" مصر تسير على خطى سيناريو الحرب القذرة فترة 1976 – 1983 وإن لم ينتبه النظام ربما يواجه مصير نظيره في الأرجنتين في هذه الفترة".. بهذه العبارة ربط حسين حسن نائب رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان بين ما اعتبرها ظاهرة الاختفاء القسري والتصفية في مصر والتي كانت عليه في الأرجنتين . وظهر هذا الأمر جليا في حادث اختطاف طالب كلية الهندسة إسلام عطيتو الذي أعلنت الداخلية تصفيته خلال اشتباكات في الصحراء، بينما أكدت جامعة عين شمس حضوره امتحانات اليوم الذي اختُطِف فيه. وحذر "حسين" في حديثه ل"مصر العربية" نظام عبدالفتاح السيسي من نفس مصير النظام العسكري في الأرجنتين الذي حوكم عقب سقوطه، منوها بأن الاختفاء القسري أصبح ظاهرة مؤرقة، والداخلية دوما ما تنفي وجود محتجزين لديها. حكاية الحرب القذرة بدأت في دول أمريكا اللاتينية خاصة الأرجنتين بعد تولي خورخه رافائيل فيديلا الحكم إثر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس بيرون 1976، واعتمد فيديلا في سياسته على اختطاف المعارضين وتصفيتهم؛ حيث سجن وقتل قرابة ال30 ألفَ معارضٍ له لترسيخ حكمه العسكري. في مقابل ذلك دشنت بعض أمهات المفقودين حركة "أمهات ميدان مايو" و"جدات ميدان مايو"، وعكفن على التظاهر في ميدان مايو أمام قصر الرئاسة ضد النظام وسياساته، وهو ما مثَّل نواة لاحتجاجات تفاقمت، واستطاعت إسقاط فيديلا عام 1981 والإطاحة بباقي نظامه العسكري بعدها بعامين، ومن ثم انتخاب رئيس جديد، وساعد في ذلك دخول الأرجنتين في حرب ضد بريطانيا أضعفت النظام. وواصل النساء نضالهن حتى وضع فيديلا تحت الإقامة الجبرية إلى أن توفي، وحوكم بعض الجنرالات المسئولين عن عمليات الاختطاف والتعذيب مثل رينالدو "بينيتو بيجنون" لاحتجازه خمسة آلاف شخص في قاعدة يديرها وانتهاكه لحقوق الإنسان. مسلسل مستمر ربما يكون الأمر الذي جعل البعض يربط بين ما يحدث في مصر وما كان عليه الوضع في الأرجنتين من استمرار ظاهرة الاختطاف منذ حوالي سنة ونصف- بحسب ما أعلنت حملة الحرية للجدعان- وحتى الآن فيقول عبدالرحمن عاطف مؤسس حركة شباب 18 إن عضوين بالحركة يدعوان عمرو المصري، وأحمد الشعراوى اختطفا أول من أمس من أمام جامعاتهم ولم يستدلوا حتى الآن على مكان احتجازهم. وأضاف ل"مصر العربية" أن هذا الأمر تكرر عدة مرات مع أعضاء آخرين وأشخاص من خارج الحركة مما يجعل الأمر كارثة، فهناك حالات اختطاف كثيرة خارج طائلة القانون. مأساة الطالب إسلام عطيتو تكررت مرة أخرى حديثا مع مصطفى حمدان السواركة وفق ما أعلنت الدكتورة عايدة سيف الدولة، إحدى مؤسسي مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. وقالت عايدة سيف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس، بمقر نقابة الصحفيين، لدعم معتقلي قضية الرمل، إن أسرة حمدان السواركة أعلنت نبأ اعتقاله منذ عام ونصف، موضحة أنه خلال الستة أشهر الماضية فقط، قتل 16 شخصا تحت التعذيب. واتهم خالد علي رئيس حزب العيش في المؤتمر ذاته الشرطة بتشكيل كتائب لتصفية المعارضين مدللًا على ذلك بعدة شواهد. قابلة للتدويل الدكتور محمد مصطفى أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس رغم عدم تيقنه من وجود حالات اختفاء قسري وتصفية بشكل ممنهج في مصر إلا أنه بيَّن أن المنظمات الحقوقية إن استطاعت توثيق هذه الحالات فمن الممكن تدويلها. حالات الاختفاء القسري من القضايا القليلة التي من الممكن تدويلها لأنها انتهاك صارخ للميثاق الدولي لحقوق الإنسان بحسب ما صرح به أستاذ القانون الدولي ل"مصر العربية". واختتم "مصطفى": "المشكلة في مصر أنك لا تعلم من يقول الحقيقة ومن يكذب، أو مَن مع مَن، أو كيف قتل الناس ومن المسئول".