لم تكن حادثة إعدام الشيخ مجد البرغوثي، إمام مسجد قرية كوبر، جراء التعذيب الشديد الذي استهدفه عبر نحو عشرة أيام في سجون الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس، هي الأولى؛ بل إنّ هذه الحادثة تُعدّ واحدة من حالات كثيرة. فلازالت الأجهزة الأمنية ذاتها تواصل عمليات تعذيب وشبح وضرب وإهانة بحق مئات المواطنين الفلسطينيين، يتم اعتقالهم بشكل يومي، بسبب انتماءاتهم السياسية، بينما يقف الرئيس العام لتلك الأجهزة موقف المتفرج على بشاعة هذه الحوادث الأليمة، ودون أن ينبس ببنت شفة. وتعود الأضواء مجدداً إلى هذا الملف المسكوت عنه في رام الله الرسمية، بعد أن أُعلن مساء الجمعة (22/2)، عن استشهاد الشيخ مجد عبد العزيز البرغوثي (42 عاماً)، إمام مسجد قربة كوبر الواقعة في قضاء رام الله، جراء التعذيب الشديد الذي استهدفه في مقر جهاز المخابرات الخاضع لإمرة رئيس السلطة محمود عباس. مسيرة طويلة من حالات الإعدام في سجون سلطة أوسلو أولى حالات الإعدام داخل سجون سلطة أوسلو كانت بحق الشاب الفلسطيني فريد جربوع (28 سنة)، وذلك في الرابع من يوليو1994، حيث توفي في أحد سجون السلطة، وقال والده آنذاك "بعد وفاة فريد قاموا بتغيير المحقق في السجن، واستبدلوه بآخر يدعى "أبو حميد" الذي حاول تهدئتي وهدّدني بأنهم سوف يعتقلون ابنتي إذا قدّمت شكوى ضدهم". موضوع على حمّالة وفي رأسه كيس وفي حادث آخر؛ أُخضع المعتقل راسم خطّاب حسن مصطفى، (30 عاماً)، في سبتمبر الماضي إلى التعذيب الشديد، وهو من سكان الضاحية في مدينة نابلس، وقد تم نقله إلى مستشفى رفيديا بالمدينة لتلقي العلاج، جراء إخضاعه للتعذيب على أيدي محققي جهاز الاستخبارات العسكرية التابعة لعباس. وقالت والدة المعتقل إنّ ولدها نُقل إلى مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، حيث "شوهد راسم أثناء إحضاره إلى المستشفى، بأنه كان موضوعاً على حمالة، وكان مربوطاً بها وقد وضع كيس على رأسه". وتضيف الأم الفلسطينية المنكوبة أنها عندما همّت بزيارته في المستشفى؛ وجدته موجوداً هناك في غرفة منفصلة تقع في الطابق الثالث من مستشفى رفيديا، تحت حراسة أربعة أشخاص يرتدون لباساً عسكرياً ومسّلحين بأسلحة من نوع "كلاشنكوف"، وقد منعوها من زيارته حينها. ولكن تحت إلحاحها سمحوا لها بالنظر إليه من باب الغرفة، وقالت إنها شاهدت آثار ضربة على رأسه، وأنّ إحدى يديه كانت مربوطة بالسرير، وكان وجهه شاحباً وتبدو عليه علامات الهزال. وكان جهاز الاستخبارات العسكرية قد اعتقل راسم من كلية الحاجة عندليب للتمريض، في مستشفى الاتحاد النسائي بمدينة نابلس، حيث اعتقلوه بعدما قاموا بإطلاق النار داخل ساحة الكلية، لإبعاد الطلبة وتنفيذ عملية الاعتقال. وقد كانت التهمة التي وُجهت ل "راسم" أنه ينتمي لحركة "حماس"، وكان قد أُبعد من جانب سلطات الاحتلال خلال "انتفاضة الأقصى" إلى قطاع غزة. إرهاب وإطلاق نار في المنازل وفي شهر أغسطس الماضي؛ نكّل أفراد من جهاز "الأمن الوقائي" بعائلة المواطن أحمد طاهر أحمد محسن (92 عاماً)، أثناء اعتقال نجله "محمد علي" (30 عاماً،) من منزل العائلة في قرية الناقورة الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة نابلس، واعتدوا بالضرب على عدد من أفراد العائلة وأقاربهم، الذين هرعوا لمنع عملية الاعتقال. وأطلق عناصر الجهاز سيئ السمعة النار بكثافة داخل المنزل، قبل تمكنهم من اعتقاله، حيث قاموا بدفع الحاج أحمد بقوة ودخلوا عنوة إلى المنزل، وشرعوا بالبحث عنه، ثم توجّهوا للطابق الأرضي، وعندما حاولت والدة محمد علي وعدد من أقاربه المجاورين اعتراض طريقهم شرعوا بإطلاق النار الكثيف داخل غرف المنزل، ثم اعتدوا على عدد من النساء بالضرب. تهديد بتقطيع الحذاء على الرأس! وفي الشهر ذاته؛ تعرّض المواطن عمر محمود عمر أحمد (31 عاماً)، من سكان قرية فرعون، جنوبي مدينة طولكرم، للتعذيب على أيدي محققي جهاز "الأمن الوقائي" في طولكرم، أثناء التحقيق معه بشأن علاقته بحركة "حماس". وقد أُخضع عمر لعدة أشكال من التعذيب فور مثوله أمام محققي الجهاز المذكور. وقد تعرّض عمر جراء ذلك لانتكاسة صحية أثناء الاعتقال والتحقيق معه، ما استدعى نقله إلى مستشفى طولكرم الحكومي، خلافاً لرغبته بتحويله إلى مستشفى الزكاة. وقال المواطن في شرح تجربته؛ "وضعوني في زنزانة صغيرة جداً بمساحة مترين مربعين، وكان بداخلها "فرشة"، إلاّ أنّ الحارس أخذها عند دخولي إليها، وبعد نحو ساعة تم استدعائي للتحقيق وجرى التحقيق معي حول عضويتي في حركة حماس، وأخبرت المحقق أنني مؤيد للحركة لكنني لست عضواً فيها، فقال لي: "بقّطع الكندرة (الحذاء) على رأسك"، وهددني بإرسالي إلى أريحا، وأعادوني إلى الزنزانة ووضعوا قناعاً على رأسي، وربطوا يدي خلف ظهري بعصبة خضراء، وأوقفني الحارس داخل الزنزانة ووجهي للحائط، وشتمني بعبارات بذيئة، وأخبرته بوضعي الصحي، إلاّ أنه رفض وزاد في شتمي، وقد حاولت الاتكاء على الحائط إلاّ أنّ الحارس كان يقتحم الزنزانة فوراً ويجبرني على الوقوف وسط الزنزانة". ويواصل المواطن الفلسطيني المنكوب حديثه قائلاً "أدخلوني أربع جولات تحقيق، وكانت جميعها تدور حول عضويتي في حماس، وفي الجولة الرابعة طلب المحقق من الحارس أن يجبرني على الوقوف من التاسعة مساءً ولغاية الساعة السادسة من صباح اليوم التالي، وأثناء تلك المدة كنت أنادي على الحارس طالباً منه السماح لي بالنوم أو الراحة؛ إلا أنه كان يرفض". ضرب بالأرجل وأعقاب البنادق كما نكّل أفراد من جهاز "الأمن الوقائي" بعائلة المواطن فواز هشام حسين الطردة (22 عاماً)، من سكان بلدة تفوح، غربي مدينة الخليل، أثناء عملية اعتقاله من منزل عائلته. وتعرض فوا" للتعذيب أثناء التحقيق معه في سجون الوقائي حول علاقته بحركة "حماس" وعلاقته المزعومة ب"القوة التنفيذية" التابعة لوزارة الداخلية والتي لا وجود لها في الضفة الغربية. وحول هذا التعذيب؛ قال شقيق فواز "قام أحد أفراد (الأمن) الوقائي بإمساكي من ملابسي وسحبي بالقوة، إلى خارج الباب وضربي، وبينما كان فواز يودع والدتي على باب المنزل الخارجي؛ قام عدد من أفراد الوقائي بالاعتداء عليّ بالضرب بالأرجل وكعاب البنادق، ودفعي على الأرض وسحبي عليها، بحجة إنني أعرقل عملهم". وتابع فواز روايته قائلاً "تدخلت والدتي لحمايتي من الضرب ومنع اعتقالي، إلاّ أنّ أفراد (الأمن) الوقائي واصلوا الاعتداء عليّ بالضرب، دون مراعاة لاحتضان والدتي لي وتوسلاتها، ما أسفر عن إصابتها بجرح سطحي في الوجه، إضافة لبعض الرضوض في الأطراف ودوخة، بينما أُصبت أنا برضوض في الكتف والظهر، وبعض الخدوش في الأطراف". وجبات من الضرب والتعذيب داخل الزنازين وقد أفاد فواز متابعاً "وصلنا إلى مبنى علمت فيما بعد أنه مقر جهاز الأمن الوقائي في الخليل، وجرى واقتيادي من قبل شخص مقنّع إلى إحدى الزنازين تحت الأرض لا تزيد مساحتها عن مترين مربّعين، وأُخضعت خلال فترة الاعتقال لعدّة جلسات تحقيق، على خلفية اتهامي بالنشاط لصالح حماس والقوة التنفيذية (المزعوم وجودها في الضفة)، تعرّضت خلالها لعدة وجبات من الضرب والتعذيب على يد اثنين من أفراد الوقائي كانا دائما مقنّعين". وأضاف فواز شارحاً "كان يجري ضربي بالأيدي والأرجل داخل الزنزانة قبل كل جلسة تحقيق وبعدها في إحدى الغرف العادية، وفي إحدى المرات وضع أحدهم طرف عصا في وسط بطني وضغط عليها بقوة كبيرة، حيث وضع جزءاً من ثقله عليها بهدف انتزاع اعتراف منِّي حول التهم الموجهة لي، والتجاوب مع المحقق، وكنت خلال ذلك أسمع صراخ أشخاص في الزنازين المجاورة". شبح وضرب بالأيدي والعصي والخراطيم والأحذية وفي سبتمبر الماضي؛ اعتُقل المواطن "م.خ." من مدينة نابلس، على أيدي مجموعة من أفراد الأجهزة الأمنية التابعة لعباس، عرّفوا بأنفسهم أنهم من جهاز "الأمن الوقائي". واقتيد المواطن الفلسطيني المشار إليه إلى مقر الجهاز بالمدينة، وجرى التحقيق معه حول علاقته بحركة "حماس" وحيازته لسلاح ناري، وأثناء التحقيق معه أُخضع لأشكال مختلفة من التعذيب؛ كإجباره على الصعود والنزول على درج، والشبح والضرب بالأيدي والعصي والخراطيم والأحذية. وقد أفاد "م.خ."، الذي رفض ذكر اسمه قائلاً "طلب مني المحقق وضع يديَّ خلف رقبتي وهي مقيّدة، والصعود والنزول على رجلي مائة مرّة، وهو يكرِّر الأسئلة، وعندما أُنكر السؤال كان يقول لي اصعد وانزل مائتي مرّة أخرى، ووصلت حتى خمسمائة مرّة، وعندما لم تتبدّل إجاباتي على الأسئلة شبحني من خلال رفع يدي إلى الأعلى وإحدى رجلي على كرسي والرجل الأخرى على الأرض، أي بمعنى أقف على رجل واحدة وممنوع أن أتحرك، وكلما تحرّكت انهال عليّ بالضرب على أكتافي وظهري بقبضة يده. وبعد حوالي ساعة من وقوفي سقطت أرضاً نتيجة الإرهاق، وبعد سقوطي تعرّضت للضرب بقوة من خلال شخصين تناوبوا عليّ بالضرب بأيديهم وأرجلهم، واستمر هذا الحال حوالي اثنتي عشرة ساعة متواصلة من التعذيب، ناهيك عن التعذيب من خلال فتح رجلي ووضع يدي على كرسي وهي مقيدة". وكان المعتقل "م.خ." قد نُقل في وقت لاحق إلى سجن جنيد في مدينة نابلس، وتعرض هناك أيضاً للتعذيب، حيث قال "حضر عسكري ووضع كيساً على رأسي وقيّد يديّ إلى الخلف وأمسك بي وتقدمت عدة أمتار، وأدخلني إلى مكتب، وفي هذا المكتب أعيدت علي نفس الأسئلة التي تعرضت لها في مقر الأمن الوقائي، وهنا تعرضت للتعذيب لمدة 18 يوماً بواقع 20 ساعة في اليوم. وكان التعذيب عبارة عن شبح وضرب بالأيدي والعصي والبرابيش، وأحياناً كان العسكريون يخلعون نعالهم ويضربونني بها، وربط الأيدي إلى الخلف وتعليقها بشيء صلب، ويصعد عسكري ويضغط برجله من الخلف على ظهري فأصرخ من شدة من الألم". وأضاف المواطن ذاته "كان هناك نوع آخر من التعذيب يتمثل في ربط يدي إلى الخلف، ويرفعني عسكريان من وسطي ويعلقان يدي في ماسورة أو شيء صلب في الجدار بعيد حوالي عشرين سنتيمتراً عن الأرض ويفلتونني حتى أسقط على الأرض، وكان أصعب تعذيب تعرضت له أن طلب مني عسكري الجلوس على الأرض كسجود التشهد ووضع رجليه على ركبي ووقف عليها، وحضر عسكري آخر ووضع في فمي قطعة إسفنج كي لا يخرج صوتي ووضع رجليه على كتفي من الأمام ودفعني إلى الخلف، وأغمي علي من شدة الألم لأنني أحسست أن ظهري كسر نصفين عندما دفعني، ولم استيقظ بعد كل دفعة كهذه إلا في الزنزانة حيث كنت أستيقظ بعد أن يرشقوا وجهي بالماء". تعذيب طاقم قناة "اقرأ" الفضائية ويشمل ذلك التنكيل الإعلاميين أيضاً؛ فقد أُخضع طاقم قناة "اقرأ" الفضائية في مدينة رام الله، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى التعذيب الشديد على أيدي جهاز "الأمن الوقائي"، التابع لرئيس السلطة محمود عباس. ويندرج هذا التطوّر في إطار الاعتداء على الحريات الصحفية والحق في حرية الرأي والتعبير، التي يكفلها القانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وقد أفاد وقتها منسق قناة "اقرأ" الفضائية في فلسطين، الصحفي يونس إبراهيم الحساسنة (29 عاماً)، أنه وبينما كان طاقم من القناة المذكورة، مكوّن من منسق القناة ومصوِّرها حنين رشماوي، واثنين من الصحفيين المتدرِّبين، وهما سامر خويرة، ومحمد القيق؛ يقومون بأعمال تصوير تجريبية في شارع الإرسال (وسط مدينة رام الله)؛ هاجمهم عدد من عناصر جهاز "الأمن الوقائي" واعتقلوهم، ثم اقتادوهم إلى مقارّ الجهاز في المدينة. وأثناء التحقيق مع أولئك الإعلاميين؛ جرى تعريضهم للشبح، وإهانتهم وإساءة معاملتهم، وتوجيه اتهامات متناقضة حول أسباب اعتقالهم. كما أفاد منسق القناة ذاتها أنه وأثناء فترة الاعتقال تعرض للتهديد من قبل الطبيب الذي عُرِضَ عليه بعد شعوره بالإعياء الشديد. "أصبحت عارياً وبلا ملابس" ويقول منسق القناة ذاتها "لقد جرى نقلي إلى المقر الرئيس للأمن الوقائي في بيتونيا، وأخضعوني للتفتيش بعد إجباري على نزع الملابس باستثناء الداخلية السفلية، الذي شدّه أحدهم بطريقة مخجلة، ثم تم تقييد أيدينا بقيود إلى الخلف، ووضع أكياس قذرة على رؤوسنا، ونقلونا إلى أماكن متفرقة، وبالنسبة لي وضعوني في زنزانة مساحتها متر × مترين. ثم تم إخراجي من الزنزانة وشبحي بأحد الأبواب بعد تقييد يديَّ إلى الخلف وللأعلى". ويتابع المنسق "بعد ذلك اقتادوني إلى التحقيق، وهناك فوجئت بأنّ التحقيق يدور حول معاكستنا لفتيات، وأنّ اثنتين قدمتا شكوى ضدنا، فأجبت بأننا لو قصدنا المعاكسة لَما حملنا معنا الكاميرا وخرجنا بالحالة التي كنا بها لحظة اعتقالنا، وأعادوني للشبح مرة ثانية، ثم للتحقيق حيث وجه لي اتهام بأننا نصوِّر لصالح جهة معادية، في هذه الأثناء لاحظ المحقق علامات إعياء قد بدت عليّ، فحوّلوني للعيادة الطبية، وكان فيها طبيبان وممرض، سألني أحد الطبيبين عن وزني فقلت له وزني خمسة وستون كيلوغراماً، فقال لي: جهِّز حالك بدّك تنقص عشرين كيلوغراماً عند الوقائي، وسألني عن لون عينيّ فأجبته هل سيجري تحويله من الأخضر إلى الأزرق، وقد فهمت أنّ الطبيب يهدِّدنني ولا يحذِّرني بقوله". اختطاف مدراء ومدرسين .. وإقصاء وظيفي وفي سبتمبر استُدعي أربعة من مدراء المدارس في محافظة نابلس للمثول أمام جهاز المخابرات العامة في المدينة، ومن هناك نُقِلوا إلى سجن جنيد بواسطة سيارة تابعة للمخابرات، بعدما وُضِعَت أكياس سوداء على رؤوسهم، حيث أُحتُجِزَ المذكورون وأُرغموا على التوقيع على تعهّدات بالتخلي عن وظائفهم كمدراء مدارس، وفي اليوم المذكور أخلي سبيل ثلاثة منهم، وبقي الرابع رهن الاعتقال. وفي الشهر ذاته اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لعباس خمسة مدرّسين كانوا متوجهين من منازلهم إلى إحدى مدارس محافظة نابلس، وقد أُوقف المدرسون الخمسة من قبل حاجز أمني فلسطيني أقيم خصيصاً لهم، وأُرْغِمُوا على الترجّل من السيارة التي كانوا يستقلونها، والجلوس على الأرض قبل اقتيادهم إلى مقر الاستخبارات العسكرية بمدينة نابلس، ونقلهم في وقت لاحق إلى سجن جنيد في المدينة. "حماس" تحمل عباس وفياض المسؤولية الكاملة من جهتها حمّلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته (غير الشرعية) سلام فياض، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن عملية التعذيب حتى الموت، التي أُخضع لها الشيخ مجد عبد العزيز البرغوثي، في أحد سجون المخابرات الخاضعة لإمرتيهما في رام الله بالضفة الغربية. وقال سامي أبو زهري، المتحدث باسم حركة "حماس" " تعقيباً على عملية التعذيب الوحشية التي أدت إلى استشهاد الشيخ البرغوثي؛ إنّ "هذه الجريمة تمثل سابقة خطيرة تعكس حجم التعذيب الذي يتعرّض له أبناء حركة حماس في سجون سلطة محمود عباس". وأشار أبو زهري إلى أنّ ما يتعرّض له المعتقلون في سجون سلطة المقاطعة يفوق لجهة التعذيب والتنكيل ما يتعرّض له المعتقلون في سجون الاحتلال الصهيوني، وقال "إننا في حماس نعتبر هذه الجريمة تعكس حالة الخطر الشديد الذي يتهدّد حياة أبناء الحركة في سجون السلطة، لذا نحمِّل رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته غير الشرعية سلام فياض، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن عملية التعذيب حتى الموت التي استهدفت الشيخ مجد عبد العزيز البرغوثي في أحد سجون المخابرات الخاضعة لإمرتيهما في رام الله في الضفة الغربية مساء الجمعة (22/2)". تنسيق أمني وتعاون بين الاحتلال وأجهزة السلطة وأكد المتحدث باسم "حماس"؛ أنّ الحركة لا يمكن أن تسلِّم باستمرار هذه الأوضاع وعمليات التعذيب الوحشية التي تستهدف أبناءها في هذه السجون، وقال "نعتبر أنّ هذه الجريمة تعكس مستوى التنسيق الأمني والتعاون عالي المستوى بين الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، وهي ترجمة للشقّ الأمني من خطة خارطة الطريق الذي تتعهد بمحاربة المقاومة". وشدد سامي أبو زهري على أنّ "هذه الواقعة تمثل إدانة لموقف فصائل منظمة التحرير الصامتة على هذه الجرائم الخطيرة، بينما تقيم الدينا ولا تقعدها لأي صغائر في مناطق أخرى"، كما قال. الوفيات في سجون سلطة أوسلو .. سجل أسود ويُشار إلى أنّ ما يزيد عن ثلاثين حالة وفاة وقعت في سجون سلطة أوسلو منذ تشكيلها. ففي سنة 1994؛ توفيت حالة واحدة، وهو الشاب فريد أبو جربوع، فيما بلغ عدد الوفيات في سجون السلطة في سنة 1995 ست حالات. وفي سنة 1996، بلغ عدد الوفيات في السجون ذاتها أربع حالات، ووصل عدد الوفيات في سنة 1997، إلى سبع حالات. أما في سنتي 1998 و1999؛ فقد بلغ عدد الوفيات في سجون السلطة أربع حالات، وبعد سنة 2000 بلغ عدد الوفيات ثمان حالات. ويُشار إلى أنّ عدد الوفيات الذين قضوا على يد جهاز "المخابرات العامة" بلغ 10 حالات، فيما بلغ عدد الوفيات في سجون "الأمن الوقائي" 8 حالات، مقابل 6 حالات قضت على يد جهاز "الاستخبارات العسكرية"، وتقاسمت بقية الأجهزة ما بين "الشرطة" و"البحرية" و"الحرس الرئاسي" بقية الوفيات. وقد قضى هؤلاء المعتقلون نتيجة التعذيب الوحشي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة السلطة الفلسطينية، والتي لا تراعي أدنى الحقوق الإنسانية من خلال التعامل مع الموقوفين لديها، وتضرب بعرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حق الإنسان في الحياة والتي تحرم كذلك التعذيب بحق المعتقلين. المراكز الحقوقية تطالب عباس بتحمل المسؤولية ويجدر الإشارة إلى أنّ جرائم التعذيب التي يتم إخضاع المعتقلين لها على يد أجهزة عباس الأمنية، متواصلة ومستمرة، وكذلك أعمال التنكيل التي تستهدف ذويهم، فضلاً عن الضغوط الجسدية والنفسية التي تُمارَس عليهم لدفعهم للصمت عنها. كما ويُشار إلى أنّ الضحايا يواجهون تهديدات من قبل تلك الأجهزة في حال الإعلان عمّا يتعرضون له من تنكيل لمنظمات ومراكز حقوق الإنسان، التي عبّرت في مرّات كثيرة عن إدانتها لهذه الانتهاكات التي تستهدف المعتقلين في سجون عباس. وأشارت المراكز الحقوقية مجتمعة بقلق إلى تكرار الاعتداءات على الحقوق الفردية للمواطنين، وطالبت بالتحقيق الجدي في هذه الاعتداءات وتقديم مقترفيها للعدالة. كما وجدّدت تلك المراكز الحقوقية إدانتها الشديدة لممارسة التعذيب، وطالبت "النائب العام" بالتحقيق الفوري فيها وتقديم مقترفيها للعدالة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقفها ومنع تكرارها، مشيرة إلى أنّ التعذيب محظور بموجب القانون الفلسطيني، وأنه يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان التي تكفلها المعايير والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984م، كما وتؤكد من خلال بياناتها المتلاحقة ملاحقة مقترفي جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم. وكرّرت المراكز الحقوقية كذلك مطالباتها لرئيس السلطة محمود عباس و"حكومة" فياض (غير الشرعية)، باعتبار تلك الأجهزة تأتمر بإمرتها والرئاسة؛ طالبتها بوقف هذه الأعمال غير القانونية وتقديم مقترفيها للعدالة.