تواجه الشركات العاملة فى مصر ضغوطا اقتصادية بسبب آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصرى مما يدفع المسئولين عن هذه الشركات لتقليل التكاليف بما فى ذلك ميزانيات الأجور. يتولى مركز الأرض لحقوق الإنسان حاليا قضية يشكو فيها اثنان من العاملين بشركة دولية للصناعات الهندسية تعمل فى إحدى المناطق الحرة وقامت بفصلهما يونيو الماضى دون مبرر كما جاء فى مضمون الدعوى، وقال العاملان بحسب ماهو مذكور على موقع مركز الأرض إن الشركة كانت تستثمر الأزمة الاقتصادية وتضاعف عملهما بالرغم من تخفيض الأجور. «الشركات استفادت من أشكال الدعم المختلفة المقدمة من الدولة لتخفيف الازمة أما العمال فتحملوا وحدهم نتائج الأزمة» كما قال كرم صابر ،مدير مركز الأرض الحقوقى. وكان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أعلن عن دخول 88 ألف وافد جديد إلى صفوف المتعطلين خلال الربع الأخير من العام الماضى، ليصبح إجمالى العاطلين 2.209 مليون، وأرجع الجهاز هذه الزيادة إلى الأزمة المالية العالمية، وارتفعت نسبة البطالة إلى 9.4 % من إجمالى قوة العمل فى الربع الثانى المنتهى فى 30 يونيو 2009. ويعتبر صابر أن انتهاكات حقوق العمل مستمرة قبل وبعد الأزمة. كما أن بعض التشريعات بحسب رأيه تساعد على انتشار هذه الانتهاكات «قانون المناطق الصناعية أعفى المؤسسات الصناعية العاملة فيه من الامتثال للأحكام القانونية المتعلقة بتنظيم العمل مما حرم العمال فى هذه المناطق من حقوقهم»، كما أضاف صابر. ويشير بركات إلى أن بعض أصحاب العمل يجبرون العمال على التوقيع على إيصالات بمبالغ كبيرة يستغلونها لفرض شروط العمل التى يرغبون بها وأنه حضر جلسة تفاوضيه بين العمال وإحدى الشركات تم فيها طرح هذا الاقتراح على العمال لتسوية المفاوضات بينهما، وتحفظ بركات على ذكر اسم الشركة. وقد وصلت نسبة تسريح العمالة من القطاعات المختلفة إلى ما بين 10 % إلى 20 % من جراء الأزمة العالمية، طبقا لما أعلنته نجلاء الأهوانى نائب المركز المصرى للدراسات الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة. نقابات غائبة غياب الوجود النقابى عن الكثير من جهات العمل يسهم أيضا فى انتشار انتهاكات العمال فالانتهاكات العمالية بحسب صابر تنتشر بشكل كبير فى المدن الصناعية الجديدة حيث التواجد المحدود للنقابات العمالية. «التنظيم النقابى فى مصر يتجه للانكماش منذ عام 1991»، تبعا لما قاله بركات، مشيرا إلى أن تراجع دور النقابات بدأ مع التحرر الاقتصادى مما أدى إلى الغياب الكبير للوجود النقابى فى القطاع الخاص على عكس القطاع العام «12% من التنظيمات النقابية موجودة فى القطاع الخاص والنسبة الباقية فى القطاع العام، بحسب بعض التقديرات»، كما أضاف بركات. ويرى بركات أنه حتى فى ظل وجود تمثيل نقابى فهو يقف فى بعض الأحيان ضد مصالح العمال «لأنه لا يمثلهم»، كما قال بركات. ويرى بعض الحقوقيين أن التعددية النقابية بمعنى حرية العمال فى تأسيس نقابات غير تلك الموجودة فى اتحاد النقابات العمالية هى الحل لنشر التمثيل النقابى، الأمر الذى يجعل عملية تأسيس النقابات محررة من جميع القيود. ويؤيد سامر سليمان، أستاذ الاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية، هذه الفكرة مشيرا إلى أن هذه التجربة مطبقة فى العديد من الدول كفرنسا، حيث يؤسس العمال النقابة ثم يبلغون السلطات بتأسيسها وهو الأمر الذى يكسر الوضع الاحتكارى لاتحاد النقابات العمالية. «وجود العديد من القيود المفروضة على العمل السياسى فى مصر أسهم فى تسييس انتخابات بعض النقابات خاصة النقابات المهنية الأمر الذى أدى لزيادة التوتر فى هذه النقابات وعدم قدرتها على القيام بالدور المنوط لها»، قال سليمان. وأشار سليمان إلى أنه فى ظل تراجع دور النقابات العمالية فى مصر فإن الحل الوحيد أمام العمال للدفاع عن مصالحهم هو انتشار الوعى بينهم «يستطيع صاحب العمل أن يفصل العامل تعسفيا إذا اعترض الأخير على حرمانه من حقوقه ولكن إذا تمسك كل العمال بحقوقهم فلا يستطيع صاحب العمل أن يفصلهم كلهم»، كما أضاف سليمان. لماذا لا نتفاوض؟ «فى وقت الأزمات يكون التفاوض بين العمال وأصحاب العمل فى مصلحة الطرفين»، تبعا لما قاله سمير رضوان، مستشار منظمة العمل الدولية السابق، مشيرا إلى أن الظروف الضاغطة للأزمة الاقتصادية قد يلجأ أصحاب العمل لتسريح العمالة وفى المقابل يتجه العمال للإضراب عن العمل إلا أن التفاوض قد يؤدى إلى حلول توافقية كتخفيض ساعات العمل وتخفيض الأجور بالتبعية. ويعتبر احترام حقوق العمل أحد العناصر الرئيسية فى المسئولية الاجتماعية للشركات والتى تسمى «بالمسئولية الداخلية»، «إذا قامت إحدى الشركات بالإعلان عن أعمال طوعية لصالح المجتمع وانتهكت حقوق العمالة لديها فإن المسئولية الاجتماعية تصبح مجرد حملة علاقات عامة» والحديث لعمرو قيس، رئيس لجنة المسئولية الاجتماعية للشركات بغرفة التجارة الأمريكية، مشيرا إلى أن حق العامل على مؤسسة العمل لا يقتصر فقط على احترام حقوقه القانونية ولكن توفير الفرص التدريبية له لتطوير مهاراته.