تعرض صحفيو "الأهرام" الذين نظموا احتجاجا اعتراضا على سياسة مرسي عطا الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة واتهامه بتخريب وانهيار أعرق وأقدم مؤسسة صحفية في الشرق الأوسط، للاعتداء والتحرش من جانب عمال المطابع والموظفين الإداريين، فيما يعكس حالة من الاستقطاب الشديد جراء القرارات الأخيرة التي أثارت اعتراض الصحفيين، خاصة التي تحرمهم من العمل في أماكن أخرى. واتهم الصحفيون المحتجون، عطا الله بزرع بذور الفتنة والشقاق بين العمال والصحفيين وتحريض العمال للاعتداء عليهم في سابقة لم تحدث في تاريخ "الأهرام" من أجل الحفاظ على كرسيه والبقاء في رئاسة المؤسسة "ولو على جثثهم"، كما اتهموه بأنه أول من خالف القانون، معتبرين أن وجوده في المؤسسة غير قانوني. وكان العمال قاموا برفع عطا الله على الأعناق، مرددين الهتافات المؤيدة له، والتي قابلها على طريقة السياسيين بالتلويح لهم، وعلى وجهه ابتسامة عريضة، في الوقت الذي قام فيه حرسه الخاص وأفراد امن المؤسسة والعمال بالاعتداء بالضرب على الصحفيين والصحفيات أثناء محاولاتهم شق طريق الموكب الاحتفالي لرئيس مجلس الإدارة وهو يدخل من الباب الرئيسي في طريقه لمكتبه. ورد الصحفيون على هتافات العمال بترديد هتافات "باطل. باطل" في إشارة إلى أن استمراره في رئاسة المؤسسة باطل قانونا، بعد أن تجاوز السن القانونية للإحالة إلى التقاعد، ولم يتم التمديد له بقرار رسمي حتى الآن. واجتمع الصحفيون مع أسامة سرايا رئيس تحرير "الأهرام" وطالبوه بمنع نشر مقال مرسي عطا الله وبمعالجة الخلل الكبير في الأجور، بعد يوم واحد من قرار مجلس إدارة "الأهرام" بتسوية رواتب الذين تقل رواتبهم الأساسية عن مبلغ ألف جنيه. واتفق الصحفيون في أعقاب الوقفة الاحتجاجية على إرسال مذكرة لرئيس الجمهورية يطالبونه فيها بتطبيق القانون وتعيين رئيس جديد للمؤسسة بعد انتهاء فترة عطا الله وخروجه للمعاش منذ حوالي عام، وتضمنت المذكرة اتهام مرسي عطا الله بتحريض العمال للاعتداء على الصحفيين الرافضين لسياسته. وقرر الصحفيون تنظيم مظاهرة أمام رئاسة الجمهورية، للمطالبة بتطبيق القانون وحماية "الأهرام" من الانهيار بوصفها احد أهم المؤسسات ذات الصلة بالأمن القومي المصري، وهددوا بمزيد من التصعيد إذا نفذ عطا الله تهديداته بمعاقبة الصحفيين الذين تظاهروا ضد سياسته. يأتي هذا في الوقت الذي تعرض فيه عبد المحسن سلامة وأحمد النجار عضوا مجلس إدارة "الأهرام" لهجوم شديد من زملائهما الصحفيين المحتجين على سياسات عطا الله، حيث اتهموهما بالانحياز إلى جانبه، لتحقيق مكاسب ومنافع شخصية والتخلي عن مساندة زملائهم، رغم أنهم يمثلونهم في مجلس الإدارة. وكان الصحفيون المشاركون في احتجاج الأمس طالبوا زملاءهم المنتخبين في مجلس الإدارة بتقديم استقالة جماعية مسببة احتجاجا على الأحداث التي تشهداها المؤسسة وللتنديد بقرارات عطا الله ضد الصحفيين، وهي الدعوة التي رفضها كل من عبد المحسن والنجار. في حين أبدى أسامة غيث مدير التحرير وعضو مجلس الإدارة استعداده لتقديم استقالته من عضوية مجلس الإدارة، شريطة أن تكون استقالة جماعية مسببة، رغم أنه تم تعيينه بقرار من مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة وليس منتخبا من الصحفيين. أما العضوان الآخران الممثلان للصحفيين في مجلس الإدارة، وهما أسامة سرايا وإبراهيم حجازي فهما محسوبان على الإدارة الموالية لعطا الله، ولا يتوقع الصحفيون أن يستجيبوا لمطلبهم ويتقدموا باستقالتيهما. إلى ذلك، أصدر 40 صحفيا ب "الأهرام" يعملون في إصدارات صحفية وفضائيات عربية خارج مصر، بيانا عبروا فيه عن تضامنهم وتأييدهم لمطالب زملائهم المحتجين على سياسة مرسي عطا الله، بعد أن شكوا مما وصفوها ب "أسوأ أساليب الضغط والاستغلال" التي تمارسها من المؤسسة أجل مد إجازاتهم. وعبر الموقعون على البيان عن استنكارهم ورفضهم التام لما تشهده مؤسستهم من قرارات غير مسبوقة، قالوا إنها "تحط من كرامة الصحفيين وتهدر من قيمتهم وتفتح أبوابا واسعة للضغط على إرادتهم وأقلامهم وضمائرهم عن طريق التعسف في استخدام السلطة وخرق الخطوط الحمراء في طريقة التعامل مع الجماعة الصحفية". وأشاروا إلى أن هناك أكثر من خمسين صحفيا بمؤسسة "الأهرام" ينتظرون تعرضهم لأكبر مذبحة للفصل الجماعي في تاريخ الصحافة المصرية، بسبب "تعنت" إدارة المؤسسة ورفضها لتجديد إجازاتهم للعمل في الخارج، فضلا عن القرارات "الانتقائية" لمجلس إدارة المؤسسة بحق زملائهم الذين يتعاملون مع قنوات فضائية أو صحف أخرى، وممارسة التضييق عليهم، بينما تغض الطرف عن آخرين يمتلكون القدرة أو الحظوة للاستثناء منها. وأكدوا أن هذه المشكلة ستظل قائمة طالما تصر اللوائح الداخلية على عدم التفرقة بين (الصحفي) و(الموظف الإداري أو العامل) حيث أن خصوصية العمل الصحفي وارتباطه بأهم الحقوق الإنسانية وهو حرية التعبير يتطلب اختلافا في طبيعة اللوائح التي تحكم علاقته بمؤسسته. وطالب صحفيو "الأهرام" بالخارج بسحب القضايا العمالية التي قامت إدارة الأهرام برفعها ضد أكثر من خمسين صحفيا، كجزء من إجراءات فصلهم، بعد أن رفضت تمديد إجازاتهم للعمل بالخارج، مع إعادة النظر في اللائحة الداخلية للمؤسسة التي لم تعد تتفق مع توجيهات الرئيس حسني مبارك بشأن فتح باب الإجازات بدون مرتب بدون حد أقصى لجميع العاملين بالدولة. وقالوا إن هذا الطلب وقع عليه أكثر من 800 صحفي ب "الأهرام" وتمت تزكيته من مجلس نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى أن اللوائح الداخلية المنظمة للعمل في باقي المؤسسات القومية (فيما عدا الأهرام) قد تم تعديلها لتفتح باب الإجازات بدون مرتب بدون حد أقصى كما حدث في "دار التحرير" و"أخبار اليوم" و"وكالة أنباء الشرق الأوسط". كما دعوا إلى إنهاء "حالة الضبابية" القانونية التي تحيط برئيس مجلس إدارة "الأهرام"، بعد أن مرسي عطا الله السن القانونية منذ فبراير 2008، "وأصبحت شرعية القرارات الجوهرية التي يتخذها محل طعن من الناحية القانونية".