الشهداء أكرم منا جميعا.. لهم الجنة ولقاتليهم المذلة والعار.. يسطرون بدمائهم رصيدًا من الحريات لشعب ينتهك حقوقه وتدمر قيمه على أيدي سلطات الانقلاب. ومع كل عصر تكثر قوائم الشهداء والمدافعين عن قيم الشعوب وتظهر معهم خنساء جديدة تسعد وتفرح باستشهاد ذويها. وظهرت "خنساء مصر" في مدينة بني سوف لتجبر المئات من الشباب والرجال على البكاء خلال مراسم تشييع ابنها الذي استشهد برصاص بلطجية السفاح عبد الفتاح السيسي وقوات الانقلاب في مصر، بينما ظلت هي صابرة صامدة لم تذرف دمعة واحدة على ابنها الذي كان يوارى الثرى. وتداول الناشطون على الإنترنت تسجيلا للسيدة، وهي والدة الشهيد محمود سيد، خلال مراسم دفنه في بني سويف؛ حيث كانت تنظر إليه وهو يوارى الثرى إلى جانب أبيه الذي سبقه شهيدًا أيضًا برصاص الانقلاب الدموي السيسي؛ حيث كانت الأم تطلب من الحضور أن لا يبكوا ولا يذرفوا دمعا، بينما انهار عشرات الشباب من حولها يجهشون بالبكاء من هول المشهد الماثل أمامهم. ووري جثمان الشهيد محمود سيد الثرى إلى جانب والده في مدينة بني سويف، بينما كانت الأم تنظر الى ابنها وتقول: "يا فرحة أبوك النهاردة.. يا فرحة أبوك النهاردة"، ثم كشفت الأم أمام الملأ في المقبرة أن ابنها الشهيد محمود كان دائمًا يردد ويكتب على "فيسبوك" إن يوم استشهاده سيكون أجمل يوم في حياته. وودعت الأم ابنها الشهيد مخاطبة إياه بأن الحور العين ينتظرنه في الجنة. وتعيد هذه الأم التي لقبها النشطاء بأنها "خنساء مصر” تعيد إلى الأذهان خنساء فلسطين الشهيرة "مريم فرحات – أم نضال"، التي ودعت أبناءها الأربعة الذين استشهدوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وما ذرفت دمعة واحدة عليهم ليقينها بأنهم أودعوا عند ملك الملوك، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. يشار إلى أن الشهيد محمود سيد كان طالبا في كلية العلوم بجامعة بني سويف ويحظى بحب كبير بين زملائه، وكان آخر بوست كتبه الشهيد قبل أن يرتقي إلى السماء برصاص ميليشيا السيسي: "ولنا أحبة فارقناهم ما بين شهداء ومعتقلين ومطاردين.. رسموا لنا طريقنا الذي نسير فيه.. فورب الكعبة لن نحيد عنه حتى نأتي بحقوق من رحل بلا عودة ونفرّح قلب من رحل وله عودة بعودته وانتصارنا". وشهدت مدينة بني سويف جنازة مهيبة ورهيبة للشهيد محمود سيد؛ حيث شارك المئات من طلبة الجامعة وزملائه فيها، إضافة إلى الآلاف من أبناء المحافظة والجيران، وسط دعوات للانتقام لدمائه.