حثنا النبي محمد عليه أفضل الصلوات والسلام على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد" [رواه أحمد]. وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: " نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل"[متفق عليه]، كما قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. القيام جنة وقال النبي : "في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام" [رواه الطبراني]. وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه]. وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم]. ولقد أمر الله نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4]. وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه] أسباب لتيسير قيام الليل وذكر الإمام أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل، وقال فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور، الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام، الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه، الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام، الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل. وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور، الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا، الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل، الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل، الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.