يبدو أن الثورة لم تأتى إلى مصر بعد، ولم تقترب حتى من دوائر صنع القرار والقضاء والإعلام فالانقلاب يكمل المسيرة مع كثير من التعديات بالطبع فقد نشرت إحدى الصحف تقريراً حول مطالب النظام الفاسد المبرئ من الشامخ فى منذ شهور وقالت مطلوب 200 مليون جنه رد شرف واعتبار.. تعويض تشويه سمعة. وإنجازات سابقة ليس إعلانًا بالصحف الدعائية أو كذبة إبريل كما اعتقد البعض.. إنها مطالب رجال الرئيس المخلوع حسنى مبارك لاسترداد حقوقهم المزعومة لدى الشعب المصري بعد 30 عامًا من الخدمة التي أنهتها ثورة شعبية في الوقت الذي يتواصل فيه إصدار الأحكام القضائية بالسجن، والإعدام، وغرامات بالملايين، على الثوار والثورة، نجد ممن ثار عليهم الشعب لفسادهم، وقمعهم، ونهبهم لخيرات الوطن، يحصلون على براءة تلو الأخرى. بل وتبدلت الأدوار، وأصبح الفاسدون "أحرارًا"، والشرفاء "سجناء"، فعلى الرغم من أن نظام مبارك حصل على براءة كانت صعبة المنال فيما مضى، لم يكتفِ بذلك بل أراد "رد اعتبار" له ولرجاله عبارة عن تعويض مادي ومعنوي، وذلك بسبب الحالة النفسية السيئة والتشويه الذي تعرضوا له من قبل الإعلام والثورة، رافعين شعار "عادوا لينتقموا رافعين شعار العودة ولكن بثوب جديد، حيث عادوا يمارسون حياتهم بكل حرية، عادوا للعمل السياسي، وتصدروا الشاشات، والصحف والتصريحات، ينافسون وبقوة على مقاعد مجلس النواب، يشاركون في وضع الخطط السياسية والاقتصادية للبلاد، ولا زال عقاب الثوار والشباب على أحلامهم، بدخول السجون والمعتقلات؛ فالثورة قامت في الأساس رفضًا لانتهاكات وقمع الشرطة، وكبت الحريات ومن أجل الشعار الثلاثي عيش حرية عدالة اجتماعية. "جلاد مبارك".. حبيب العادلى "جلاد مبارك" هكذا وصفه المصريون، إنه حبيب العادلى، وزير داخلية مبارك، الذي حصل على البراءة في قضية الكسب غير المشروع، وإلغاء التحفظ على أمواله هو وأسرته. العادلى الذي ارتدى ثوبًا ناصعَ البياض، أمام منصة القضاء، ليقرأ آيات من القرآن، ويتهم ثورة يناير ب"المؤامرة"، ويتبرأ من دماء الثوار، ثم يحصل على البراءة، لم يسرق ولم ينهب، ولم يحصل على أمواله بطرق غير مشروعة، هذا هو نص القانون القضائي الذي بموجبه تمت تبرئته. العادلى حصل على الحكم الرابع والأخير بالبراءة في قضية الكسب غير المشروع، كما سبق أن حصل على البراءة في قضيتي قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير و"اللوحات المعدنية"، التي كان متهمًا فيها مع أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، بينما قضى عقوبة السجن 3 سنوات في القضية التي عُرفت إعلاميًا باسم "سُخرة الجنود" بعد رفض محكمة النقض الطعن المقدم منه على الحكم، وتأييد حكم محكمة جنايات القاهرة. فلم يكتفِ العادلى بحكم البراءة الذي كان حلمًا صعبَ المنال له ولنظام مبارك بأجمعه قرر معاقبة الشعب المصري الذي كان على خطأ عندما خرج على نظام مبارك في 25 يناير، هذا العقاب الذي وجب تغريمه "بدفع مقابل مادي، ورد شرف، لرجال مبارك، بتهمة "الثورة الكاذبة". بخروج العادلى من السجن، اكتمل عنقود نظام مبارك، ولم يتبق منهم أحد في السجون، الجميع طلقاء أحرار، وكأن ثورة لم تقم. "الرجل الحديدي" أحمد عز الرجل الحديدي في الحزب الوطني المنحل، شغل أحمد عز، منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني قبل أن يتم حله، وقد اتهم عز بعد ثورة يناير بعدة تهم منها أهدار المال العام والتربح والإضرار العمدى الجسيم بالمال العام والكسب غير المشروع ومكث في السجن عدة سنوات. لكن في شهر أغسطس الماضي، خرج أحمد عز من السجن بعد 43 شهرًا من إلقاء القبض عليه وحبسه على ذمة قضايا إهدار مال عام واحتكار انتهت بسداده 11 مليون جنيه من قيمة 100 مليون جنيه غرامة مالية. ومن جانبه، أعلن حازم رزقانة محامي عز، أنه سيتقدم بطلب لاسترداد مبلغ 45 مليون جنيه قيمة الفرق في غرامة احتكار الحديد، وذلك بعد تخفيض محكمة النقض غرامة احتكار الحديد من 100 مليون إلى 10 ملايين جنيه ضد موكله، والتي أصبحت حكمًا نهائيًا، وسيتقدم بطلب للمحكمة الاقتصادية مرفق معه صورة حكم محكمة النقض؛ لاسترداد فرق المبلغ، والبالغ 45 مليون جنيه. زكريا عزمي تقدم زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية في عهد المخلوع حسني مبارك بطلب للمكتب الفني بمجلس الدولة، لصرف تعويض له عن رصيد الإجازات التي لم يحصل عليها طوال فترة عمله بديوان رئاسة الجمهورية. وكشف مصدر - رفض ذكر اسمه - أن المحكمة أجرت اتصالات مكثفة بإدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل للاستفسار عما إذا كان "عزمى" متورطًا في قضايا كسب غير مشروع من عدمه، وما إذا كان على ذمة قضايا جنائية من عدمه، وذلك لتحديد جلسة لنظر القضية. وقد اختصم محمود الشربينى - محامى زكريا عزمى - في الدعوى رقم 44648 لسنة 69 قضائية رئيس الديوان الحالي اللواء عبدالمؤمن فودة. وذكرت الدعوى أن "عزمى" منذ تعيينه في رئاسة ديوان رئيس الجمهورية عام 2000 وحتى تقديم استقالته في إبريل 2011، وأنه عندما طالب بها لم تقم جهة الإدارة بصرف سوى 4 أشهر فقط، دون باقي رصيد إجازاته، مضيفًا أن جهة الإدارة خالفت القانون في عدم صرفها لرصيد الإجازات كاملًا ونقديًا. الرئيس المخلوع "مبارك" بعد حكم إخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسنى مبارك في قضية "المقتنيات" قام فريد الديب، محامي المخلوع، برفع دعوى قضائية للمطالبة بتعويضه عن مدة السجن التي قضاها في السجن دون اتهام حقيقي، كما قال المستشار محمود الرشيدي الذي أصدر حكمًا ببراءته، حيث طالب الديب بتعويض 100 مليون جنيه وسيعلن مبارك التبرع بها لأعمال الخير إذا كسب القضية، يجب تعويض مبارك نفسيًا على الأيام السيَّئة التي قضاها في السجن. ليس هذا فبعد بل طالب أيضًا أنصار مبارك برفع قضايا تعويض على الدولة ردًا على تشويه سمعه الرئيس الأسبق في الإعلام أمام الرأي العام بعد 25 يناير، خاصة بعد أن قام القضاء المصري بتبرئته في نهاية المطاف من كل التهم التي وجهت إليه. من جانبه، قال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن مبارك ما دام قد حصل على البراءة فله الحق في رفع دعوى قضائية للمطالبة بتعويض عن الفترة التي قضاها في الحبس الاحتياطي، حتى لو تم اتهامه في قضايا جديدة، ولذلك قام النائب العام بالطعن على الحكم، وتساءل سليمان: "لكن أي الجهات ستدفع هذا التعويض الذي يطالب به مبارك؟ مجيبًا: "سيدفع من جيوب الفقراء والضعفاء الذين همشهم مبارك وأكل أموالهم وسلب أقواتهم وأمرضهم، وكأنه عقاب لهم، لأنهم خرجوا عليه، فهذه الأموال ستدفع من ميزانية الدولة الموجودة في الخطة لعمل مشاريع بها. ويقول سرحان إن المتسبب في ذلك كله هم مَن قدموا مبارك للمحاكمة كمتهم لأنهم قدموا معه الأدلة التي تثبت براءته، وبالتالي فهم لم يحاكموه ولكنهم أخرجوه من ورطة. القوى الثورية من جانبه، أبدى خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 إبريل، تخوفه من عودة فلول مبارك لتصدر المشهد، مشيرًا إلى أن ذلك يهدد الحياة السياسية ويعيد للأذهان مصر قبل 25 يناير، قائلاً: "نخشى أن تأتى مرحلة البرلمان بعد مرحلة التعويضات" على حد قوله. وقال إسماعيل إن الحركة ستبدأ عمل وقفات للمواطنين في الشارع وتوزيع منشورات توعية بعودة الفول وخطورة التصدي للمشهد، مؤكدًا أن القوى الثورة وحركة 6 إبريل ستنظم فعاليات "سرية" غير معلنة، لتوعية المواطنين وحثهم على عدم إهدار دماء شهدائهم، لافتًا إلى أن ما يفعلوه في الوقت الحالي يعد عودة لما كانوا عليه 2007. وأكدت الناشطة السياسية شيماء حمدي، عضو المكتب السياسي لجبهة طريق الثورة، أنهم سيقاطعون الانتخابات القادمة ردًا على خروج نظام مبارك من السجون، قائلة: «رحم الله شهداءنا فعلاً اللى اختشوا ماتوا». وأوضحت أن القوى الثورية دائمًا كانت ترى أن الحل ليس في المقاطعة وتعلن دعمها لمن يستحق الدعم بظهير شعبي، ولكنها ترى أن الوضع اختلف تمامًا الآن. ووصفت البرلمان القادم بأنه "أعمى" يتناسى القوانين والدستور وخاصة البنود الخاصة بالمحاكمات العسكرية، مؤكدًا أن هذا البرلمان لن يفلت من أيدي النظام وأنهت كلمتها بأن هذا البرلمان سنصفه بكلمة واحدة فقط وهي "العيب".