اتهمت مؤسسة حقوقية بعض الشركات متعددة الجنسيات في مصر بانتهاكات حقوق العمال بعد صدور قانون المناطق الصناعية الذي أعفى المؤسسات الصناعية من الامتثال للأحكام القانونية المتعلقة بتنظيم العمل، مما أدى إلى حرمان العمال من حقوقهم في العمل اللائق والآمن. وقال مركز "الأرض" لحقوق الإنسان، في تقرير جديد له، إن الشركات بالمناطق الصناعية لا تعبأ كثيراً بحقوق العمال، ويجبرونهم على العمل دون عقود، وتوقيع استقالات مسبقة، مما يعطي صاحب العمل الحق في طردهم وقتما يشاء ودون أية مستحقات أو تعويض. وأكد التقرير أن ساعات العمل الطويلة والأجور المتدنية وبيئة العمل غير الصحية وتدهور أوضاع الرعاية الصحية والاجتماعية أصبحت سمات لعلاقات العمل في المناطق الصناعية التي يصعب على العاملين بها، ممارسة أية أنشطة نقابية أو المطالبة بحقوقهم نتيجة الممارسات غير القانونية. واتهم الهيئات الحكومية بالتواطؤ مع إدارة الشركات وأصحاب الأعمال، فبدلاً من أن تحافظ هذه الهيئات على حقوق العمال، تعمل على دعم وحماية مصالح أصحاب الأعمال والشركات. وأشار التقرير إلى حالات عمالية بشركتي "ليونى وأيرنج سيستمز" إحدى شركات المنطقة الحرة والتي يوجد مركزها الرئيسي بألمانيا، مشيرًا إلى أن الشركة تستغني عنهم عندما يصابون بإصابات في الظهر وبالانزلاق الغضروفي والتهابات الفقرات بالعمود الفقري . وأوضح أن معظم العاملين يصابون بالأمراض العصبية نتيجة طبيعة العمل الشاق، فيما ترفض إدارة الشركة تشغيل العمال أكثر من خمس سنوات لأنهم يكونوا قد أصبحوا غبر لائقين طبياً. ونقل التقرير عن العمال، قولهم: الشركة تستغل وجود الأزمة الاقتصادية وتضاعف عملنا بالرغم من تخفيض الأجور، كما تستقطع الأرباح والحوافز التي كنا نحصل عليها "وما يطبق بشركتنا يطبق بمعظم الشركات المحيطة بنا بالمنطقة الحرة". وتساءل التقرير: أية قوانين عمل في الدنيا لا تعطى للعامل حق تعويضه بعد أن تسبب العمل في تدهور صحته وأصبح وهو في عز شبابه قعيد الفراش لا يستطيع الحركة؟، أي جبروت وقوة لهذه الشركات العالمية والمسماة بالمتعددة الجنسيات تعطيهم الحق في انتهاك حقوق العمال بالرغم من أنهم يكسبون ملايين الدولارات بسبب جهود وعرق العمال ويدعون كذباً بأنهم يلتزموا بمعايير العمل الدولية التي تكفل للعامل فرص عمل لائقة وآمنة؟. وعبر المركز عن أسفه من موقف الحكومة المصرية السلبي تجاه انتهاكات حقوق العمال بالمناطق الحرة والتي أكدها التقرير السنوي للاتحاد الدولي للنقابات الصادر عام 2009 الذي شدد على حرمان العمال من حقهم في التعدد النقابي والدفاع عن أنفسهم وحقوقهم في الانضمام وتأسيس نقابات مستقلة بسبب قيود القانون وممارسات الحكومة المتعسفة. ولفت التقرير إلى تدهور حقوق العمال المصريين في المناطق الصناعية، حيث لا نقابات عمالية ولا ضمانات ولا رعاية من أي نوع الأمر الذي يفرض على الحكومة المصرية ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لوقف هذا التدهور وإطلاق حرية التنظيم النقابي وكفالة حق الضمان الاجتماعي والأجر العادل والرعاية الصحية، ووقف استغلال أصحاب الأعمال والشركات للازمة الاقتصادية وتحميل تبعاتها على العمال. وكشف عن تقديمه شكاوى عمال شركة ليونى وغيرها من الشركات بالمناطق الاقتصادية الحرة إلى وزيرة القوى العاملة، والاتحاد العام للعمال، والمنظمات الدولية العمالية لوقف تدهور أوضاعهم بتلك المناطق وحماية حقوقهم في الأجر العادل والحرية النقابية والرعاية الصحية والاجتماعية . وطالب أعضاء مجلسيّ الشعب والشورى ومنظمات المجتمع المدني ووزير الصناعة والتجارة والخارجية بضرورة التحرك لإصدار قرارتهم لتعديل قوانين العمل بالمناطق الحرة لإجبار الشركات المتعددة الجنسيات ورجال الأعمال على تطبيق معايير العمل الدولية والالتزام بتطبيق اتفاقيات منظمة العمل الدولية حرصاً على حقوق العمال في فرص عمل لائقة وكريمة وآمنة وتأسيس النقابات والروابط باستقلالية وكفالة الرعاية الصحية والتأمين والضمان الاجتماعي لكفالة العمل اللائق للعمال المصريين وتغيير مجتمعنا ومستقبل بلادنا للأفضل.