منذ اليوم الأول لتولي سلمان حكم السعودية قلنا في تقرير (سعودية سلمان ضد الانقلاب) إن اختيار سلمان لمحمد بن نايف كولي لولي العهد الذي كان الأمير مقرن هو تصعيد للجيل الثاني في حكم المملكة وأن بن نايف صاحب التعليم الجامعي الغربي والإقامة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لسنوات وهو من الأسرة الحاكمة لن يكون بعيدا عن محط أنظار السياسة الأمريكية البارعة في صناعة جيل من أجيال من الحكام تدين بالولاء لها، ورغم أن التغييرات الأخيرة التي قام بها سلمان تصب في مصلحة تثبيت عرش المملكة؛ والابتعاد عن الطموحات والتدبيرات الإماراتية بالاتفاق بين بن زايد وبعض رجال القصر السعودي؛ فقد قطع دابرهم تقريبا الملك سلمان، لكن تظل المواجهة مع بن زايد قائمة خارج القصر، فليس شرطا أن يتواجد الأعوان بداخل القصر، فهم ما زالون لهم رجالهم بداخل القصر، والأسرة الحاكمة لها سلطان على من دونهم، حتى أن عملية توزيع المناصب على الأسرة تسير في إطار توزيع المواريث، فيظل مثلا سعود الفيصل وزيرا للخارجية لأربعين عاما معتبرا الوزارة أنها حقه ومن أملاكه الخاصة ووجد راحته فيها فواصل الاستمرار حتى أعياه التعب!! ويظل تصعيد محمد بن نايف كولي للعهد بدلا من شقيق الملك مقرن الذي كان وليا للعهد هو اللغز الكبير والضربة الموجعة لمقرن، لكني لا أستطيع أن أخفي إحساسي الشخصي منذ اختيار سلمان لابن نايف كولي لولي العهد برعاية أمريكية مؤكدة أن أمريكا تتعجل وصوله لعرش السعودية، وربما إصرار الملك سلمان على وضع ابنه في منصب وزير الدفاع ليسيطر به على الجيش؛ ثم اختياره وليا للولي الذي هو بن نايف ستكون تلك الحلقة هي دائرة الصراع الحقيقية في المملكة التي أتمنى ألا تحدث، لكن الواقع يؤكد أن صراعا قادما في الأسرة الحاكمة يحاول القائمين على الحكم الآن مواراته بالدخول في آتون الحرب ضد اليمن، ومن ثم يستطيع الصيادون أن يتفرغوا في الخفاء لفرائسهم، بينما أمريكا تعطي جميع الحلفاء الوجه الحسن؛ وتدعي قبول الجميع في سياستها المعروفة؛ ولو أن سلمان نجح في تنحية بن نايف في المستقبل القريب لأي سبب ما سيكون بذلك قد خرج من القبضة الأمريكية، أما لو حدث العكس واستطاعت أمريكا أن تضع بن نايف على العرش فاعلم أنها قد وضعت العرش بصورة كاملة تحت قبضتها الحديدية!!