اتخذت حكومة رجب طيب اردوغان الخطوة الاولى على طريق الغاء الصلاحيات القانونية التي تتيح للجيش التدخل في السياسة والحياة الاجتماعية، بعد ايام فقط من اعلان اردوغان نيته القيام بذلك. وأعلن وزير الداخلية التركي بشير اتالاي إلغاء البروتوكول الذي اصطُلح على تسميته ببروتوكول أماصيا الموقع بين قيادة اركان الجيش ووزارة الداخلية عام 1997، والذي يسمح للجيش بالنزول الى الشارع للتدخل مباشرة ضد اي تهديد داخلي، من دون اخذ إذن من الحكومة. وهذا البروتوكول وقّعته حكومة الاسلامي نجم الدين اربكان تحت ضغط العسكر، ضمن ما بات يُعرف بانقلاب 28 فبراير الذي اطاح بحكومة اربكان آنذاك وحلّ «حزب الرفاه» الذي اتُهم بدعم القوى الاسلامية المتطرفة والسعي الى إسقاط النظام العلماني في تركيا. وقال اتالاي أن بروتوكول أماصيا يُعتبر لاغياً ولا وجود له. وكان من المفترض أن ينظم هذا البروتوكول وينسق العمل بين قوى الامن التركية والجيش، من اجل التصدي لأي اعمال شغب او هجمات ارهابية وخصوصاً في محافظات جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية، حيث ينشط «حزب العمال الكردستاني» المحظور. وكانت الحكومة طرحت مسألة هذا البروتوكول للنقاش، بعد كشف الإعلام التركي عن وجود مخطط انقلابي تحت اسم «المطرقة» وُضع عام 2009 استناداً الى هذا البروتوكول. وكان المخطط الانقلابي المزعوم يدعو الى نزول الجيش الى الشارع للتصدي لاعمال شغب يتم افتعالها عمداً، ومن خلال مواد البروتوكول يُحكم الجيش قبضته على الشارع التركي ويشكل حكومة بديلة لتصريف الاعمال، بحجة إعلان الطوارئ والاستنفار العام. وكان رئيس الاركان التركي الجنرال الكر باشبوغ نفى وجود مخطط انقلابي مماثل، قائلاً ان ما نشرته وسائل الاعلام هو سيناريو محرّف عن خطط وهمية يضعها الجيش التركي على سبيل الاحتياط، للتصدي لأي سيناريو احتلال او حرب. لكن باشبوغ أيد إلغاء بروتوكول أماصيا، منسجماً مع تصريحات لاردوغان الاسبوع الماضي أكد فيها انه سيسعى الى تقليص تدخل الجيش في الساحة السياسية والاجتماعية، من خلال الغاء قوانين وصلاحيات، بالتفاهم والتنسيق مع رئيس الاركان. ويسعى اردوغان أيضاً الى تغيير وثيقة الامن القومي المعروفة ب «الكتاب الأحمر»، والتي يضعها مجلس الأمن القومي التركي بمشاركة الجيش وإشراف رئيس الجمهورية، من أجل تغيير أولويات التهديدات التي تواجه تركيا والغاء ما يُسمى بالتهديد الداخلي.