أثرت التصريحات الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والتي دارت حول منع مرور قوافل الإغاثة إلى غزة من خلال الأراضي المصرية؛ بالسلب في مشاعر العرب والمسلمين وحتى الأوروبيين، واستنكر عدد كبير من المسئولين الشعبيين والرسميين هذه التصريحات، مؤكدين أنها تنطوى على كراهية ظاهرة تجاه أهل غزة المحاصرين مماطلة السلطات المصرية وأبدى نواب أوروبيون السبت (9-1) انزعاجهم الشديد من "مماطلة" السلطات المصرية في الرد على طلبهم بالموافقةعلى السماح لهم بزيارة قطاع غزة من معبر رفح بين مصر وغزة بعد أسبوع. وقالت "الحملة الأوروبية لرفعالحصار عن غزة"، في بيانٍ صدر عنها: "إن النواب القادمين من 17 دولة أوروبية لايزالون بانتظار الرد المصري، ويرفضون تصرف السلطات المصرية ضدهم، معتبرين ذلك إهانة غير مقبولة". وأضافت الحملة أنها خاطبت وزارة الخارجية المصرية بصورة رسمية منذ حوالى الشهر ونصف الشهر تقريبا بشأن الترتيب للزيارة التي تتضمن عقد لقاء مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس مجلس الشعب فتحي سرور وأمين عام "الجامعة العربية" عمرو موسى. وأوضحت أنها لم تتلق حتى اللحظة أي رد من "الخارجية" رغم تكرار الاتصال بالمسئولين المصريين أكثر من مرة؛ الأمر الذي يوحي بنية السلطات المصرية تعطيل هذه الزيارة. وذكرت أن النواب المشاركين في الوفد، وعددهم أكثر من خمسين، لديهم التزامات برلمانية سياسية، ولا بد من التحضيرالمسبق لأية زيارة يقومون بها، "إلا أن السلطات المصرية لم تراع ذلك على ما يبدو رغم اتباع كافة الإجراءات التي تطالب بها مصر". وأظهر النواب إندهاشهم من هذه المعاملة التي لا يجدون لها مبررا، وأكدوا أنهم سيثيرون هذه القضية في برلمانات دولهم، وسيطالبون بشكل رسمي معرفة الأسباب التي تحول دون تمكينهم من دخول غزة ورؤية الأوضاع الإنسانية على حقيقتها. وقالوا إن "الهدف الرئيسى من هذه الزيارة هو اطلاع ممثلي الشعوب الأوروبية على الأوضاع الكارثية التي لا يزال يعانى منها مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة". مصر تهين "شريان الحياة" وكان أعضاء قافلة "شريان الحياة" الثالثة التي غادرت غزة يوم الجمعة الماضي قد تعرضوا للإهانة والإذلال قبل دخول قطاع غزة؛ حيث قمعت الأجهزة الأمنية المصرية المتضامنين الأجانب والعرب في ميناء العريش المصري بعد تعطيلهم لأيام طويلة ومماطلة السلطات المصرية في إدخالهم قطاع غزة. وقد أكد الصحفي التركي "آدم أزكوسا" أن السلطات المصرية تعاملت معهم بعنف وقسوة، وقال: "لقد تعجبت كثيرا من سلوك الأجهزة الأمنية المصرية تجاهنا، وعجبت لماذا يقمعوننا ويتصرفون معنا بهذه الصورة المهينة"، وتابع: "يجب عليهم أن يفرحوا لأننا جئنا لنغيث أهلنا في غزة ونحاول رفع الحصار عنهم وكسره". وأوضح الصحفي التركي أن السلطاتالمصرية هي التي بدأت في الاعتداء على أعضاء قافلة "شريان الحياة" الثالثة قبل دخولهم الأراضي الفلسطينية. وقد شوهد عدد كبير من المتضامنين يلفون رؤوسهم بالضمادات الطبية واللاصق الطبي من جراء القمع الذي تعرضوا له من قبل السلطات المصرية. وقال أحد أعضاء القافلة أثناء مغادرتهم قطاع غزة ودخولهم الأراضي المصرية؛ أن القافلة تعرضت للاختطاف من قبل الأمن المصري. من جانبه أكد النائب البريطاني جورج جالاوي الذي ترأس قافلة "شريان الحياة" الثالثة أن السلطات المصرية تعاملت معه ومع المتضامنين الذين جاءوا إلى غزة ليقدموا إليها المساعدات؛ بقسوة بالغة وغير متوقعة، مطالبا السلطات المصرية بفتح معبر رفح الحدودي ورفع الحصار عن قطاع غزة. وأكد النائب جالاوي لدى وصوله إلى مطار "هيثرو" بلندن، حين قال ردا على قرار مصر بمنعه من دخول البلاد أو تسيير قوافل إلى غزة؛ أن وضع المزيد من القيود لن يثنيه عن أداء دوره في مساعدة أهل غزة المحاصرين، مؤكدا أن البحر لا يزال أمامه، واعدا بمزيد من القوافل وقوافل أخرى من "شريان الحياة". اهتزاز صورةمصر النمطية وأكد عدد من المراقبين والمتابعين أن الصورة النمطية لجمهورية مصر العربية قد اهتزت من جراء هذه الاعتداءات التي تعرض لها أعضاء قافلة "شريان الحياة" الثالثة التي غادرت قطاع غزة قبل أيام. وأوضحوا أن هذه التصرفات غريبة على مصر العروبة، مشيرين إلى أن هذه التصرفات لا تمت إلى العروبة ولا إلى الإسلام ولا إلى القومية بأية صلة. ونوه المراقبون عن التصريحات التي أدلى بها أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري، مؤكدين أن هذه التصريحات لاتعبر عن رأي الشارع المصري، مبينين أنها لا تخدم المصالح العربية والإسلامية. ووصف المراقبون إعلان أبو الغيط بأنه خطير ومريب، خاصة أن سجل "الهلال الأحمر المصري" غير مطمئن وملىء بالفضائح، مؤكدين أن النظام المصري لم يكتف بإغلاق شبه تام لمعبر رفح البري الذى يمثل شريان الحياة لأهل غزة، وإقامة "جدار العار الفولاذي" لحرب الأنفاق، بل تعداه إلى جعل الهلال الأحمر يحتكر قوافل الإغاثة الخارجية من دخول القطاع، ومنع مرور أية مساعدات من أية جهة داخلية أو خارجية إلا من خلاله. "حركات عيال" من جانبه أبدى المستشار محمود الخضيري منسق "الحملة الشعبية لفك الحصار عن غزة" تخوفه من مصير المساعداتالمقبلة إلى أهالي غزة، بعد قرار أبو الغيط ضرورة مرورها على الهلال الأحمر المصري، مشيرا إلى أن مئات الأطنان من المساعدات تلفت في مخازن العريش نتيجة تعنت الهلال في توصيلها إلى قطاع غزة المحاصر. ووصف ما يقوم به "الهلال" من نزعأي شعار للجان الإغاثة من على المساعدات، ووضع علامته المميزة عليها؛ ب"حركات العيال"، والتي يريد منها النظام إيهام الفلسطينيين في غزة بأنه صاحب المساعدات لاأحد غيره. وطالب المستشار الخضيري جموع الشعب المصري بالنهوض والوقوف في وجه مخططات تجويع الشعب الفلسطيني، مستنكرا وقوف العرب والمسلمين متفرجين على ما يحدث في الوقت الذي يكافح الأجانب فيه من أجل إغاثة غزة، وأكد أن كسر الحصار المفروض على الشعب المصري داخل أرضه هو مقدمة لكسر حصار غزة. حصارغزة مستمر ومصر لا تتحرك ويتعرض قطاع غزة لحصار خانق منذ أكثر من ثلاثة أعوام ترفض مصر خلالها فتح معبر رفح بشكل كامل، وقد راح ضحية هذا الحصار أكثر من 360 مريضا حرموا من السفر لتلقي العلاج في الخارج، سواء من خلال معبر بيت حانون "إيريز" الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال الصهيوني أو حتى من خلال المنع من السفر من خلال معبر رفح الحدودي الذي تسيطر عليه السلطات المصرية، كما يمنع الجانبان في كثير من الأحيان دخول الأدوية للمرضى في قطاع غزة؛ الأمرالذي أدى إلى زيادة عدد المرضى الشهداء نتيجة الحصار.