حذر السودان من أي خطوة لمباشرة الإجراءات القانونية التي طالب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو باتخاذها ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور غرب البلاد، وجدد دعوته مجلس الأمن إلى تعليق هذه الإجراءات. وجاء التحذير السوداني بعد اجتماع لمجلس الأمن تمت خلاله مناقشة الموقف في السودان واحتمال تحرك المحكمة الجنائية الدولية للعمل على اعتقال الرئيس البشير. وقال سفير السودان لدى الأممالمتحدة عبد المحمود عبد الحليم إن موقف السودان من المذكرة التي أصدرها أوكامبو منذ شهور مطالبا باعتقال البشير هو "الإلغاء الكامل لهذا الكيد السياسي والمشبوه". وأضاف أن بعض الدول مثل الصين وروسيا وعدد من الدول العربية ودول عدم الانحياز، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي، طالبت بتأجيل هذه الإجراءات، مشيرا إلى أن السودان ارتأى أن يدعم هذا الطلب لأنه يرى أنه "يخدم قضية السلام في دارفور". إساءة للسودان واعتبر عبد الحليم في تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة الإجراءات التي يطالب بها أوكامبو "إساءة لشعب السودان وقيادته"، مضيفا أن الجهات المعنية في السودان "تدرس كافة الخيارات للتصدي لهذا الكيد السياسي". ومن المقرر أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية في وقت لاحق من الشهر الجاري قرارا بشأن ما إذا كانت ستصدر مذكرة اعتقال بحق البشير. ومن جهته طالب أشرف قاضي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان مجلس الأمن بدراسة ما سيحدثه صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال البشير من آثار على تنفيذ اتفاق السلام الشامل الموقع بين شمال السودان وجنوبه. وقال قاضي في تقرير دوري قدمه إن الحكومة السودانية قدمت تطمينات بضمان سلامة موظفي الأممالمتحدة العاملين على الأراضي السودانية. دعوة أميركية ومن جهة أخرى دعا المبعوث الأميركي إلى السودان تيم شورتلي الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة المسلحة المعارضة إلى توقيع اتفاق لوقف "الأعمال العدائية" في دارفور يوم 9 فبراير الجاري في الدوحة. وتزامنت هذه الدعوة مع إعلان الجيش السوداني استرداده منطقة مهاجرية الواقعة على بعد 80 كلم من نيالا عاصمة جنوب دارفور من قبضة الحركة، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من اشتباكات مع متمردين يقول مسؤولو الأممالمتحدة إنها أسفرت عن مقتل 30 شخصا على الأقل وأجبرت آلاف المدنيين على الفرار. وقال مدير مكتب حركة العدل والمساواة في فرنسا صادق يوسف إن تصريح شورتلي جاء بعد مناقشات بدأت في باريس وانتهت في واشنطن، حيث ذهب وفد من الحركة إلى العاصمة الأميركية وأجرى مباحثات "إيجابية جدا". وأضاف يوسف في اتصال هاتفي مع الجزيرة أن مباحثات واشنطن تركزت على مطالب الحركة، وقال إنه جرى الاتفاق على المشاركة في مباحثات الدوحة التي ستجرى قريبا. وأشار إلى أن وفد الحركة يقوم بجولة في المنطقة وهو في طريقه إلى العاصمة القطرية لإجراء مشاورات أولية يتم بموجبها وضع اتفاق إطار بمثابة مقدمة للمرحلة التالية، وهي مرحلة التفاوض. وقال وزير الدفاع السوداني الفريق عبد الرحيم محمد حسين في لقاء جماهيري بمدينة مهاجرية إن دولا كبرى "تقف وراء الاعتداء على المدينة لخلق واقع جديد استباقا للمفاوضات المرتقبة في الدوحة". ودعا الوزير المواطنين الذين تجمعوا حول مقر قوات حفظ السلام طلبا للأمان إلى العودة لمنازلهم, ونقل لهم تعهدات من الحكومة بتقديم تعويضات للمتأثرين بالحرب. غير أن يوسف نفى أن يكون الجيش السوداني قد أخرج الحركة من بلدة مهاجرية، وقال إنها "خرجت طواعية رغبة في التعاون مع المجتمع الدولي"، نافيا صحة صور بثها التلفزيون السوداني من مهاجرية تظهر استيلاء القوات الحكومية على البلدة. وقال يوسف إن الجيش يبعد عن المدينة 100 كلم وإنه تحرك منذ أسبوعين لكنه لم يصل بعد، حسب تعبيره. ويقول خبراء دوليون إن 200 ألف شخص قتلوا وشرد 2.7 مليون في دارفور منذ حمل متمردون -أغلبهم من غير العرب- السلاح عام 2003 متهمين حكومة الخرطوم بإهمال المنطقة. غير أن الحكومة السودانية تقول إن عدد القتلى عشرة آلاف.