قالت صحيفة "نيويورك تايمز" فى افتتاحية عدد اليوم أن في الوقت الذي تعامل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بشكل عنيف حيال التوصل لاتفاق سلام تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين لأسباب سياسية بحتة فإن فكرة الدولتين تظل هي البديل الأفضل للمواجهة العنيفة بين الجانبين. وإلى نص الافتتاحية: من الصعب القول بأن نتنياهو يفكر فعليًا في إقامة دولة فلسطينية، ففي البداية أعلن عن تخليه في اللحظة الأخيرة عن تلك الفكرة أثناء محاولته لاجتذاب أصوات جديدة خلال الانتخابات التي رافقتها مناشدة سلبية لقاعدته لمواجهة أصوات العرب يوم الانتخابات. ثم حاول التراجع عن تصريحاته السابق على الأقل ظاهريا، في حديثه لشبكة "إم إس إن بي سي" الأمريكية حيث قال "أريد حل دولتين سلمي ودائم لكن من أجل ذلك ينبغي أن تتغير الظروف"، لكن أول أمس الاثنين، اعتذر عن تصريحاته لتعليقاته عن المصوتين العرب. الإشكال يتمثل في أنه عندما أيد نتنياهو حل إقامة دولة فلسطينية في عام 2009، كان يتغنى فقط بالفكرة أثناء فشل جهود الوساطة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأوضحت سياسته في توسيع المستوطنات وتقويض السلطة الفلسطينية أنه لم ينو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وحتى يتجنب مستقبلا مبنيا على أساس دائم من الإخضاع العسكري الإسرائيلي الدائم للفلسطينيين، فالسؤال الآن هو ماذا ينبغي أن يفعل الفلسطينيون والأمريكيون وبقية دول العالم في الفترة القادمة للإبقاء على أمل السلام حيا، ولأن المفاوضات تبدو مستحيلة، فأخبر أوباما نتنياهو أن واشنطن قد تعيد تقييم خياراتها تجاه إسرائيل. يقول مسؤولون في إدارة أوباما إنَّ ذلك من الممكن أن يشير لدعم الولاياتالمتحدة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمطالبة بدولة فلسطينية ذات سيادة على حدود ما قبل عام 1967، التي تقسم إسرائيل عن الضفة الغربيةوغزة، وعلى الأقل ينبغي ألا تصوت الإدارة الأمريكية باستخدام "الفيتو" على مشروع قرار من المتوقع أن يكون مقترحوه هم فرنسا وأعضاء مجلس الأمن الدائمين. ويفترض أن يتم وضع خطة بالمسائل الرئيسية التي سيتم تقريرها في أي اتفاق سلام وبينها وضع الحدود، وكيفية التعامل مع اللاجئين و ضمان أمن إسرائيل، ومستقبل القدس وكيفية تضييق الخلافات، ولن يكون الغرض من تلك الخطة فرض تسوية ولكن لتشجيع المفاوضات في الوقت المناسب. في السنوات الأخيرة، ركزت مقترحات السلام، التي تقدمت بها الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول، على تبادل الأراضي الأمر الذي من شأنه السماح لإسرائيل الاحتفاظ ببعض المستوطنات في حين تعوض الفلسطينيين عن الأرض كما ونوعا، وفي الدولة الفلسطينية تُستخدم قوات الأمن فقط للحفاظ على الأمن الداخلي وسيادة القانون. وتمتنع الدولتان عن التحالفات التي تدفعهما للانخراط في صراع، وأن يُمنح اللاجئون الفلسطينيون حق العودة لفلسطين، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لعدد محدود للتوحد مع عائلات في إسرائيل، وأن تكون القدس مدينة مفتوحة يتشارك فيها الجميع. لقد كانت الولاياتالمتحدة منذ فترة طويلة المدافع الرئيسي عن إسرائيل في الأممالمتحدة، وصدت الهجمات السياسية والاعتراض على القرارات التي تنتقد أو تعاقب إسرائيل، في حين كانت الأممالمتحدة في كثير من الأحيان غير عادلة تجاه إسرائيل. إن إصدار بيان واضح من مجلس الأمن يؤيد حل الدولتين سيكون مؤشرا هاما، وإذا أظهرت الولاياتالمتحدة والقوى العظمى الأخرى التزاما تجاه هذا التوجه، فربما تكون تلك الدول قادرة على إبعاد الفلسطينيين عن التقدم بشكوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية. الفلسطينيون، الذين سينضمون للمحكمة في الأول من إبريل المقبل، طالبوا طويلا بإجراء تحقيق مع إسرائيل في ارتكابها "جرائم حرب" خلال قصفها المستمر لقطاع غزة، فيما تعارض إسرائيل بشدة أي إجراء من قبل المحكمة، الأمر الذي من شأنه تسميم العلاقات بشكل أكبر ويبعِد الكثير من الأمريكيين عن إسرائيل. الفلسطينيون فعليا في وضع مالي هش، ووفقًا لقانون الولاياتالمتحدة، قد يخسرون 400 مليون دولار مساعدات إذا ضغطوا من أجل رفع قضية على إسرائيل، وغياب المفاوضات معها، سيجعل الأمر منطقيا بالنسبة لهم للتحرك خطوة بخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية عن طريق السعي وراء الاعتراف بها من الدول ووكالات الأممالمتحدة.