، وبعد أسابيع قليلة، عثر على جثة مروان ملقاة على الرصيف بالقرب من منزله في حي ماي فير في لندن، وبدأت شرطة لندن تحقيقا طويلا، مما يجعل أصابع الاتهام تشير إلي ضلوع الأحهزة الأمنية المصرية في اغتيال مروان.
واشارت الصحيفة أنه علي الرغم من أن أسرة مروان حاولت اقناع هيئة التحقيق بمسئولية الموساد عن اغتياله إلا أنه من المقرر أن تستمع المحكمة إلي شهادة أهارون بريجمان أحد رجال المخابرات الذي بقي علي اتصال مع مروان حتي وفاته ووجدت ثلاث رسائل منه علي هاتف مروان قبل اغتياله بيوم واحد أشارت إلي أنه كان من المقرر ان يقابل مروان يوم وفاته.
ونقلت صحيفة "هاآرتس" عن أهارون بريجمان أنه يشعر بالأسف لوفاة مروان قائلا "في رأيي، أن مروان لم يكن يعمل كليا من أجل المال، ولا بسبب أيديولوجية أو أي شيء آخر، ولكن لمجرد انه مفتون بلعبة التجسس".
بينما أختلف الصحفي الصهيوني رونين برجمان مع بريجمان قائلا "أن مروان قدم معلومات لم يسبق لها مثيل في نطاقها وصلاحيتها، ولكنه كان عميلا رباعيا خدم الدولة الصهيونية ومصر وبريطانيا، إلا أنه أساسا كان يخدم مصالحه الخاصة"، مشيرا إلي أن مروان قتل بسبب تعاملاته التجارية.