مازالت وزارة تموين الانقلاب ترسل في بياناتها اليومية عن المستثمرين المتقدمين للمشاركة في مشروع المركز اللوجستي العالمي للحبوب الذي تعتزم مصر إنشاءه؛ حتى تكون مخزنًا للسلع الغذائية الاستراتيجية الأهم بالعالم. للوهلة الأولى يبدو المشروع إيجايبًّا غير أن خبراء الاقتصاد والمستوردين كشفوا مؤخرًا أن المشروع وهمي وضرب من خيال حكومة الانقلاب، أو أنه مؤشر لإقدام المنطقة على أسوأ سيناريوهاتها على الإطلاق. حيث كشف المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال الدكتور وائل نحاس في تصريحاته "لشبكة رصد "عن أن المشروع وهمي وليس له أي جدوى اقتصادية؛ لأنه يدل علي عدم جود تخطيط لدي حكومة الانقلاب. وأضاف "النحاس" أن أبرز ما دل على انعدام الرؤية والدراسة الاقتصادية لدى الحكومة هو أن الأرض التي تعتزم "التموين" إقامة المشروع عليها هي أرض عليها نزاع بين الحكومة وأحد المستثمرين . وتابع "النحاس" أن مصر لا تمتلك أيا من طرفي العقد فلا هي منتجة للحبوب التي تعتزم تخزينها، ولاهي تضمن الدول التي ستقوم بالتصدير إليها، خاصة وأن هناك قوانين دولية تحظر علي الدول المستوردة إعادة التصدير مرة أخري ،مشيرًا إلى أنه يمكن ذلك في حالة واحدة وهي أن تتفق الحكومة مع الشركات العالمية بفتح مقرات تصدير لها هنا في مصر، وبحدوث ذلك يصبح المشروع خارجًا عن المسار الذي تعتزم الحكومة الخوض فيه. غير أن المستشار الاقتصادي فجر مفاجأة كبيرة حيث قال" أنا كخبير اقتصادي يصيبني الرعب عندما أسمع عن الفكرة، وهي إقامة مركز لوجستي عالمي للحبوب، وتخزين أكبر كمية من السلع الاستراتيجية؛ لأنه ليس له سوي تفسير واحد فقط وهو أن المنطقة مقبلة علي حرب، وتعتزم تخزين السلع الغذائية لشعوبها". وتابع "النحاس" أن هناك أمرًا آخر يؤكد وهمية المشروع، وهو أن الحكومة اختارت ميناء دمياط تحديدًا وهي تعلم أن شركة موانئ دبي لديها حق إدارة الميناء الحالية ومستقبلًا، ولم توضح بعد ما إذا كانت شركة موانئ دبي ستكون شريكًا في المشروع أم لا. ويدلل الخبير الاقتصادي على صحة كلامه بتصريحات الحكومة بوقف تنفيذ المشروع مؤقتًا؛ لأنه اتضح لها عدم دراسة أي من جوانبه . ولفت "النحاس" إلى أنه حتى لو كانت الحكومة تعتزم تخزين السلع فهل هي لديها الأشخاص الذين يستطيعون جلب السلع لها بأقل الأسعار عالميًّا حتى تستطيع هي بيعه مستقبلًا بأقل من الدول المنتجة له، أم أنها تريد أن تتحمل تكلفتين تكلفة استيراد السلع، وتكلفة إعادة تصديرها مرة أخرى. ويأتي هذا في الوقت الذي صرح فيه أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن المشروع اللوجستي بدمياط غير قابل للتنفيذ، لعدة أسباب منها أنه يجب أن تكون المنطقة مجهزة لبناء أماكن التخزين، كما أن الوزير قال إنه سينشئ بورصة للحبوب، وهذا أيضًا غير قابل للتطبيق؛ لأنه لا يستطيع تسعير أو تحديد أسعار سلع لا ينتجها، فنحن نعتمد على احتياجاتنا من السلع عن طريق الاستيراد. وتابع "شيحة" في تصريحاته ل"فيتو" أمس: هناك بورصات عالمية، وأعتقد أن الدول المنتجة لن تعطينا فرصة للمشاركة بإنشاء بورصة عالمية؛ لأنهم يتحكمون في أسعار السلع وفقًا لمصالحهم الشخصية، ولكن هذا المشروع يساهم في الحفاظ على الفاقد من السلع في مصر لسوء التخزين، ومع الحفاظ عليه ستوفر مبالغ طائلة على مصر. وكانت تموين الانقلاب أعلنت في وقت سابق عزمها إنشاء المشروع اللوجستي العالمي للحبوب، وذلك بإنشاء قباب تخزينية للحبوب بسعات مختلفة تتراوح من 30 ألف إلى 70 ألف طن للقبة الواحدة، ويتراوح ارتفاع القبة من 36 مترًا إلى 38 مترًا، وقطرها حوالي 72 مترًا، وهي تتم لأول مرة في مصر والشرق الأوسط، وهي تحفظ الحبوب لمدة طويلة وبنظام تحكم إلكتروني متطور، إضافة إلى إقامة صوامع وقباب تخزينية حديثة في 3 مناطق تحقق زيادة في الطاقة التخزينية من 2.5 مليون طن إلى 7.2 مليون طن، وأرصفة بحرية ونهرية وأيضًا 5 مناطق استثمارية. وادعت تموين الانقلاب أن مشروع المركز اللوجيستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية المقرر إقامته في دمياط الشهر القادم سوف يستغرق تنفيذه أقل من عامين باستثمارات مليار جنيه، ويوفر الآلاف من فرص العمل، و محور لوجيستي عالمي، ويهدف إلى تحويل مصر للحبوب والغلال لتأمين الاحتياطي الاستراتيجي لمصر من الغذاء، والتصدير لدول المنطقة. ويضاف إلى ذلك، تلك العوائق والتاكيدات على أن المشروع ليس له أي أهمية، وبخاصة مع التقارير التي صدرت عن الأممالمتحدة عام 2009، والتي تشير أن أكثر الدول تضررًا من ظاهرة الاحتباس هي تونس، والإمارات، وجزر البهاما، وبنجلاديش، وسيريلانكا، و فيتنام، ومصر. و في تقرير اللجنة الحكومية الأمريكية للتغيير المناخي يؤكد أن الدلتا التي تصل نهر النيل بسواحل البحر الأبيض المتوسط على امتداد 240 كيلو مترا مهددة بالاختفاء الكامل في مستقبل غير بعيد، و يقول رئيس اللجنة أل غور نائب الرئيس الأمريكي السابق ( 1993 – 2001)، والحائز على جائزة نوبل للسلام لعام2007، إنه سيشمل مجمل مساحة الدلتا البالغة عشرة آلاف ميل مربع. و يقول تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2007 :"إنّ مصر تواجه سيناريوهات خطيرة "كارثية" على علاقة بالاحتباس الحراري؛ حيث إنّ الوضع يبدو خطيرًا حاليًا ويتطلب اهتمامًا عاجلا"، وفقًا للدكتور محمد الراعي أستاذ فيزياء البيئة بجامعة الإسكندرية، و يضيف د." الراعي" قائلا إنه على الأقل 15 % من مساحة الدلتا مهددة بالغرق في خلال هذا القرن، و إن الصيادين و المزارعين في شمال الدلتا والمناطق السكنية و الصناعية الموجودة مباشرة على ساحل البحر وجب عليهم هجرة هذه المناطق. المصدر: شبكة "رصد"