سياسات تعذيب ممنهجة بوسائل وأدوات متنوعة.. هذا هو ملخص ما يتعرض له المعتقلون السياسيون في سجون وأقبية السلطة الفلسطينية التي تحولت إلى "سلخانات"، حيث كشفت شهادات حية عن حفلات التعذيب التي يقوم به ضباط الأجهزة الأمنية بحق المعتقلين على خلفية سياسية. ووثقت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" ومقرها بريطانيا خلال الأسابيع القليلة الماضية العديد من حالات التعذيب في مقري تحقيق المخابرات في بيت لحم ونابلس. ووفق شهادات حصلت عليها المنظمة من داخل مركزي التحقيق، أكدت تعرض بعض المعتقلين السياسيين لجولات تعذيب قاسية بطريقة التعليق في الهواء وفق أشكال وحشية مختلفة، والضرب بالفلقة، والضرب المبرح بالأيدي والعصي، علاوة على سيل الشتائم وهناك أحاديث عن استخدام الصعق بالكهرباء، إلا أنه لم يتم التأكد من استخدام هذا الأسلوب. تعذيب يومي في رمضان وأكدت المنظمة في بيان صحفي "أن الطالب عوني مازن الشخشير 25 عاماً من مدينة نابلس، والذي اعتقل بتاريخ 18-06-2015 لما وصل إلى مقر المخابرات في مدينة بيت لحم، وفي أول يوم لوصوله بدأوا جولات التعذيب معه، فقاموا بربط يديه إلى الوراء، بفاصل بين اليدين 10 سم تقريباً ومن ثم رفعوه من الخلف، على أحد أبواب غرف المقر، وجعلوا المسافة بين اليدين، على ضلع الباب العلوي، مرتفعاً عن الأرض بجسده ، إلا رؤوس أصابع رجليه، ما يسبب آلام حادة في الكتفين واليدين لتحملها كل ثقل الجسم". وأضاف البيان: "وكان يصحب الشبح في الكثير من الأحيان، الضرب بالعصي وكوابل الكهرباء، والركل واللكم والصفع على الوجه، ما ترك آثاراً وكدمات زرقاء وصفراء وحمراء في أنحاء مختلفة من جسده وحول عينيه، إضافة لسيل الشتائم والتوبيخ المصاحب لعملية التعذيب، وكان هذا الحال يستمر من الساعة التاسعة مساءً وحتى الخامسة صباحاً خلال شهر رمضان". وتابع: "أما في ساعات النهار، فكان الشبح يتم على الكرسي، بتقييد يديه إلى الوراء، وإجلاسه على كرسي، ورجلاه مربوطتان برجلي الكرسي، وكانوا لا يفكونه إلا لساعة واحدة فقط أو ساعتين بأحسن الأحوال من الإفطار عند الساعة الثامنة تقريباً، حتى صلاة العشاء عند الساعة التاسعة والنصف، واستمر هذا الحال على مدار أسبوع كامل، مع الحرمان من النوم". وأكد البيان: "كان أحد المحققين القادمين من قطاع غزة، يقول له "إن حركة حماس قتلت شقيقي وولدي عمي الاثنين، وأنا جئت لأضربك وأُنكِّل بك، ليس لتهمة عليك، ولكن لكونك تنتمي لحركة حماس، لذلك أحضروني لتعذيبك فقط"". لا محاكمة وأشار بيان المنظمة العربية لحقوق الإنسان وفي شهادة أخرى للتعذيب: "أكدت أن الطالب محمود مصطفى عصيدة 25 عاما المعتقل بتاريخ 21-05-2015 حُوِّل مباشرة بعد اعتقاله إلى سجن المخابرات في بيت لحم على ذمة محافظ نابلس، ولم يعرض على أية محكمة، وبعد دخوله إلى السجن، جاءه المحقق وقال له "قبل أن أتكلم معك بأية كلمة، يجب أن أصفعك على وجهك 50 صفعة"، بقي وجه محمود عصيدة منتفخاً من آثار ذلك أسبوعاً كاملاً". وأشار البيان: "أنه وبعد أن أنهى المحقق ضربه، قال له: "كيف تريد أن نبدأ معك الآن"، فقال له "كما تريد"، فقال المحقق "سنضربك (فلقة) الآن"، فقام مجموعة من العساكر وأجبروه على الاستلقاء على ظهره على مكتب المحقق، وعلى خلع حذائه وجواربه من رجليه، وأحضر المحقق عصا خشبية يبلغ قطرها 3 سم تقريباً، وهي مخصصة لأدوات التنظيف المنزلية". وأكد: "قبل أن يبدأ المحقق بالضرب، قال له "بعد كل 10 ضربات، سأتوقف عن ضربك، ويجب أن تقول: (محمود عباس سيدي وتاج راسي) حتى أتوقف عن ضربك، وإلا سأواصل الضرب"، وبعد أن أنهى العشر ضربات الأولى، رفض محمود عصيدة ترديد ما أراد المحقق، فواصل ضربه، وبقي يضربه حتى الضربة الأربعين، ولم يستطع محمود تحمل الضرب، فردد ما أراده المحقق". وأضاف البيان: "واستمر التعذيب مع محمود أسبوعاً كاملاً من الشبح على الباب معلَّقاً لساعات طوال، والضرب بالعصي واللكم والركل، وذلك على الرغم مما يعانيه من كهرباء زائدة في القلب، وقد نقل إلى المستشفى ثلاث مرات فاقداً الوعي جراء التعذيب، كما تسبب ضربه بالفلقة إلى كسر رجله اليمنى من القدم، مع تمزق وتر الرسغ، وتم تجبيرها بشكل خاطئ، وأخبره طبيب في سجن أريحا أنه يجب أن تُجري لها عملية فك وإعادة تجبيرها ثانية حتى يلتئم العظم بشكل صحيح". قسوة التعذيب كما أكد بيان المنظمة "تعرض المعتقل محمود مازن فريج 30 عاماً من شويكة قضاء طولكرم، والمعتقل بتاريخ 22-06-2015 للضرب بأنابيب المياه البلاستيكية (البرابيش) على ظهره، في سجن جنيد بنابلس، وقد ترك التعذيب على ظهره علامات زرقاء وحمراء وصفراء، ولما نقلوه إلى سجن أريحا أخذوه إلى الخدمات الطبيبة، فلما رآه الطبيب، تعجب من قسوة التعذيب ونادى على العساكر وقال لهم: "تعالوا انظروا مخابرات نابلس ماذا يفعلون بالمعتقلين". وقد صدر قرار من المحكمة العليا يوم الأحد الموافق 26-07-2015 قضى بالإفراج عنه إلا أنه لم ينفذ بعد. وطالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا:" قوى المجتمع المدني في الأراضي المحتلة إلى التصدي لسياسة التعذيب التي تنتهجها أجهزة أمن السلطة، حيث توافرت دلائل على تعذيب وحشي مورس بحق عدد من المعتقلين خلال الأسابيع الماضية وفي شهر رمضان، وقد يكون مستمرا حتى اللحظة". وحملت المنظمة: "الرئيس محمود عباس المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، كما أعربت عن خيبة أملها من موقف الدول التي تقدم دعما سخيا للأجهزة الأمنية وعلى وجه الخصوص الاتحاد الأوروبي؛ حيث لم تتخذ هذه الكيانات أي إجراءات لوقف مسلسل الانتهاكات التي تمارسها هذه الأجهزة على الرغم من التقارير المتراكمة التي تثبت ارتكاب هذه الأجهزة جرائم مروعة بحق المواطنين الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال".