من المحتمل أن يشغل يتسحاق (بوجي) هرتسوغ منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية؛ منذ فترة قصيرة، كان احتمال تركيب العبارة "رئيس الحكومة الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ" يبدو غير معقول بوضوح. لم يُنظر لهرتسوغ الذي يترأس حزب العمل الإسرائيلي منذ أكثر من عام حتى وقت قريب باعتباره مرشّحا ذا فرصة حقيقية لوراثة كرسي بنيامين نتنياهو. ولكن مؤخرا، بدأ شيء ما يتغيّر. رُوَيدًا رُوَيدًا يأخذ هرتسوغ مكانة التحدّي الحقيقي لبنيامين نتنياهو. رغم أن إسرائيل هي دولة ديمقراطية وليست ملكية، فهناك من يصف هرتسوغ بأنه "الأمير"؛ فهو نجل رئيس الدولة الأسبق حاييم هرتسوغ، وحفيد الحاخام الرئيسي لإسرائيل سابقا والذي سُمّي على اسمه. ولكن، فهو يُدعى أمام الجميع "بوجي"، وهو كنية أطلقتها عليه أمّه عندما كان طفلا، والتصقت به. كان والده، حاييم هرتسوغ، من كبار النخبة الإسرائيلية في العقود الأولى لقيامها، وتولى منصب قائد سلاح المخابرات وكان سفير إسرائيل في الأممالمتحدة في السبعينات ورئيس الدولة في الثمانينيات. تحدث أصدقاء هرتسوغ عن منصبه العسكري: "لقد كان هرتسوغ بالنسبة لي نموذجا للاقتداء. لقد عرف كيف يتّخذ القرارات الصحيحة وقام بذلك بشكل ممتاز" وقد تولّى يتسحاق نفسه أيضًا مناصب مختلفة في سلاح المخابرات، ووصل إلى درجة رائد في الوحدة السرّية 8200. في البث الدعائي الذي أطلقه حزب العمل مؤخرا، تحدث أصدقاء هرتسوغ عن منصبه العسكري: "لا يمكن الكشف عن الأمور التي قام بها بوجي... لقد كان بالنسبة لي نموذجا للاقتداء. لقد عرف كيف يتّخذ القرارات الصحيحة وقام بذلك بشكل ممتاز". يتسحاق هرتسوغ في أيام خدمته العسكرية ومن هناك استمرّ هرتسوغ إلى وظيفة مثيرة للإعجاب كمحام، والتي ساعدته في عمله السياسي لاحقا. كان هرتسوغ شريكا في مكتب المحاماة الأكبر والأرقى في إسرائيل، "هرتسوغ فوكس نئمان" (HFN). وفقا لتقديرات مجلة "فوربس" لعام 2013، فإنّ هرتسوغ هو من بين أغنى عشرة سياسيين إسرائيليين، وتقدّر ثروته بنحو 10 ملايين شاقل. وفقا لتقديرات مجلة "فوربس" لعام 2013، فإنّ هرتسوغ هو من بين أغنى عشرة سياسيين إسرائيليين، وتقدّر ثروته بنحو 10 ملايين شاقل دخل عام 1999 إلى السياسة كأحد المستشارين الشباب والواعدين لرئيس الحكومة حينذاك، إيهود باراك. بعد أن انتُخب باراك لرئاسة الحكومة، تم التحقيق مع هرتسوغ في الشرطة للاشتباه بأنّه قام بإساءة استخدام أموال الحملة الانتخابية لباراك، واحتفظ في التحقيق معه ب "الحقّ في التزام الصمت". تمّت تبرئته وأُغلقتْ القضية المرفوعة ضدّه، ولكن حقيقة أنّه اختار الصمت في التحقيق معه تُظهره حتى اليوم بشكل غير إيجابي. منذ أن دخوله للسياسة، استطاع أن يتولى مناصب وزارية عديدة في حكومات كلّ من: أريئيل شارون، إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو. ومن بين مناصب أخرى، تولّى هرتسوغ منصب وزير الرفاه، وزير الإسكان، ووزير السياحة. اعتُبر هرتسوغ في كلّ مكان "رجل الشعب"، فهو شخصّ حارّ ومحبّ يُنشئ الصداقات والعلاقات مع كلّ من يتواصل معه. ولكن في المقابل، فالمشكلة الرئيسية لهرتسوغ هي غياب الكاريزما: فصوته كصوت مراهق، وجهه أملس كوجه طفل، وتبثّ نظرة عينيه نوعًا من البراءة. لم يكن هرتسوغ أبدا خطيبا عظيما ومقنعا كنتنياهو، لم يخدم في رتبة كبيرة جدّا في الجيش ولم يحتفظ بإنجازات مثيرة للإعجاب في فترة توليه السياسية. هرتسوغ شخصّ حارّ ومحبّ يُنشئ الصداقات مع كلّ من يتواصل معه. ولكن في المقابل، فالمشكلة الرئيسية لهرتسوغ هي غياب الكاريزما عندما ترشّح هرتسوغ للمرة الأولى لرئاسة حزب العمل عام 2011، خسر أمام عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش وأنهى في المركز الثالث فقط. ولكن بعد مرور عامين، بعد أن فشلت يحيموفيتش في قيادة حزب العمل إلى إنجازات ملحوظة في الانتخابات العامة، هزمَها هرتسوغ في الانتخابات الداخلية وأصبح زعيم المعارضة الإسرائيلية. يمكننا الافتراض بأنّ نتنياهو ومؤيّديه لم يخافوا كثيرا من كون هرتسوغ قدّ عُيّن في منصب زعيم المعارضة. لم يُنظر للسياسي المهذّب واللطيف كتهديد على حكم رئيس الحكومة المستقرّ. ولكن منذ تلك اللحظة، بدأت حملة هرتسوغ طويلة الأمد لإسقاط حكم بنيامين نتنياهو، وبدأ الاتجاه بالتغيّر. ما ظهر في البداية كرحلة ميؤوس منها تماما أصبح تدريجيّا واقعا سياسيًّا حقيقيّا، عندما صنع هرتسوغ تحالفا مع شركائه العرب والحاريديين في الكنيست، وقادهم على طول الطريق ضدّ التشريعات المتطرّفة لحكومة نتنياهو. انتقد هرتسوغ في خطاباته الهجومية بشدّة طريق نتنياهو، وخصوصا في كلّ ما يتعلّق بالسياسة الاقتصادية. في أحد الخطابات قال هرتسوغ: "أتوجّه إليك، بنيامين نتنياهو، أنت منفصل عن الواقع. وعندما ينفصل الرأس عن الواقع تنهار الحكومة، وميزانيّاتك تضرب جيوب مواطني إسرائيل. إنّ قدرة الشباب على الحصول على شقّة غير موجودة بعد، وأصبح التقاعد لدينا منذ فترة نكتة حزينة". أما الخطوة التي دفعت بهرتسوغ إلى الأمام فقد كانت الانضمام إلى وزيرة العدل سابقا، تسيبي ليفني، التي منحتْ قائمتهما المشتركة، والتي سُمّيتْ "المعسكر الصهيوني"، تفوّقا على حزب الليكود بقيادة نتنياهو. تلقّى هرتسوغ المديح على الاتحاد مع ليفني، ولكنه تعرّض لانتقادات كونه وعدها بالتناوب على رئاسة الحكومة؛ أي أن يستقيل بعد عامين وأن ينقل المنصب لليفني. قال نقّاد خطوة الاتحاد مع ليفني إنّها تدلّ على عدم ملاءمة هرتسوغ للمنصب. وقال خصوم هرتسوغ إنّه مثلما تنازل لليفني ومنحها إنجازات سياسية، فهكذا سيخضع ويضعف أمام الفلسطينيين. في حين أشاد أنصاره به لكونه تنازل عن تقديره الذاتي من أجل الصالح العام. مقارنة ببنيامين نتنياهو، لا يزال هرتسوغ لا يُعتبر في أوساط الشعب الإسرائيلي الشخص الأكثر ملاءمة لتولّي منصب رئيس الحكومة ومقارنة ببنيامين نتنياهو، لا يزال هرتسوغ لا يُعتبر في أوساط الشعب الإسرائيلي الشخص الأكثر ملاءمة لتولّي منصب رئيس الحكومة. تُظهر الاستطلاعات بشكل مستمر أنّ معظم الإسرائيليين يعتقدون أنّ نتنياهو ملائم أكثر من هرتسوغ للمنصب، ولكن الحقيقة أنّ الانتخابات في إسرائيل هي برلمانية، وتمنح لهرتسوغ إمكانية أنّ يُقيم حكومة إذا شكّلت قائمته ما يكفي من المقاعد بعد الانتخابات. وفي المقابل، فلا يزال هرتسوغ يُعتبر في المجال الاقتصادي والاجتماعي أفضل من نتنياهو. تعتقد غالبية الإسرائيليين، الذين يجدون صعوبة في تحمّل أعباء الضرائب وغلاء المعيشة، أنّ هرتسوغ سيُعالج الموضوعات الاقتصادية أفضل من نتنياهو، والتي قفزت في عهده أسعار العقارات في إسرائيل بعشرات الدرجات المئوية، تاركة الكثير من الإسرائيليين دون إمكانية شراء شقّة. حتى انتخابات الكنيست في 17 آذار، سيظلّ هرتسوغ بمثابة لغز. ربما يتمّ حلّ اللغز في الصباح الذي ستُصبح فيه نتائج الانتخابات واضحة.