تبين المؤشرات، التي وثقها مرصد الحريات الصحفية لحالات الانتهاكات ضد الصحفيين ومؤسساتهم الاعلامية، مدى التضييق والعنف المبرمج الذي يتعرضون له، بالاضافة الى المساعى الرامية للسيطرة على حرية الصحافة في العراق من قبل السلطات الحكومية والقوى السياسية ومحاولاتها لفرض الرقابة على الانترنت والمطبوعات ووضع لوائح قيود على وسائل البث الاذاعي والتلفزيوني وتقييد حركة الصحفيين من خلال الزامهم بالحصول على تخاويل العمل الميداني من قبل القيادات العسكرية والامنية. وعملت هيئة الاتصالات والاعلام الحكومية والمقربة جدا من رئيس الوزراء نوري المالكي على الزام المؤسسات الاعلامية بالتوقيع على لوائح لضوابط وصفت بالقيود الجديدة من قبل المنظمات الدولية، والضوابط التي وضعتها الهيئة تمنحها سلطات غير محدودة في وقف البث الإعلامي وإغلاق المؤسسات الاعلامية ومصادرة المعدات وسحب التراخيص وإنزال الغرامات الكبيرة على المؤسسات الإعلامية وتقديم قوائم بأسماء جميع الموظفين والمعدات. فيما حاولت وزارة الاتصالات فرض سيطرتها على شبكة الانترنت بتوجيهات حكومية، فيما عملت مؤسسات اخرى على فرض الرقابة على المطبوعات، فيما لا تزال قيادة عمليات بغداد والقيادات المماثلة الاخرى في المحافظات تسيطر سيطرة تامة على حركة الصحفيين، وهذا ما يعده مرصد الحريات الصحافية ضربة موجعة لحرية الإعلام في العراق. الاحداث والانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال سنة ما بين 3 مايو 2009 الى 3 مايو 2010 وصل عددها الى 230 انتهاكاً، فيما تبين ان جهات مستقلة ووزارات تحركت بمساع حقيقية للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات وممارسة الضغط على الصحفيين الميدانيين لمنعهم من ممارسة عملهم. وبدأت الاعتداءات ضد الصحفيين والتي صنفت ب (83) حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحفيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات عسكرية وامنية و(37) حالة تضييق (39) حالة منع وحتجز واعتقل (49) صحفياً واعلاميا تفاوتت مدد اعتقالهم واحتجازهم وواجه (14) صحفياً ومؤسسة اعلامية دعاوى وتعرضوا لمحاكمات بسبب قضايا نشر ونجا (10) صحفيين من استهدافات مسلحة اصيب (2) بجروح بالغة الخطورة فيما اختطف وقتل صحفي واحد وتعرض (4) اخرون للاختطاف واخلي سبيلهم بعد ان تعرضوا للتعذيب من قبل الخاطفين. وبينت عمليات التوثيق لحالات استهداف الصحفيين ان الاسلحة الكاتمة للصوت والعبوات اللاصقة هي الاسحلة المفضلة التي استخدمها المسلحون لاستهداف الصحفيين، حيث قتل علاء عبد الوهاب مراسل قناة البغدادية الفضائية في مدينة الموصل اثر انفجار عبوة لاصقة وضعت اسفل مقعد القيادة في سيارته، في 30 مايو الماضي، وفي اليوم ذاته تعرض كادر قناة العراقية وهي خدمة بث عام الى هجوم مشابه بعبوة لاصقة استهدفت سيارة تحمل اجهزة فنية في منطقة الاعظمية اسفر عن اصابة اثنين من منتسبيها بجروح هما مهندس البث حميد يوسف عبد بجروح خطرة واجريت له عمليتان جراحيتان، واصيب معه فني صوت والسائق بجروح بسيطة. وفي مدينة الموصل كذلك، التي تعد المدينة الاخطر على حياة الصحفيين، نجت خالدة المولى مراسلة قناة صلاح الدين الفضائية من انفجار عبوة لاصقة وضعت داخل سيارتها، وتقول المولى، "هذا الاستهداف عبثي" ويأتي ضمن الاستهدافات التي تطال الصحافيين في المدينة. وفي 13 ابريل في بغداد تعرض مدير علاقات قناة الرشيد الفضائية لاستهداف بعبوة لاصقة وضعت داخل سيارته الشخصية مما أدى الى بتر ساقيه. وفي 24 نوفمبر الماضي نجا الصحفي عماد العبادي بأعجوبة من محاولة اغتيال تعرض فيها لأصابات خطرة في منطقة الرأس والرقبة برصاص مسلحين استخدموا سلاحا كاتما للصوت، عندما اعترضوه بسيارتهم الصالون وهو يقود سيارته بمنطقة العرصات وسط بغداد. حيث اخترقت احدى الرصاصات منطقة الرقبة فيما استقرت الاخرى في الجهة اليمنى من الراس ولم تنفذ الى الجهة المقابلة، وينشط العبادي، وهو صحفي مستقل، في انتقاده للفساد الاداري والمالي في المؤسسات الحكومية، وهو احد اهم المدافعين عن الحريات الصحفية وضمان الشفافية وحق الحصول على المعلومات. واصيب ثلاثة صحفيين في كربلاء بجروح خطرة اثناء تغطيتهم لتفجيرين وقعا في منطقة البلدية وسط المدينة، من ضمنهم ممثل مرصد الحريات الصحفية معتز المشهداني ومصور قناة الفرات حيدر محمد ومصور قناة العهد اكرم عباس. الصحفيون الذين كانوا يرومون تغطية انفجار سيارة مفخخة في 30/3، تعرضوا لاصابات بالغة اثر انفجار سيارة مفخخة ثانية، استهدفت مدنيين. وتعرض الصحفيون والعاملون معهم في العراق لهجمات متتالية منذ الغزو الامريكي للبلاد فى العام 2003، حيث قتل (247) صحفيا عراقيا واجنبيا من العاملين في المجال الإعلامي، منهم 137 صحفياً قتلوا بسبب عملهم الصحفي وكذلك 52 فنيا ومساعدا اعلاميا، فيما لف الغموض العمليات الاجرامية الاخرى التي استهدفت بطريقة غير مباشرة صحفيين وفنيين لم يأت استهدافهم بسبب العمل الصحفي، واختطف (64 ) صحفياً ومساعداً اعلامياً قتل اغلبهم ومازال (14) منهم في عداد المفقودين. حسب احصائيات مرصد الحريات الصحفية. فيما يزال العراق وعلى مدى السنوات السبع المنصرمة يبتعد في لائحة البلدان الاكثر عنفاً ضد الصحفيين وفي مجال الاخفاق في ملاحقة القتلة والجهات العنفية التي تتسبب في اعاقة وتهديد العمل الصحفي، حيث تم تأشير اخفاق حكومي واضح في ملاحقة قتلة الصحفيين ولم تسجل اي نجاحات في اجراءات التحقيق بجرائم استهدافهم وغالباً ما تهمل قضايا الاستهداف أو تسجل ضد مجهول. وفي الفترة المذكورة واجه العديد من الصحفيين مضايقات واعتداءات بالضرب على يد القوات العسكرية وقوات الأمن العراقية، وشكلت التخاويل التي تفرضها قيادة عمليات بغداد والقيادات الاخرى المرتبطة برئيس الوزراء السبب الرئيسي لذلك، حيث ان القيادات العسكرية نصبت نفسها كوصي رئيسي على حركة الصحفيين داخل المدن وترغمهم على طلب موافقات مسبقة للتغطيات الاخبارية رغم ادعاءاتها بألغاء تصاريح العمل الصحفي من قبلها، الا ان عناصرها مازلت تمنع تحرك اي فريق اعلامي دون أذن مسبق وتعتدي عليهم بالضرب وتمنعهم من ممارسة عملهم في اغلب الاحيان. فقامت عناصر امنية تابعة لعمليات بغداد بالاعتداء على مراسل القناة البغدادية، علي الخالدي، في حي القاهرة شمال بغداد، يوم 24 كانون الثاني فوجهت له الشتائم والضرب المبرح وكسرت كاميرا التصوير ثم قامت باحتجازه لفترة، وفي 4 نوفمبر من العام الماضي تعرض مراسل وكالة في انباء الاعلام العراقي للضرب المبرح من قبل عناصر في الجيش العراقي في مدينة المحمودية، نقل على أثرها للمستشفى لتلقي العلاج، وبين التقرير الطبي انه تعرض لضرب المبرح بأعقاب بنادق الجنود، وفي 11 اكتوبر هاجمت شرطة الانبار صحفيين ومصورين بشكل غريب واعتدت عليهم بالضرب وحطمت كاميرا احدهما وصادرت اشرطة واحتجز صحفيين اخرون داخل مبنى المحافظة من قبل الشرطة، وهذا لمنعهم من التغطية الاخبارية والتصوير. مراسل قناة السومرية الفضائية كمال عياش، قال ان الاعتداء علينا بالضرب والشتم قامت به مجاميع من حماية المنشآت وحماية التربية وعناصر من قيادة شرطة الانبار. فيما يقول سمير فهد مصور قناة بلادي، الذي حطم احد ضباط الشرطة الكاميرا الخاصة به وصادر شريط التسجيل، انه وزملاءه من وسائل اعلام مختلفة تعرضوا للضرب بشكل جماعي عندما حاولت قوات الشرطة تفريقهم ومنعهم من التغطية الاخبارية. وفي 14 سبتمبر تعرض ثمانية صحفيين من فريق عمل قناة العراقية للاعتداء من قبل عناصر حماية مجلس محافظة بغداد، بالضرب المبرح. وفي 20 اغسطس اعتقلت قوة امنية في بغداد ثلاثة مصورين صحفيين يعملون مع وكالات انباء عالمية واعتدت على اربعة اخرين بالضرب، عندما كانوا يغطون مراسم لتشييع ضحايا تفجيرات ارهابية وقال احد المصورين الذي كان ضمن فريق عمل تصوير ان قوة امنية قامت باعتقال ثلاثة من زملائه وهم ثائر السوداني الذي يعمل مصوراً فوتوغرافياً مع وكالة رويترز وزميله المصور التلفزوني حيدر كاظم نور الذي يعمل لصالح نفس الوكالة ومصور الوكالة الاوربية شهاب احمد. وفي 12 ديسمبر اعتقل الجيش العراقي احمد مالك وهو مصور فوتغرافي يعمل لحساب وكالة "رويترز" للانباء ببغداد عندما كان يغطي حادث انفجار في منطقة باب المعظم، وقال مالك انه تعرض للضرب والشتم وصودرت ادواته الصحفية. فيما تعرض ثمانية صحفيين الى الاعتداء بالضرب من قبل الشرطة في 17 ابريل عندما كانوا يقومون بتغطية مظاهرات بعض طلبة اعداديات مدينة السليمانية أمام مديرية تربية السليمانية، الحفاظ على النشاطات المدنية، وتم تحطيم ثلاث آلات تصوير خاصة بهم. في 29 ديسمبر قال طالب السعدون، مدير مكتب البغدادية في بغداد، ان مراسل القناة مصطفى ابراهيم والمصور مخلد قاسم تعرضا للضرب المبرح والسب والشتم وحطمت معداتهما الصحافية من قبل رجال عسكريين ومدنيين، "نقلا على اثرها للمستشفى" وان اثار الضرب واضحة على انحاء من جسديهما. وفي 7 مارس تعرض الصحفي حيدر حسون الفزع لاطلاق نار في منطقة الشعب ببغداد من قبل قوات عسكرية وأصيب في يده وفي حالات أخرى، استخدم مسئولون حكوميون رفيعو المستوى الدعاوى القضائية كأداة سياسية لعرقلة دور وسائل الإعلام الإخبارية وتكميم أفواه العاملين فيها تجاه ملاحقة قضايا الفساد الأداري والمالي، ومازال العراق من البلدان التي لا تمتلك قانوناً للشفافية يتيح للمواطنين والصحفيين حق الوصول الى المعلومات بل انه يعمل بقوانين سابقة تمنع تدفقها او الحصول عليها، على الرغم من تعهدات الحكومة العراقية بمكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة ووزاراتها. ويتعرض الصحفيون لمحاكمات وفق المواد: 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، 434 من القانون رقم 111/ 1969، والمتعارف عليه باسم قانون العقوبات لسنة 1969. حيث تجرم هذه البنود القانونية المخالفات المتعلقة بالصحافة وتفرض عقوبات صارمة عليها من بينها فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أو كليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحفية. ويفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات. فعلى سبيل المثال، يفرض القانون عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أو البرلمان، أو الحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أو القوات المسلحة، أو السلطات العامة، أو الوكالات الحكومية، مما يتوجب ايقاف تطبيق هذه المواد على الصحفيين وتعليق العمل بها. فيما قام وزير التجارة العراقي عبد الفلاح جعفر السوداني المتهم بجرائم الفساد الاداري في 6 مايو برفع ثلاث دعاوى قضائية ضد صحيفة "المشرق" العراقية واسعة الانتشار، وذلك على خلفية قيامها بنشر تصريحات صحفية على لسان نواب في البرلمان العراقي اتهموا فيها الوزارة بالفساد وطالب الوزير صحيفة "المشرق" بدفع مبلغ قدره 150 مليون دينار عراقي، وفي 11 مايو قام ذات الوزير برفع دعوى قضائية ضد صحيفة البرلمان بسبب تصريحات صحيفة لنائبة في مجلس النواب العراقي اتهمت فيها وزارة التجارة بالفساد الاداري والمالي طالب فيها بفرض غرامة مالية على الصحيفة تدفع له 50 مليون دينار عراقي اثر نشر الصحيفة تصريحا للنائبة عالية نصيف عن وجود فساد في تلك الوزارة. ووفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، التي مقرها المانيا، فان العراق يأتي بالدرجة الرابعة من بين البلدان الاكثر فساداً في العالم لعام 2009. وفي 25 مايو رفع رئيس الحكومة نوري المالكي دعوى قضائية ضد موقع الكتروني على خلفية مقال صحفي نشره الموقع، طالب فيه بتعويض مالي مقداره مليار دينار عراقي قابل للزيادة أي ما يقرب من المليون دولار امريكي بسبب مقال نشره الكاتب علي حسين بعنوان مدير مكتب المالكي يوزع مناصب الدولة المهمة على اقاربه في موقع كتابات الا انة فشل في تحقيق هدفة. وفي 25 يونيو اقامت بلدية الناصرية دعوى قضائية ضد موقع (شبكة اخبار الناصرية) الالكتروني، على خلفية نشر تقارير عن سوء الخدمات البلدية في المدينة، وهذا ما نقل عن لسان المواطنين، وطالبتهُ بدفع غرامة مالية تصل الى مئتي مليون دينار كتعويض على خلفية نشر شكوى لمواطنين متذمرين من نقص الخدمات ورداءة ما متوفر منها. وفي 17 فبراير أفاد مراسل صحفي يعمل لمحطة تلفزيونية تبث من كردستان، بأنه تعرض للاحتجاز والتحقيق معه لبعض الوقت من قبل قوات شرطة البصرة أثناء تأديته واجبه، محذرا من أن يؤدي استمرار المضايقات للصحفيين إلى تدهور حرية الصحافة بالبصرة. وأوضح مراسل قناة كردستان الفضائية في محافظة البصرة ستار المنصوري، إن "دورية تابعة لمديرية شرطة النجدة قامت بمنعي من التصوير بشكل مفاجئ واقتادتني إلى مقر قيادة العمليات بذريعة عدم تلقيهم أوامر بشأن السماح للصحفيين بالتصوير في الأماكن العامة". كما احتجزت دورية للشرطة في ناحية الكفل، جنوب الحلة، فريق من قناة الغدير الفضائية لساعات بدون اي مبرر. وهم احمد شٌبر، مراسل القناة والمصور حيدر سوَيَج كانو في تغطية اعلامية في الكفل اثناء احتجازهم لمدة ست ساعات في يوم 11 من يناير، دون إعطاء مبرر قانوني لاعتقالهم أو تقديم اعتذار لهم. قامت عناصر امنية تابعة لعمليات بغداد بأحتجاز مراسل القناة البغدادية، علي الخالدي، في حي القاهرة شمال بغداد، يوم 24 من يناير. وقال طالب السعدون، مدير مكتب قناة البغدادية، لمرصد الحريات الصحفية، ان عناصر امنية قامت بالاعتداء على علي الخالدي واحتجازه في حي القاهرة، شمال العاصمة. وقامت قوة عسكرية باحتجاز 12 صحفياً في ميسان في 31 يناير، وقال ممثل مرصد الحريات الصحفية في المحافظة، ان عددا من الفرق الاعلامية من بينها قنوات (العراقية والرشيد والبغدادية والسلام والاتجاه) توجهت الى احد المواقع النفطية بغرض تغطية عملية ازالة الالغام المزروعة حول الابار النفطية عند احدى النقاط الحدودية، وان عناصر من اللواء الحادي عشر التابع لوزارة الداخلية الذي يتخذ من ميسان مقرا له تدخلوا بصورة مفاجئة ليمنعوا مراسلي ومصوري القنوات الفضائية الحاضرين من التغطية وحاولوا مصادرة اجهزة التصوير دون مبرر، لينتهي ذلك باعتقالنا في مقر اللواء. وفي حالات اخرى من السعى لفرض السيطرة على الاعلام، حاولت الحكومة العراقية السيطرة على التدفق الحر للمعلومات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين من خلال محاولة فرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) في البلاد. وزير الاتصالات العراقي فاروق عبد القادر اعترف في 22 يوليو 2009، بأن مقترحاً قدم لوضع ضوابط وتحديد استخدام شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) في العراق. وقال عبد القادر "وجه رئيس الوزراء الى ان تكون هناك ضوابط والتزام من ناحية ما ينشر في الانترنت لان ما ينشر خارج حدود السيطرة". واضاف، بأن "التوجيه صدر لوضع ضوابط وحواجز لمنع أي توجهات تمس بأخلاق البلد". ويأتي هذا التوجه خلافاً للمادة 40 من الدستور العراقي حيث نصت على ان (حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وغيرها مكفولةٌ، ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها، أو الكشف عنها). ويجد العديد من المراقبين لوضع الاعلام في العراق، ان ما يساق من تبريرات مثل حماية الأمن القومي والمعايير الأخلاقية غير المقبولة لدى المجتمع يأتي كسبب للجوء إلى أسلوب الحجب والرقابة والتضييق والتقييد ويكون هدفها الاساس الرقابة على الشبكة الدولية للانترنت ووضع القيود على حرية التعبير فيها. من جهته يصف مرصد الحريات الصحفية المراقب لعمل الهيئة قائلا "ان المسئولين يحاولون وضع نظام لممارسة دور رجل الشرطة على وسائل الاعلام وليس لجنة لتنظيم البث والارسال". ويؤكد بأنه سوف لن يتوانى عن التحرك الجاد ضد الانتهاك للمواد الدستورية التي كفلت حرية الصحافة والتعبير. واوضح مسئولون في هيئة الاتصالات والاعلام أن الصحفيين قد لا يتمكنون من الاحتفاظ بسرية مصادرهم، وهو مبدأ من مبادئ الصحافة في جميع أنحاء العالم، حيث سيتعين عليهم الكشف عن تلك المصادر من أجل الدفاع عن أنفسهم ضد الادعاءات بنشر أخطاء. ودعت "هيومن رايتس ووتش" في رسالة بعثت بها إلى هيئة الاتصالات والإعلام في العراق دعت الحكومة العراقية أن تُجمّد العمل بلائحة تنظيم البث الإعلامي والتي تفرض قيوداً مشددة على البث الإعلامي بالعراق وأن تراجعها كي تصبح متسقة مع المعايير الدولية. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه يجب مراجعة اللائحة من أجل ضم تعريفات تفصيلية لجميع القيود ولتوفير أدلة واضحة لمؤسسات البث الإعلامي تشرح تفصيلاً مسئوليات هذه المؤسسات. وفيما يمكن للحكومة حظر أو معاقبة الخطاب الذي يحرض بشكل مباشر على العنف، فإن الصياغة الفضفاضة والمبهمة للأنظمة، مثل الحظر على "التحريض على الطائفية"، لا ترقى لمستوى المعايير الدولية الحاكمة لحرية التعبير. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "هذه الأنظمة الخاصة بالبث الإعلامي خطوة حقيقية للوراء على مسار حرية الإعلام في العراق". وتابع "تفتح هذه القيود الأبواب أمام تمييز سياسي الدوافع فيما يخص تنظيم ومنح التراخيص لجهات البث الإعلامي". وعلى مدار الشهور السابقة على الانتخابات البرلمانية، قيدت الحكومة من حرية التعبير بعدة أساليب. فقد ضيقت الخناق على من ينتقدون المسؤولين، ومنعت التصاريح الإعلامية عن الصحفيين، وقاضت المنافذ الإعلامية التي تنتقد المسئولين. فضلاً عن مضايقة واعتقال واعتداء الشرطة وقوات الأمن على عدد كبير من الصحافيين. وفي رسالتها، دعت "هيومن رايتس ووتش" الهيئة إلى ضمان أن تكون العقوبات متناسبة مع المخالفات، وألا تزيد إلا بما يتناسب مع جسامة المخالفة ومعدل تكرارها. ويجب أيضاً أن توضح اللائحة للمتقدمين بطلبات الترخيص مساراً واضحاً وعاجلاً للطعن في قرارات رفض منح التراخيص. وقال جو ستورك "لا يقتصر الأمر على أن الأنظمة تمنح الهيئة سلطات موسعة في إغلاق منافذ البث الإعلامي جراء مخالفات صغيرة وتقع للمرة الأولى، بل إنها تعرض حياة الصحفيين العراقيين لخطر جسيم". وأضاف "يجب على هيئة الإعلام أن توقف العمل بموجب هذه الأنظمة إلى أن يتم تعديلها".