الشعب: محمد الكفراوي تزامنا مع بدء المؤتمر السادس للحزب الوطني الحاكم، واعتقاد البعض أن هذا المؤتمر سيحدد شخصية مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة؛ أصبح التفكير في مستقبل مصر السياسي هو الشغل الشاغل لكافة القوى السياسية، خصوصا مع تصاعد التكهنات حول المرشحين المتوقعين في انتخابات الرئاسة المقررة عام 2011. يرى من ينتمون للوطني أن الحديث عن تحديد مرشح للرئاسة في هذا المؤتمر أمر مستبعد، وفي غير أوانه. نظرا لأن هذه الانتخابات سوف تُجرى بعد عامين، وأن هناك مؤتمرا آخر للحزب ليحدد فيه شخصية مرشحه. وأن الهدف من مؤتمر الحزب هذا العام هو التنسيق للانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل، بالإضافة إلى تقديم كشف حساب لحكومة الحزب، ومناقشة إيجابياتها وسلبياتها خلال العام المنصرم؛ لكونها تمثل الحزب وتعبر عن أدائه. من ناحية أخرى ترى قوى المعارضة أن مؤتمر الوطني يعتبر خطوة تمهيدية تضاف للخطوات المشابهة التي اتُّخذت لتصعيد جمال مبارك؛ ليكون مرشح الانتخابات الرئاسية المقبلة عن الحزب الوطني. انطلاقا من أنه يتم الإعداد لهذا الأمر وتمهيد الطريق لتوريث الحكم، من خلال عملية انتقال سلمي للسلطة في حياة الرئيس مبارك. لهذا السبب انطلقت بعض الحركات الاحتجاجية وقوى المعارضة لتنظيم أنشطة وندوات ومؤتمرات، تجدد فيها رفضها لمبدأ التوريث. كان آخرها الحملة المصرية ضد التوريث التي شارك فيها أكثر من فصيل سياسي معارض، وتم إطلاقها تحت اسم "ما يُحكمش" في إشارة إلى جمال مبارك. إلا أن بعض المشاركين في الحملة اعترضوا على الاسم واعتبروه غير لائق. واستمرت الحملة في خطواتها لمواجهة التوريث، تحت اسم "الحملة المصرية ضد التوريث". والجدير بالذكر أن الحملة ترفض التوريث بكل أشكاله وتؤكد ذلك في وسائل الإعلام المختلفة دون أن تقدم بديلا منطقيا وموضوعيا واضحا، أو حتى تطرح أسماء يمكن ترشيحها في انتخابات الرئاسة المقبلة. بل يكتفي الداعي إليها أيمن نور بطرح تصورات عن برنامج يتضمن شروطا محددة وخطوات معينة لعدم حدوث التوريث. مع العلم أن هذه الحملة ليست الأولى في هذا الصدد، بل سبقتها حملات أخرى وتكتلات مشابهة، أشهرها حركة "كفاية" التي رفعت في بداية ظهورها شعار "لا للتمديد لا للتوريث". التكهنات حول مرشحي الرئاسة خرجت من أماكن وتحالفات أخرى غير تلك الحملة، وبعض تلك الترشيحات روجت لها وسائل الإعلام من صحف وقنوات تليفزيونية خاصة، أكثر من كونها ترشيحات من قوى المعارضة. ما جعل وكالة رويترز تعد تقريرا مفصلا حول تلك الترشيحات تحصرها في 5 أسماء في حال عدم خوض الرئيس مبارك الانتخابات المقبلة. وهذه الأسماء هي جمال مبارك وعمر سليمان وعمرو موسى ومحمد البرادعي وأيمن نور. وهي الأسماء التي تتداولها وسائل الإعلام المصرية مؤخرا باعتبارها الأقرب لهذا المنصب والأجدر به، نظرا لمواقعها أو نشاطها أو تحركاتها وحضورها في الشارع. وفي هذه الترشيحات تم استبعاد فصيل مهم يحظى بحضور في الشارع المصري، وإن كان يفتقد الوجود الشرعي، وهو جماعة "الإخوان المسلمون". فافتقادها للشرعية والإشارة الدائمة إليها من قبل النظام باعتبارها "جماعة محظورة"، يجعلها غير مؤهلة لتقديم مرشح لها في هذه الانتخابات. وهو ما تدركه الجماعة تماما وترفض الخوض فيه، لتعطي انطباعا بأنها لا تفكر في السلطة. في حين أنها تشارك في هذه المسالة بشكل أو بآخر، من خلال دعمها أو تضامنها ومشاركتها في التحالفات التي تنظمها قوى المعارضة بشكل شخصي، دون التأكيد على أن مشاركة الأشخاص المنتمين للجماعة في تلك التحالفات تمثل رأي الجماعة أو تعبر عنها. كان أبرز ما طُرح في ترشيح أسماء لخوض انتخابات الرئاسة، هو سعي البعض الى استيراد شخصيات ذات حضور عالمي، مثل أحمد زويل ومحمد البرادعي. ما اعتبره بعض السياسيين المعارضين أمرا مرفوضا، وناتجا عن سذاجة في تصورات من طرحوا هذين الاسْمين؛ نظرا لكونهما لا علاقة لهما بالسياسة المحلية أو بالشان الداخلي المصري. فكلاهما جيد في مجاله وفي مكانه، ولكنهما ليسا بالضرورة صالحيْن لخوض تلك الانتخابات، أو لتحقيق الإصلاح السياسي المنشود حال فوز أحدهما، وهو احتمال بعيد للغاية. كثرة التكهنات حول مرشح الرئاسة المصرية، تعكس قلقا داخليا سواء لدى النظام الحاكم، أو لدى قوى المعارضة، على مستقبل البلاد ومؤسسة الرئاسة فيها. وهو القلق الذي يتم تصديره الى الخارج بشكل أو بآخر للتحذير من سيناريو الفوضى المحتمل في حالة فراغ هذا المنصب أو عدم حسمه بشكل قاطع. وبرغم أن هذه المخاوف تستبق الأحداث، وتفترض سيناريو الانتقال الآمن للسلطة، إلا أنها في الوقت نفسه تشير إلى مدى الفزع الذي يسيطر على بعض عناصر المعارضة، ويحاولون تصديره الى الشارع بخصوص سيناريو الفوضى المحتمل.