تواجه المملكة العربية السعودية فجوة هائلة في موازنتها جراء التراجع في أسعار النفط والزيادة الحادة في إنفاقها العسكري، حسبما ذكرت شبكة " سي إن إن" الأمريكية وقالت الشبكة في تقرير نشرته اليوم- الجمعة- على موقعها الإلكتروني إن هذا يجبر حكومة المملكة على اللجوء إلى احتياطاتها الأجنبية، بل وربما حتى تقترض من المستثمرين الأجانب، وفقا لما ذكره محللون. وأوضح التقرير أن الرياض لجأت بالفعل إلى احتياطاتها من العملة الأجنبية البالغ قيمتها 62 مليارات دولار هذا العام، واقترضت 4 مليارات دولار من المصارف المحلية في يوليو المنصرم، في أول عملية إصدار للسندات منذ العام 2007. وتوقع التقرير أن يصل عجز الموازنة السعودية إلى ما نسبته 20% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مشيرا إلى أن تلك النسبة تُعتبر غير عادية لدولة طالما أعلنت عن فوائض في الموازنة. وتقدر مؤسسة " كابيتال إيكونوميكس" للاستشارات أن تنخفض الإيرادات الحكومية للسعودية بمقدار 82 مليار دولار في العام 2015، ما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل المملكة العربية السعودية مستويات عجز في موازنتها خلال السنوات الممتدة إلى العام 2020. وعزى التقرير عجز الموازنة الذي تعاني منه الرياض إلى هبوط أسعار الخام من 107 دولار للبرميل في يونيو الماضي إلى 44 دولار للبرميل حاليا، مردفا أن نصف الناتج الاقتصادي للمملكة و80% من الإيرادات الحكومية يتم تحقيقها من صناعة النفط. ومع ذلك، أكد تقرير الشبكة الأمريكية على أن السعودية هي الوحيدة التي تُلام في هذا الموقف، موضحا أن قتالها الشرس للدفاع عن حصة منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك" في سوق الخام العالمي قد أدى إلى تخمة كبيرة في المعروض العالمي من النفط. وترفض السعودية رفضا قاطعا خفض مستويات الإنتاج، على أمل أن تخرج الكيانات الأخرى المنتجة، مثل شركات النفط الصخري الأمريكية، من السوق العالمي في غضون ذلك، زادت الرياض من معدلات إنفاقها في الآونة الأخيرة، ما شكل عبئا إضافيا على موازنتها، مع دخولها في حرب على الحوثيين في اليمن، علاوة على مشاركتها في الغارات الجوية ضد تنظيم الدولية الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا ب " داعش" في سوريا. يُشار إلى أن السعودية كانت قد سجلت نموا في موازنتها الدفاعية بنسبة 17% في العام الماضي إلى ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وعلاوة على ذلك، أغدق العاهل السعودي الملك سالمان بن عبد العزيز بالأموال على العاملين بالقطاع العام في صورة مكافآت وعلاوات في أعقاب صعوده إلى عرش المملكة في يناير الماضي بعد وفاة سلفه الملك عبد الله بن عبد العزيز، في خطوة تهدف في المقام الأول لتأسيس قاعدة شعبية، لكنها زادت من أعباء المملكة المالية أيضا. وقال فهد عبد الله المبارك محافظ مؤسسة النقد السعودي في تصريحات لوسائل الإعلام الشهر الماضي:” سوف نرى زيادة في الاقتراض في الشهور المقبلة.” هذا ولم يعلق البنك المركزي السعودي على عدد السندات التي ربما يقوم بإصدارها. لكن محللين قالوا إن السعودية من الممكن أن تصدر سندات بقيمة 5 مليارات دولار شهريا في نهاية الشهر الجاري، موضحين أن بعضا من تلك السندات سيتم إصدارها لمستثمرين أجانب. جدير بالذكر أنه وعلى الرغم من استهلاك الاحتياطي النقدي للمملكة العربية السعودية، فإنه سجل ما قيمته 660 مليار دولار نهاية يونيو الماضي. كان صندوق النقد الدولي قد خفض مؤخرا توقعات نمو الاقتصاد السعودي الذي يعتمد على النفط من 3 % إلى 2.8 %، فى تقرير محدث عن التوقعات الاقتصادية العالمية نشر في ال 9 من يوليو الماضي. وبالنسبة للعام 2016، خفض الصندوق بنسبة 0.3 % توقعه الأولى بنسبة 2.7 % لاقتصاد الدولة الأكبر في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وتم تقديم التوقعات الأولية من قبل صندوق النقد الدولي في أبريل وسط تراجع أسعار النفط، الذي يشكل 90 % من عائدات السعودية. كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى 2.6 % في مقابل 2.9 % لكنه حافظ على توقعاته للعام 2016 ب3.8 %. وبلغ النمو السعودي 3.5 % العام 2014 وفقا لصندوق النقد الدولي والرياض.