تسارعت وتيرة التدهور في العلاقات بين مصر والجزائر، بشكل غير مسبوق، فيما بدا انه يحظى بدعم غير محدود من القيادة السياسية في البلدين، على خلفية الأحداث التي تلت مباراة المنتخبين المصري والجزائري في القاهرة، ثم المباراة الثانية في العاصمة السودانية الخرطوم، وما بين المباراتين تدافعت الأحداث إلى الذروة، لتتصاعد الحرب الإعلامية بين البلدين، لتدشن "مصالح" لعدد من المنتفعين، سواء إقليميا أو في كل دولة من البلدين، فقد حقق معلقو الكرة في مصر مكاسب شخصية وإعلامية واسعة في الشارع المصري. فيما كسرت صحيفة "الشروق" الجزائرية حاجز المليون ونصف عدد، في حجم التوزيع لأول مرة في تاريخها، فيما سعت دول أخرى إلى تحقيق مكاسب كبيرة على حساب الدولتين، فقد تردد أن إحدى الدول العربية، سعت إلى الدخول باستثمارات كبيرة في الجزائر، لكن بشرط طرد الاستثمارات المصرية التي تقدر بمليارات الدولارات من الجزائر. وكان غياب العقلاء من الجانبين، كان هو السمة الأبرز في الحرب السياسية المشتعلة حاليا، ما بين مصر والجزائر، وربما يكون مناسبا أن يشكرا الظروف الجغرافية، التي وضعت دولة بمساحة ليبيا بينهما، لأنها لو لم تكن موجودة، فربما كانت الحرب الباردة بينهما، قد انقلبت إلى مواجهة عسكرية لا يحمد عقباها، فالتصعيد السياسي غير المحدود بين البلدين، يؤكد أن الظروف الجغرافية هى التي أنقذتهما من المواجهة العسكرية، التي كانت مرشحة للاندلاع في شمال أفريقيا. كان دخول علاء مبارك نجل الرئيس المصري إلى ساحة المواجهة الإعلامية بين البلدين، رغم عدم اعتياد الجمهور المصري على رؤيته على الساحة الإعلامية والسياسية، بعكس شقيقه الأصغر "جمال"، واحدا من ملامح الصراع المثيرة للانتباه، ما بين البلدين، فالنجل الأكبر للرئيس المصري، خرج ليسكب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة بين البلدين، بتصريحاته النارية التي هاجم فيها الجمهور الجزائري وحكومته، واصفا الأول بالمرتزقة، والثانية بالتواطؤ، فيما اعتبر جزءا من الموقف الرسمي المصري، فمواقف نجل الرئيس لا يمكن فصلها في مصر، عن مواقف الأب. ربما يكون دخول نجل الرئيس المصري إلى ساحة الجدل السياسي بين البلدين، واحدا من المواقف التي لن ينساها الجمهور الجزائري، لذلك كان لابد لنجل الرئيس أن يصمت، فقد حضر علاء مبارك المباراة بين الفريقين، وعاد إلى القاهرة ليطلق تصريحاته النارية، التي وصف فيها الجمهور الجزائري، بأنه "ليس جمهور كرة قدم على الإطلاق، وإنما مجموعة من المرتزقة وشوية صيع، ولم يكونوا مشغولين بالنتيجة، وإنما كان اهتمامهم الأكبر هو الاعتداء على الجماهير المصرية"، حسب وصفه. وفجر نجل الرئيس المصري مفاجأة من العيار الثقيل، مخاطبا بها "هوى" داخل الشارع المصري، بقوله "أي كلام عن العروبة بعد الآن؟ وكيف يمكن لنا تشجيع الجزائر"، وبالطبع لم يكن حديث مبارك الابن عن العروبة وأزمة مصر والجزائر، فقد سبق تصريحات مبارك الابن جدل في الشارع المصري حول العروبة، لعب الإعلام المصري عليها كثيرا، بمطالبته "العجيبة" بإعادة النظر في العلاقات المصرية بالعرب، وكأن "العروبة" هى المسؤولة عما حدث، وكأن الانفصال عن العروبة هو الحل السحري لمشاكل مصر، رغم أن السنوات الطويلة الماضية، أكدت أن العكس هو الأصح.