نظمت الجبهة الوطنية من أجل التغيير الخميس الماضي ندوة موسعة بنقابة المحامين بالقاهرة تحت عنوان "33 عامًا على نصر أكتوبر... الدروس والنتائج", حضرها د. عزيز صدقي –رئيس وزراء مصر الأسبق ورئيس الجبهة, د. مجدي قرقر –الأمين العام المساعد لحزب العمل, د. محمد علي بشر –عضو مكتب إرشاد الإخوان المسلمين وأمين عام نقابة المهندسين الأسبق, د. عبد الحميد الغزالي –الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين, اللواء طلعت مسلم –الخبير الاستراتيجي وأحد قادة حرب أكتوبر. وقد أجمع المشاركون على أن حرب أكتوبر 73 كانت أكبر نصر حققه الشعب المصري في القرن العشرين على قوى الصهيونية وحلفائها, لولا التدخلات الأمريكية السافرة في مسار المعركة وما تم على أثرها من صفقة مشبوهة بين السادات والصهاينة قام خلالها السادات بالإذعان إلى الشروط و"الأوامر" الأمريكية الصهيونية وكأننا نحن المهزومون!!, ثم كانت اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية المشئومة (كامب ديفيد) والتي تعتبر خيانة لدماء شهداء أكتوبر, وما زالت مصر تجني ثمارها المرة حتى الآن من سيادتها وأمنها القومي. رمضان شهر النصر وفي كلمة حزب العمل والتي ألقاها الدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد, أكد أن رمضان كان على مر الزمان شهر انتصارات للأمة, ففي السنة الأولى من رمضان كان نصر بدر على المشركين, وفي الثامنة كان الفتح الأكبر.. فتح مكة, وفي رمضان أيضًا انتصر صلاح الدين على الصليبيين في حطين, وقضى سيف الدين قطز ومن وراءه الفقيه المجاهد العز بن عبد السلام على التتار الذين ساموا الأمة سوء العذاب, وفي العاشر من رمضان حطمت قواتنا المجاهدة المسلحة بالإيمان أسطورة الجيش الصهيوني والتي حطمها الآن أيضًا حزب الله بنصر الله. من جبن الهزيمة.. إلى عز الانتصار وأضاف قرقر أن مصر قضت ست سنوات فاعلة بعد نكسة 67 -والتي تجرعنا فيها الهزيمة بسبب خيانات القادة وفساد الجيش- وكان أثرها قويًا ودافعًا لصعود المنحنى لتأخذ مصر مكانها اللائق بها في انتصار 73, مشددًا على أن الست سنوات بما حدث فيها من صحوة ونهضة قابلة للتكرار الآن, حيث تعيش الأمة لحظات أمل لم تمر بها منذ نصر 73, فانتفاضة الأقصى تدخل عامها السادس في مقاومة الصهاينة, وانتصر حزب الله بنصر الله في لبنان, وتنتصر الآن قوى المقاومة الشريفة في العراق وأفغانستان والصومال على الحلف الصهيوأمريكي البغيض. واعتبر قرقر أن نصر أكتوبر 73 اثبت أن عباد الله المؤمنين من الممكن أن ينتصروا إذا ما أعدوا العدة للنصر وأخذوا بأسبابه, وكان من الممكن أن نحقق مزيدًا من الانتصارات على ذلك الكيان الهش لولا الاتفاقيات التي عقدها قادتنا معه وكبلتنا عن فعل أي شئ. وأكد قرقر أنه يجمعنا هدفا مشتركا وهو إلغاء اتفاقية كامب ديفيد, ولكن يجب أولا ً إطلاق مصر من قيودها وتحرير إرادة الشعب المصري قبل إسقاطها, مضيفًا إذا كان النظام المصري وحكوماته المتعاقبة قد التزمت ببنود اتفاقية كامب ديفيد, فإن الشعب المصري قد لفظها منذ البداية برفضه التطبيع مع الصهاينة والرضوخ لهم على كل المستويات, وضرب قرقر مثالاً على ذلك بما فعله الطيار المصري علي مراد قبل سنوات والذي رفض في عزة تفتيش طائرته المصرية من قبل الصهاينة في غزة, فكان جزاؤه أن ترك وحيدًا في وجه العواصف الصهيونية, بل وقدمناه للمحاكمة!!! واستنكر قرقر موقف النظام المصري المخالف لموقف الشعب الرافض للتطبيع حيث قام النظام بتصدير البترول والغاز الطبيعي المصري إلى الكيان الصهيوني وعقد الاتفاقيات الاقتصادية معه, واسترجع قرقر فتوى الأزهر الشريف في الخمسينيات بعدم جواز الصلح مع الصهاينة موضحًا أن النظام ضرب بها عرض الحائط حينما أبرم اتفاقية السلام مع الصهاينة رغم أننا كنا المنتصرين مما ترتب عليه تهديد أمننا القومى حتى الآن وتراجع دور مصر عربيًا وإقليميًا. وعن المؤتمر الأخير للحزب الوطني تساءل قرقر: هل تذكر السيد جمال مبارك أخيرًا أن أمن مصر القومي في خطر؟! وذلك عندما عرض ورقته الأخيرة في ذلك المؤتمر متحدثًا فيها عن الأمن القومي المصري. واختتم قرقر كلامه مؤكدًا أنه عندما تتحرر مصر من قيود اتفاقيات السلام مع الصهاينة فسوف تعود في قلب الأمة العربية والإسلامية لتكون في مواجهة الحلف الصهيو أمريكي. الشعب هو المنتصر أما د. عزيز صدقي فقد أكد أن الذي عبر القناة وحقق النصر في 73 هو الشعب فقط وليس النظام, فالشعب هو الذي دفع ثمن النصر غاليًا من دماء أبنائه, وهو الذي تحمل عبء المعركة على كافة المستويات. وشدد صدقي على أن الشعب هو صاحب القرار ويجب على الحاكم أيًا كان ألا يأخذ قرارًا إلا بعد الرجوع إليه, مضيفًا على سبيل المثال أن بيع القطاع العام الذي هو من أملاك هذا الشعب هو أمر مخالف للدستور. وقال صدقي: المفروض أن المنتصر هو الذي يملي شروطه, ولكننا انتصرنا ثم رضخنا للضغوط الأمريكية والصهيونية وتم فرض شروط اقتصادية وسياسية علينا وقبلناها بشكل مهين فأهدرنا النصر الذي حققه أبناؤنا بدمائهم. وأضاف صدقي أن أمريكا الآن تسير على نفس المنهج وتستمر في رسم سيناريوهاتها الوقحة للضغط على دول المنطقة لصالح الصهاينة, متسائلاً: من الذي أعطى الحق لأمريكا أن تفصل اتلشرق الأوسط حسب رغبتها؟! واعتبر صدقي أننا الآن في وضع لا يقل خطورة عن الوضع إبان حرب 73 , مؤكدًا على أننا كما حققنا النصر في 73, فإننا قادرون على تحقيق النصر في هذه الأيام في معركة تقرير المصير. واقترح صدقي أن الخروج من الأزمة التي تعانيها البلاد الآن لن يتم إلا عن طريق تشكيل حكومة قومية من كل الأحزاب والأطياف والقوى السياسية. وعن موضوع البرنامج النووي المصري قال صدقي أنه يجب عدم التسرع في بناء برنامج نووي قبل إجراء الدراسات اللازمة التي تضمن أن يكون هذا المشروع مصريًا خالصًا بعيدًا عن السيطرة الأمريكية عليه.
النصر المخطوف.. والهزيمة السياسية وفي كلمته أكد د. عبد الحميد الغزالي أن انتصار العاشر من رمضان كان نتيجة لثورة الشعب وارادته الحرة والتخطيط الجيد للمعركة, غير أن هذا النصر أُجهض في يوم 16 رمضان وتحديدًا عندما أوقفت المعركة بقرار سياسي غاشم لصالح العدو الصهيوني رغم قدرة الجيش بشهادة قادته على تحقيق مزيد من الانتصارات حتى مع تدخل أمريكا عسكريًا. وأضاف الغزالي أننا هزمنا سياسيًا, وكانت قمة الهزيمة هي توقيعنا لاتفاقية كامب ديفيد. وأوضح الغزالي أن ما نمر به الآن على كل المستويات ما هو إلا ثمار حامضة لعملية خطف النصر الذي تم بموجبه إخراج مصر من المعادلة العربية وأصبحت تعاني من مشكلة فساد واستبداد مزدوجة.