تهدف روسيا في إنشاء مشاريع نووية مستقبلية في المنطقة العربية، انطلاقاً من حاجة الأخيرة إلى مصادر طاقة مستقرة ورخيصة، وفي ذات الوقت تكون واعدة في مجال استثمار الأموال العربية على المدى البعيد، على الرغم من تكاليف الإنشاء الأولية المرتفعة. وتشير تجارب شركة "روس آتوم" إلى أن الروس يسعون إلى عقود شراكة في البناء والاستثمار، وليس للعمل بصفة مقاولين. هذا القطاع الجديد، إلى جانب الحكومات؟ في الأسبوع الماضي، وقع الجانبان الأردني والروسي اتفاقية حكومية للتعاون في تجهيز أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، في المملكة الهاشمية، باستثمارات تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، علما بأن هذه الاتفاقية ترسي الأساس القانوني للتعاون مع روسيا في بناء أولى محطات الأردن النووية، والتي من المخطط أن يبدأ استثمار الوحدة الأولى فيها عام 2024، والثانية عام 2026، حسب العربي الجديد. وبعد التوقيع على الاتفاقية، نقلت وكالة "ريا نوفوستي"، عن المدير العام لشركة "روس آتوم" الحكومية، سيرغي كيريينكو، قوله: "أريد التأكيد أن "روس آتوم" وقطاع الطاقة النووية الروسي، يريان في دعوة الأردن لنا والوثوق بنا لتجهيز أول محطة نووية في الأردن، تعبيرا عن ثقة كبيرة" من الجانب الأردني. وفي حين أن هذا التعليق ينطوي على دبلوماسية، فإن روسيا، بالفعل، تعلق آمالا كبيرة على مزيد من مشاريع الطاقة النووية في المنطقة العربية، في إطار جهودها لتنويع اقتصادها وإخراجه من التبعية لتصدير المواد الخام، وبخاصة النفط. وكانت روسيا قد فازت بمسابقة لبناء محطة الأردن النووية التي يدور الحديث عنها، سنة 2013، ومن المتفق عليه أن تبنى في إطار المشروع وحدتان، تبلغ قدرة الواحدة منهما 1000 ميغاواط. ومن المنتظر أن يتم السنة القادمة (2016)، التوقيع على اتفاقية منفصلة لتشغيل المفاعل الأول الذي يفترض أن يبدأ عمله سنة 2022. ومن المتوقع أن يكون توزيع الحصص في هذا المشروع المشترك الأردني-الروسي، بواقع 51% للأردن مقابل 49% لروسيا. ويقول ديمتري بارانوف، كبير خبراء شركة "فينام مينجمينت": "مشروع الأردن يطرح أمام شركة روس آتوم مسألة تكنولوجية مهمة، فهذا البلد الشرق أوسطي لا يمتلك كميات كافية من الموارد المائية لحل مسألة تبريد المفاعلات، ويحتمل أن يتم اللجوء إلى أسلوب آخر. أي ستظهر إمكانية لتطوير تكنولوجيا جديدة للتبريد، الأمر المهم للحفاظ على ريادة روس آتوم التكنولوجية في السوق العالمية". وبالتالي يفتح الاستثمار الروسي في الطاقة النووية بالمنطقة العربية، آفاقا علمية جديدة أمام الشركة الروسية التي لا تزال تتحكم بعديد من مفاعلات أوروبا، من خلال نوعية الوقود النووي الخاصة بها، فلا تتمكن الأخيرة من الاستغناء عنها، بصرف النظر عن الأهواء السياسية.