أكد الصحفي البريطاني والمتخصص في شئون الشرق الأوسط روبرت فيسك أن الفلسطينيين يموتون بشكل بطيء في المنطقة (سي) في الضفة الغربيةالمحتلة؛ بسبب عنصرية الاحتلال الصهيوني وبيروقراطيته ومخططاته لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني. وقال فيسك، في تقرير له نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تحت عنوان "ثنايا التلال الصخرية بالضفة الغربية"، بعد زيارته إلى منطقة "الجفتلك" بفلسطين المحتلة "إن أوضاع الفلسطينيين في هذه التلال الصخرية ذات الوديان الخضراء التي هي جزءٌ من حطام اتفاقية أسلو المحطمة أصلاً لا تبشر بخير؛ حيث إنهم يموتون بشكل بطيء بسبب ممارسات الاحتلال العدوانية وعدم سماحه ببناء المنازل الفلسطينية، وهدم الأسطح وغلق الآبار".
وأوضح فيسك أن هناك 150 ألف فلسطيني في المنطقة يجاورهم 300 ألف صهيوني يعيشون في 120 مغتصبة و100 أخرى تعتبر غير قانونية بحسب سلطات الاحتلال، مشيرًا إلى أنه حتى المنظمات غير الحكومية من الغرب العاملة في تلك المنطقة تجد صعوبةً في تنفيذ أعمالها بسبب السياسة الصهيونية، ووصف ذلك بأنه فضيحة دولية؛ حيث رفضت الحكومة الصهيونية طلبًا لمنظمة "أوكسفام" البريطانية لبناء بئر ارتوازية للفلسطينيين في "الجفتلك"، ولم تسمح لها بنصب أنابيب المياه تحت الأرض ولا فوقها.
مناطق عسكرية وأشار فيسك إلى أن أكوام الورق التي تحتوي على أوامر هدم المنازل التي تشاهدها على طاولة رئيس مجلس قرية "الجفتلك" عبد كساب تكشف عن تطهير عرقي وبيروقراطية؛ حيث لا يسمح الاحتلال بتشييد المنازل، ولا حتى بحفر حفرة يتجاوز عمقها أربعين سنتميترًا، والآبار تُغلق، وأنظمة الصرف الصحي تُزال، مشددًا على أن هذه المشكلات تبقى في نظر كساب صغيرةً، أمام المماطلة الصهيونية، وتأجيل تصاريح بناء المنازل لسنوات إن لم ترفض، وهدم المنازل التي تبنى من دون تصريح.
وأوضح أن تلك الأكوام من التصاريح تُخفي حقيقةً مروِّعةً في "منطقة سي"، وهي أن الكيان الصهيوني يعتزم إرغام الفلسطينيين على هجر أراضيهم والانضمام إلى مناطق "بي" و"إيه" التي تخضع للسلطة الفلسطينية مدنيًّا، ولكنها تحت السيطرة العسكرية الصهيونية، قائلاً: "هذا يعني أن الفلسطينيين سيفاوضون على 44% من الضفة الغربية؛ أي 22% فقط من أصل ما كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يطمح إليه.
وأضاف: "إن 18% من هذه النسبة تعتبر مناطق عسكرية مغلقة من قبل الصهاينة و3% توصف بأنها محميات طبيعية، قد تعجب لو عرفت نوعية الحيوانات التي تتجوَّل فيها، هذا يعني إجمالاً أن الفلسطينيين ممنوعون من البناء فوق ما مساحته 70% من المنطقة (سي)".
تفرقة عنصرية ونقل فسيك عن كساب غضبه من ممارسات الاحتلال، وقوله إن "التنفس هو الشيء الوحيد الذي لا يتطلب تصريحًا حتى الآن، وإن الفلسطينيين عليهم أن ينتظروا أكثر من ثلاث سنوات للحصول على تصاريح لبناء منازل وطرق جديدة وآبار ارتوازية"، مضيفًا: "إننا لا نستطيع حتى بناء مستوصف صحي من دون تصريح"، مشيرًا إلى أن الحصول على تصريح إعادة إصلاح نظام المياه يتطلَّب 70 ألف شيكل (أكثر من 14 ألف دولار)؛ أي يفوق تكلفة إعادة الإصلاح نفسها.
وفى تقرير آخر عن أوضاع الفلسطينيين أيضًا تساءل فيسك عن أسباب غض الولاياتالمتحدة البصر عما تفعله البلدوزرات الصهيونية، مشيرًا إلى أن أغلب مناطق الضفة الغربية واقعة تحت حكم يشيه "الأبرتايد" أو التفرقة العنصرية التي كانت سائدةً في جنوب أفريقيا.
وينتقد فيسك الرئيس باراك أوباما ويقول إن عملية السلام في الشرق الأوسط كانت أصعب مما يتخيل، ورأى الكاتب أن حلَّ الدولتين "الإسرائيلية" والفلسطينية ميت رغم أنه جيد.
وقال إن كلاًّ من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يقفان مكتوفي الأيدي في الوقت الذي تدمر فيه الحكومة الصهيونية أيَّ أمل في عملية السلام أو إقامة دولة فلسطينية، فالجرافات الصهيونية تهدم آخر فرصة للسلام ليس فقط في القدس، ولكن أيضًا في الضفة الغربيةالمحتلة.
جرائم صهيونية ومن جهته، واصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقاداته الشديدة للكيان الصهيوني؛ حيث أكد أن تركيا ستواصل كشف حقائق الممارسات الصهيونية.
وقال أردوغان الأحد (31-1)، في حديثٍ لفضائية "يورونيوز" الناطقة باللغة التركية، التي أطلق بثها مساء السبت: "إن على (إسرائيل) إعادة النظر في علاقاتها مع الدول المجاورة وتوخِّيَ الدقة والحذر في تعاملها مع الدول الأخرى، لا سيما تركيا التي تمتلك ماضيًا عريقًا يمتد إلى مئات السنين، إذا ما أرادت أن تكون ضمن هذا العالم".
وأشار أردوغان إلى أن تركيا لا يمكن أن تقف موقف المتفرِّج تجاه قتل الأبرياء دون رحمة، ولا يمكن أن تسكت عن استخدام القنابل الفسفورية وتدمير البنية التحتية وتدمير كل شيء، وتحويل قطاع غزة إلى سجن مفتوح؛ ما يتعارض مع حقوق الإنسان ومعاهداتها.
وطالب رئيس الوزراء التركي الكيانَ الصهيوني بالتفكير جيدًا في خسارته تركيا نتيجة هذه الممارسات، لا سيما السلوك الذي اتبعه نائب وزير الخارجية الصهيوني مع السفير التركي في تل أبيب (تل الربيع) المنافي للأعراف الدبلوماسية الدولية.
ولفت أردوغان إلى احتمال تأثر تنفيذ العديد من الاتفاقيات التركية مع الكيان الصهيوني في حال استمرار أجواء عدم الثقة التي تتحدث عنها الحكومة الصهيونية.