انعقد منتدى أمريكا والعالم الإسلامي في دورته الثامنة في الدوحة عاصمة الثقافة العربية لهذا العام وشارك في هذا المنتدى ما يزيد على 300 شخصية من العالمين الإسلامي والمسيحي، وكما جرت العادة في المؤتمرات والندوات كل يسّوق فكره فيما يجري على الساحة الدولية، البعض نفاقا والبعض اتفاقا والبعض ملمحا والبعض لا يريد أن يغضب أحدا، وفي هذه الحالة تكون الكلمة حمالة أوجه وهذا خطأ كبير في العلاقات الدولية لان الطرف الأقوى وأقصد أمريكا تضع فكرها ومقاصدها بكل وضوح.. والحق إنني لست بصدد تقييم المنتدى وما دار في جلساته المتعددة فذلك قد يكون في مكان اخر. أريد أن أتوقف عند بعض ما جاء في كلمات المتحدثين، جاء في كلمة الرئيس اوباما الموجهة للمؤتمر عبر الشاشة "أن التعليم والمعرفة هما العملة المتداولة في هذا القرن الحالي، وان الاستفادة من فرص التعليم الالكتروني لربط الجانبين أمر مهم، إضافة إلى فرص تعليم الأطفال والتدريب على مهارات مبتكرة تهم جميع الأطراف"، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل وصل الحال بإدارة الرئيس اوباما إلى حد تجاهل مظالم العالم الإسلامي والعربي على وجه التحديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ النصف الثاني من القرن الماضي وحتى اليوم وينبري لدعوتنا لتعلم الكمبيوتر وتدريب أطفالنا على مهارات مبتكرة؟.. هل نسي أو تجاهل أننا نعاني من الصلف الصهيوني المدعوم بكل وسائل القوة من الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أكثر من ستين عاما وما برحنا نعاني؟.. هل نسي أن إسرائيل وعملاءها في المنطقة وبتأييد من الإدارة الأمريكية يحاصرون مليون ونصف إنسان في غزة لأكثر من ثلاث سنين عجاف بلا دواء لمرضاهم ولا دفاتر لتعليم الأطفال ولا غذاء ولا منازل تقيهم تقلبات الجو جراء التدمير الشامل الذي شنته إسرائيل على غزة بسلاح أمريكي؟.. هل نسي معاناتنا نحن العرب وخاصة حلفاء أمريكا مما جرى ويجري في العراق وما يجري في السودان والصومال ناهيك عن أفغانستان والباكستان وما يجري في أمريكا ذاتها تجاه مواطنيها من المسلمين الذين ينحدرون من أصول عربية؟ نسي أو تناسى الرئيس اوباما اننا نحن العرب وقفنا مع أمريكا في كل حروبها منذ النصف الثاني من القرن الماضي وحتى احتلال العراق وأفغانستان وفي كل أزماتها الطبيعية والمالية وأخيرا يكافئنا نحن العرب بدعوتنا لتعلم الكمبيوتر وتعليم أطفالنا مهارات جديدة. وزيرة خارجيته السيدة كلينتون قالت في خطابها في المنتدى "أنها تريد وقف الاعتداءات الصاروخية على ارض إسرائيل" دون أن تذكر الاعتداءات الإسرائيلية على مدن وقرى وأرياف الضفة الغربية وهي تختطف من تشاء من السكان وتقتل من تشاء والضفة الغربية تحت إدارة سلطة عباس وفياض حلفاء إسرائيل وأمريكا، ولم تذكر العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة بطائرات وذخائر صنعت في أمريكا. تقول السيدة كلينتون "لقد بدأت الشراكة بين أمريكا والعالم الإسلامي في مجالات التعليم والتنمية والاقتصاد والصحة" ونحن بدورنا نقول "لقد صدرت إلينا أزماتها المالية العاتية، وسلبت كل ودائعنا في بنوكها ومؤسساتها، خربت التعليم في عالمنا العربي تحت ذريعة التطوير والتحديث، وفي مجال الصحة صدروا لنا كل الأمراض جنون البقر، وإنفلونزا الوادي المتصدع، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير وباعونا أمصالا ليست ذات جدوى بأغلى الاثمان.. أليس لنا الحق في إنهاء هذه الشراكة المخسرة؟ جاء في كلمة شخصية عربية مرموقة قوله "ان المفاوضات من اجل إحلال السلام هي المجال الوحيد للوصول إلى نتيجة مرضية لعملية السلام، ولا يمكن أن تبدأ هذه العملية إلا بالجلوس على طاولة واحدة مع إسرائيل" والسؤال يطرح نفسه: ألم يجلس العرب في مدريد عام 1991 مع إسرائيل وأمريكا والدول الغربية؟ وجلسوا مع أمريكا وإسرائيل وآخرين في أنابولس في أمريكا، ومحمود عباس وفتح "رام الله" يجلسون ويقفون مع الإسرائيليين ويتبادلون الأنخاب منذ أوسلو 1993 وحتى اليوم والتوسع الإسرائيلي في ازدياد والفلسطينيون لم يستردوا سنتيمترا واحدا من الأرض المحتلة، وجملة القول "المفاوضات ليست المجال الوحيد لتحقيق أهدافنا في استرداد حقوقنا المشروعة". اخر القول: وقف في المؤتمر احد الكرادلة الأمريكان ووقف معه رهبان وربانيين وعلماء مسلمين وكلهم أمريكان وأمام مدام كلينتون وقالوا ما معناه "لن يتحقق السلام ولن يستقر الشرق ولن تهدأ إسرائيل إلا برفع الحصار عن أهل غزة وعودة الحقوق لأصحابها، إن ذلك الحصار جريمة ترتكب ضد الإنسانية ولم تتجرأ السيدة كلينتون بقول كلمة واحدة.