أكدت مصادر برلمانية أن الحكومة اليمنية اعتذرت رسميا أمس عن قصف مواقع وقرى قالت إنها مواقع لعناصر تنظيم القاعدة في منطقة المعجلة بمحافظة أبين نهاية ديسمبر الماضي واعترفت بخطأ ارتكاب هذه العملية. وأوضحت هذه المصادر أن هذا الاعتذار الحكومي جاء أمام مجلس النواب في جلسته الاعتيادية الأربعاء (3-3)، التي خصصت لمساءلة الحكومة عن أسباب ومبررات قصف منطقة المعجلة في محافظة أبين بطائرات بدون طيار في عملية عسكرية مشتركة يمنية أمريكية، والتي ذهب ضحيتها نحو 60 من الضحايا المدنيين.
وقالت إن نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن الدكتور رشاد العليمي قدم اعتذارا رسميا لقبيلة باكازم التي تقع فيها منطقة المعجلة بمحافظة أبين، عما أصابها من إساءة من قبل الحكومة نتيجة تلك العملية العسكرية، واعترف رسميا أمام المجلس النيابي بارتكاب الحكومة 'خطأ' القيام بتلك العملية التي استهدفت عناصر القاعدة في أبين وفقا للمبرات الحكومية التي أعلنتها عقب تلك العملية ،مشيرة إلى أن الحكومة اضطرت إلى تقديم هذا الاعتذار الرسمي إثر تلقيها انتقادات حادة من أعضاء مجلس النواب امس عقب إعلان تقرير ميداني اعدته لجنة برلمانية مكلفة من المجلس النيابي لتقصي الحقائق حول العملية العسكرية في محافظة أبين بالإضافة إلى الاحتجاجات السياسية الجارية في محافظة لحج، وطالب برلمانيون باستقالة الحكومة.
وذكرت هذه المصادر أن العليمي، وهو من كبار الشخصيات اليمنية المعنية بالملف الأمني وتحديدا ملف تنظيم القاعدة، قال أمام البرلمان "ينبغي تصحيح أخطائنا، سبق والتزمنا بالتعويضات لضحايا عملية المعجلة إذا ما اتضح أن هناك أخطاء مصاحبة للعملية وسنرتب وضعها، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح، الصادرة بهذا الشأن".
وأضاف "ان أمر محافظتي ابين ولحج يهمنا، لدينا مشاريع خليجي 20 الرياضية هناك، واعتمدت لكل محافظة منهما 6 مليارات لتطوير البنية التحتية على مدى ثلاث سنوات".
وفي رده على المواجهة البرلمانية الحادة أعلن المسئول الحكومي اليمني أن الحكومة بصدد اتخاذ إجراءات إدارية وتنموية خلال الثلاثة الأشهر القادمة في جميع المحافظات والمديريات الجنوبية، التي ارتفعت فيها الاحتجاجات السياسية مؤخرا والتي وصلت إلى حد المطالبة بفك الارتباط عن المحافظات الشمالية وفق اجندة خارجية.
وكان عدد من البرلمانيين اليمنيين شنوا هجوما حادا الأربعاء (3-3)، على الحكومة اليمنية التي وصفوها ب"الفاشلة"، واستشهدوا بتقرير اللجنة البرلمانية للمجلس النيابي لتقصي الحقائق حول عملية المعجلة والاختلالات الأمنية في محافظتي أبين ولحج، وتساءلوا عن الذنب الذي اقترفه أكثر من 42 امرأة وطفل قضوا في عملية المعجلة التي استهدفت عنصرا واحدا من تنظيم القاعدة وفقا للمبررات الحكومية.
النائب المعارض سلطان السامعي وصف عملية المعجلة بأنها "جريمة إبادة ضد الانسانية"، وتشدد في مداخلته بالمطالبة بمحاكمة مرتكبيها من السلطة، وقال "ان لم يحاكموا الآن، سيأتي اليوم الذي يحاكمون فيه.. من أعطى السلطة الحق في قتل هؤلاء المواطنين الأبرياء".
واتفق مع أطروحات السامعي كل من النائب الاشتراكي عيدروس النقيب والنائب المستقل صخر الوجيه في ان عملية المعجلة تصنف في خانة 'الجرائم ضد الإنسانية'، وطالب النقيب بتقديم مرتكبي هذه العملية للقضاء من أجل محاكمتهم.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه النائب صخر الوجيه تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق 'شفّافا' أكد أن "ما حدث في المعجلة جريمة قتل جماعي مع سبق الاصرار والترصد، بدليل حديث السلطة المحلية عن قيام طائرات بتصوير المنطقة لعدة أيام قبل وقوع العملية".
وقال الوجيه وهو برلماني عن الحزب الحاكم سابقا واستقال منه ليصبح مستقلا بسبب آرائه الناقدة للسلطة إن "القاعدة في اليمن موجودة، الحكومة تسكت عنها متى شاءت، وتلاحقها متى شاءت.. بعد مؤتمر لندن، المنعقد في الشهر قبل الماضي، لم نعد نسمع عن ملاحقات للقاعدة، يلعبون بورقتها لأجل المِنَح والدعم الخارجي".
وأضاف "غداً ربما ستكون القاعدة وراء جلب الأساطيل العسكرية الأجنبية لليمن"، في إشارة إلى أن السلطات اليمنية تستخدم 'ورقة القاعدة' كورقة سياسية مع الغرب الذي يهوّل من حجم تهديدات القاعدة ويستخدمها وسيلة ل"ابتزاز" اليمن أمنيا، فيما تحاول صنعاء استخدام ورقة القاعدة كوسيلة "ابتزاز" مالي للغرب من أجل الحصول على دعم مادي مقابل قيامها بضرب القاعدة.
واتهم الوجيه السلطة بخرق الدستور في ارتكاب عملية المعجلة إثر تشكيكه في ان تكون الضربة يمنية بحتة، وقال إن "اللجنة تعلم وكلنا يعلم أن هذه الضربة ليست يمنية، هناك خرق واضح للدستور، والرئيس الأسود في البيت الأبيض هنأنا على هذه العملية السوداء"، مطالبا باستجواب الحكومة وتحويلها للتحقيق العاجل.