هذا دليل آخر وجديد يدل على حب الصهاينة لمن ينفذ أجندهم في مصر حيث تمنى "كوبي ميخال" المحلل الإسرائيلي للشئون العربية لو كان ذبابة في مكتب عبد الفتاح السيسي وعدد من الزعماء العرب كي يعرف انطباعاتهم عن الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الأربعاء، أمام الكونجرس الأمريكي، وانتقد فيه السياسة الأمريكية حيال إيران والمفاوضات للتوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي. واعتبر في مقال بصحيفة" إسرائيل اليوم" أن" الكلمات الصارمة" لنتنياهو حول سعي إسرائيل لمنع "إيران نووية" يمكن أن يُشعر المصرثيوالسعودي والأردني الذين يتخوفون من المشروع النووي الإيراني بالأمان، كون تل أبيب تخوض الصراع بقوة بالنيابة عنهم جميعا. مؤكدا أنه حان الوقت لتشكيل تحالف إسرائيلي عربي يجبر الفلسطينيين على العودة للمفاوضات، انطلاقا من مخطط كيري للسلام.
إلى نص المقال
هذا هو الوقت لترجمة المصالح الاستراتيجية المشتركة لإسرائيل ودول العالم العربي البراجماتي إلى تحالف، يفرض على الفلسطينيين العودة لمسار المفاوضات، على أساس مخطط كيري، مثل هذا الدمج سوف يسمح لرئيس الحكومة إثبات أن إصراره وقدرته على الوقوف بمفرده لا ينطبق فقط على الحدث الإيراني، بل على كل التحديات والعوائق. وإذا لم يقدر الفلسطينيون على التحدي، وأعتقد أنهم لن يقدروا، فسوف يعرف العالم كله من الذي يقع عليه اللوم. ليت باستطاعتي أن أكون ذبابة في مكتب أبو مازن والرئيس السيسي والملك السعودي وحتى بشار الأسد، كي أرى تعبيرات وجوههم، وأستمع لما يقولون، وأنصت لأنينهم حيال خطاب نتنياهو، سواء بسبب اليأس أو الإعجاب. يمكن الافتراض أن كل هؤلاء معا يفهمون ويستوعبون أن عظم الموقف ونوعية المشهد لا يمكن أن يعيده أو يكرره أي منهم. أعتقد أنه بخلاف رأيهم في الخطاب أمس، فإن الأهم هو إدراكهم أن إسرائيل مستعدة لخوض نضالها، حتى إن كان الثمن أزمة في العلاقات مع الرئيس الأمريكي، وعرض حججها بشكل يتجاوز الرئيس، ويعكس انتقادا لسياساته. الكلمات الصارمة لرئيس الحكومة نتنياهو فيما يتعلق بنية إسرائيل لمنع إيران نووية، حتى إذا ما ظلت وحدها في المعركة، إلى جانب تشديده على الدروس التاريخية التي تعلمها الشعب اليهودي، يمكن أن تغرس نوعا من الأمان في قلب زعماء مصر، والأردن والسعودية، الذين يتخوفون، بشكل لا يقل عن إسرائيل، من إيران نووية. هؤلاء يأسوا بالفعل من سياسة الرئيس الأمريكي بشأن إيران، ويشعرون أنهم تعرضوا للخيانة من تصرفاته حيال تحديات الساعة في المنطقة. في هذا التوقيت، وربما أيضا بفضل الخطاب، يترسخ شعورهم بشأن قوة مصالحهم الاستراتيجية المشتركة مع إسرائيل، وربما يتمنون في أعماق قلوبهم أن تنجح مهمة نتنياهو وأن يدق الخطاب المسمار الأخير في نعش الاتفاق الذي لم يوقع. على الجانب الآخر، يقف الزعيم الفلسطيني أبو مازن، ربما خائفا من الإصرار الذي يعكسه رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الرئيس الأمريكي. ويدرك انعدام فرض ممارسة ضغط أمريكي على إسرائيل لتحقيق تسوية مع الفلسطينيين على أساس مزيد من التنازلات، والمرونة والابتكار وما إلى ذلك. هذا الفهم يمكن أن يدفعه، وبقوة، للتعجيل بالخطوات الأحادية واستغلال مؤسسات المجتمع الدولي من أجل تقويض شرعية إسرائيل والدفع بها جانبا، الأمر الذي يتحول إلى حرب دبلوماسية صعبة. أثار خطاب رئيس الحكومة انتقادات وغضب لدى دوائر معينة في إسرائيل والولايات المتحدة. بعض الادعاءات التي رُددت ضد الشكل الذي نُظم به الخطاب بالتأكيد لها أساس. لكن ما حدث حدث، والآن بإمكان نتنياهو الاستفادة من النتيجة، والانطباع والوعي من أجل الانطلاق إلى أماكن بعيدة أشار إليها في الماضي. هذا هو الوقت لترجمة المصالح الاستراتيجية المشتركة لإسرائيل ودول العالم العربي البراجماتي إلى تحالف، يفرض على الفلسطينيين العودة لمسار المفاوضات، على أساس مخطط كيري. مثل هذا الدمج سوف يسمح لرئيس الحكومة إثبات أن إصراره وقدرته على الوقوف بمفرده لا ينطبق فقط على الحدث الإيراني، بل على كل التحديات والعوائق. وإذا لم يقدر الفلسطينيون على التحدي، وأعتقد أنهم لن يقدروا، فسوف يعرف العالم كله من الذي يقع عليه اللوم.
الكاتب: محاضر بارز في قسم دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية بجامعة آرئيل وباحث معروف في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.