قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية أثر سلبا على تدفق البريطانيين على الدول الخليجية الغنية بالنفط بحثا عن فرص عمل. وقدرت الصحيفة في تقرير لها أمس الأحد- أن أكثر من 150.000 عامل بريطاني وعائلاتهم يعيشون في الوقت الحالي في الإمارات العربية المتحدة وحدها، ما يشكل أكبر جالية غربية في منطقة الشرق الأوسط. وذكر التقرير أنه على الرغم من أن ثمة عدد صغير فقط من هذه العمالة الوافدة يعمل بصورة مباشرة في صناعة النفط، فإن كل تلك العمالة تعتمد على الثروة البترولية الضخمة في المنطقة والتي تدعم النمو الاقتصادي في الدول ال 6 الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها الإمارات والسعودية وقطر. واستشهد التقرير بالبيانات التي أصدرتها مؤسسة "ميدل إيست إيكونوميك دايجيست" Middle East Economic Digest والتي خلصت إلى أنه إذا ما وصل متوسط سعر برميل النفط 65 دولار في العام المقبل- يتم تداوله الآن عند مستوى أقل من 60 دولار للبرميل- سوف ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس بمعدل 13 %، وسوف تعلن الدول الخليجية كلها أول عجز في حسابها الجاري منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي. وأشار التقرير إلى أن الهبوط الحاد في النمو الاقتصادي ولاسيما في اقتصاديات المنطقة الرئيسية مثل السعودية، سوف يؤثر سلبا على معدل الإقراض المؤسسي والموازنات أيضا. وكان صندوق النقد الدولي قد حذر بالفعل مؤخرا من أن البلدان الخليجية يتعين عليها أن تقلص أعداد الوظائف التي تمولها الدولة ومن ثم سوف تتراجع أعداد الوظائف التي تشغلها العمالة الوافدة. وأستطرد صندوق النقد الدولي في تقريره أن " ثمة حاجة لوضع قيود صارمة على الوظائف والأجور بالقطاع العام، وينبغي تقديم تلك الوظائف إلى الأشخاص المؤهلين بالفعل لشغل تلك الوظائف." وبدأت بعض المدن الخليجية وفي مقدمتها دبي التي أسست اقتصادها على العمالة الوافدة في المنطقة، في الشعور بتداعيات القرار الذي اتخذته السلطات في المملكة العربية السعودية بإشعال فتيل حرب أسعار نفطية عالمية. وكان سوق دبي المالي- يُنظر إليه على أنه مقياس للمخاطر في المنطقة التي هوى سوق الأسهم بها بنسبة 7% هذا الشهر وسط مخاوف من التأثير الذي ستخلفه أسعار النفط المنخفضة على أكثر الاقتصاديات المحلية المتنوعة في عموم المنطقة. وعلى الرغم من أن سوق أسهم دبي قد تعافى منذ ذلك الحين، لا يزال ثمة خبراء يحذرون من أن الطفرة التي حققتها العمالة الوافدة على مدار عقد كامل في المنطقة قد تصل إلى نهايتها ما لم تعاود أسعار النفط الصعود إلى مستويات أعلى من 80 دولار للبرميل في المستقبل القريب. وقال بيتر كوبر، مؤسس شركة " أرابيان موني" Arabian Money إن " العمال الوافدون يبدون غير قلقين ويعتقد معظمهم أن الأمر لا يمثل شيئا لهم،" مضيفا " القطاع النفطي مختلف، والمستجدات فيه تتوالى بين الحين والأخر على الرغم من أن السعودية لم تقدم على أي خفض في مستويات الإنتاج حتى الآن." وعلاوة على ذلك، سجل سوق العقارات في دبي أول تراجع به في أربعة أعوام في الربع الماضي، وفقا ل " نايت فرنك" الشركة العاملة في مجال الاستشارات العقارية. وأظهر مؤشر أسعار المنازل العالمي التابع ل"نايت فرنك" انخفاضا في أسعار العقارات في دبي بنسبة 5.2% في الثلاثة شهور الممتدة من يونيو وحتى سبتمبر، قياسا بالربع السابق. وذكرت الشركة في تقريرها الصادر هذا الشهر حول قطاع العقارات في الخليج والذي تدعمه مشتريات العمالة الوافدة، من بينهم الكثيرين من المملكة المتحدة أن " أسعار النفط المنخفضة تقود الكثيرين في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التساؤل عن التأثيرات المحتملة على السوق العقاري. وعلى المدى القريب، ستكون الثقة الضعيفة وتأثيرها على قطاع العقارات السكنية هي الخطر الرئيسي." واختتمت " تليجراف" تقريرها بقولها إنه بصرف النظر عن ما إذا كان الانخفاض في الدخول سيجبر البلدان الخليجية على إصلاح اقتصادياتها التي تفرض ضرائب أقل، يتضح جليا أن الهبوط في سوق النفط سوف يزيد من صعوبة المعيشة للعمال الوافدين. المصدر: مصر العربية