قام "أنتوني دوركين" الباحث البريطاني بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تقرير الاخير على موقع "ميدل إيست آي" بوصف قرار "مركز كارتر" بغلق مكتبه في مصر، وعدم مراقبة الانتخابات البرلمانية القادمة بأنه ”شديد العقلانية"، لكنه لن يقلق نظام الانقلابي السيسي، على حد قوله. وفسر دوركين ذلك الوصف قائلا: ” مهما يكن ما يجري في مصر في الوقت الحالي، فإنه لا يبدو حقا انتقالا حقيقيا نحو الديمقراطية..وبقدر ما أمكنني فهم وجهة نظر المركز، فإن الانتخابات البرلمانية التي أجلت مرارا، ولم يعد واضحا موعد إجراؤها، تحدث في بيئة لا يمكن وصفها بالحرة أو العادلة، وهو ما يبدو لي حُكما راسخ الأساس". وأضاف: ”بعكس انتخابات البلاد الأخرى التي راقبها مركز كارتر، فإن الانتهاكات الانتخابية في مصر ، مثل "تسويد صناديق الاقتراع"، يحتل مكانا هامشيا مقارنة بباقي المشكلات في مصر، وفسر ذلك قائلا: ” أعتقد أن المشكلة تتمثل أكثر في الظروف الخلفية التي تجرى فيها الانتخابات، والتي تبدو أنها تحرم على الإطلاق وجود ملعب تنافسي مفتوح، تعبر فيه كافة الرؤى السياسية عن نفسها". وتوقع الباحث البريطاني ألا يتسبب قرار مركز كارتر في قلق نظام السيسي، قائلا: ”النهج السياسي الذي يتخذه النظام المصري مدروس جيدا ومتعمد..رغم أن مصر تكترث بسمعتها الدولية، لكني أعتقد أنهم لن يكون قلقين للغاية بسبب ذلك، وأعتقد أنهم يعولون أكثر أكثر على البيانات الصادرة من حكومات غربية، لا سيما الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي". ولم تحدد الحكومة المصرية موعدا محددا لإجراء الانتخابات البرلمانية، ويتم تفسير التأجيلات المتتالية للوضع الأمني غير المستقر في مصر، بحسب "ميدل إيست آي"، الذي لفت إلى الدعوى التي قدمها البرلماني السابق حمدي الفخراني في سبتمبر الماضي لتأجيل الانتخابات لعام أو أكثر بسبب الوضع الأمني، واتهاماته لجماعة الإخوان بإمكانية استغلال الحدث في إثارة القلاقل. وتابع الموقع البريطاني: ”لقد قتل الآلاف في الحملة القمعية ضد الإخوان المسلمين، والنشطاء المعارضين للحكومة، في أعقاب انقلاب 2013...ووفقا لمصادر فقد اعتقل أكثر من 40000 شخص منذ يوليو العام الماضي، ويواجه المئات منهم محاكمات عسكرية". ولفت إلى تاريخ الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الطويل مع مصر، حيث توسط في سبعينيات القرن المنصرم لإبرام اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، والتي قادت إلى معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وافتتح المركز مكتبه في القاهرة عام 2011 بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وكان مركز كارتر قد أعلن، في بيان له إغلاق مكتبه الميداني في مصر، مرجعا ذلك إلى ما وصفه بالاستقطاب الشديد الذي تشهده البيئة السياسية في مصر، ومتوقعا ألا تسفر الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها هذا العام عن انتقال حقيقي نحو الديمقراطية. وأضاف البيان أن المركز لن يرسل مراقبين لمتابعة الانتخابات البرلمانية القادمة في مصر، مشيرا إلى أن عمليات مراقبة الانتخابات في مصر سيتم تقويضها بفعل "البيئة التقييدية" في مصر. واعتبر أن مصر شهدت في الفترة الأخيرة عمليات قمع للمعارضين والصحفيين المنتقدين للحكومة، مناشدا السلطات المصرية ضمان حماية حقوق المصريين وحريتهم في التجمع وتكوين الجمعيات والاشتراك فيها. صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية علقت أيضا على قرار غلق المركز قائلة: ” مصر بلا برلمان منذ أكثر من عامين، بعد أن حل القضاء مجلسا منتخبا يسيطر عليه الإسلاميون”، كما نوهت أن القرار يتزامن مع زيادة الضغوط على النشطاء والجماعات الحقوقية في مصر، حيث يتعين على كافة منظمات المجتمع المدني، التي تعتمد معظمها على التمويل الأجنبي، التسجيل لدى الحكومة المصرية، كما مررت القاهرة قانونا يعاقب بالسجن المؤبد على كل من يتلقى تمويلا أجنبيا لتنفيذ مجموعة من الجرائم تتضمن عبارة مبهمة هي ”نشر السلام الاجتماعي”.